بشارع جانبي، في مدينة نجع حمادي، شمالي محافظة قنا، تتراص عدد من المحال التجارية المتنوعة، يقع من بينها مطبعة قديمة، يظهر على معداتها القدم وطول العمر، ويتناثر على الجدران قطرات الحبر وقطع الورق، التي تُدلل على حقبة معينة في تاريخ الطباعة، التي يرجع عصرها إلى المخترع الألماني، يوهان جوتنبرج، الذي اخترع أول آلة للطباعة.

 
أسامة القاضي، حفيد آل القاضي، ومالك مطبعة "بكة أوفست"، التي قارب عمرها إلى قرن من الزمان، يشرح لـ"مبتدا"، أسس الطباعة القديمة الأوفست، والتي تبدأ بتجهيز الأحبار وعمل الفورمة التي بناء عليها يتم طباعة المطبوعات، وضبط مقياس الورق وذلك عبر بعض الخطوات الأساسية في الماكينات.
 
ويتابع القاضي، أنَّ تلك المطابع القديمة، ما زالت تُحافظ على كينونتها وسط المطابع الحديثة، على الرغم من تأثرها بالطبع بسبب خطواتها المعقدة نسبيًا عن المطابع المتطورة، ولكن على الرغم من كل ذلك أقوم بمتابعة أعمالي في المطبعة، لما تمتلكه من تراث وتاريخ كان شاهدًا على إثراء الحياة الثقافية والتعليمية والتوعوية في محافظة قنا. 
 
ويشير مالك المطبعة، إلى أنه كان في البداية عند إنشاء المطبعة، جرى استقطاب المتخصصين في مجال الطباعة وعدد من "المهنيين والصنايعية"، من أجل تعليمنا تلك الحرفة والمهنة الشاقة، وكانت الطباعة في البداية عن طريق تجميع الأحرف بجوار بعضها البعض، إلى أن جرى التطوير شيئًا فشيئا إلى الطباعة الأوفست.
 
أما عن ارتفاع أسعار الخامات، فيوضح أنه بالفعل تأثرت عملية الطباعة بسببها، خصوصًا وأنَّ الجودة والخامات وما إذا كانت الخامة مستوردة أم محلية، فكل ذلك يُؤثر على عملية الطباعة وأسعارها، ولكن هذا بالطبع لا يعمل على خفض جودتها.
 
ويضيف، أنه في ظل الظروف الحالية، يشكّل العثور على قطع غيار للماكينات اليدوية تحديًا صعبًا، حيث أصبح استخدامها قليلًا جدًا، حتى العمال الحاليين يواجهون صعوبة في العثور على بدائل، وذلك لأن الجيل الجديد ليس لديه أي اهتمام بتعلم استخدام أو صيانة تلك الماكينات القديمة.
 
ويؤكد القاضي، على أنه كان يعمل في مطبعة والده، وتعلم منه الصنعة، فلقد كان يذهب في صغره معه ويشاهد جده ووالده وهما يعملان في المطبعة، حتى تولد عنده حب تلك المهنة، ليقرر بعد وفاته استكمال المسيرة، والمحافظة على الماكينات اليدوية حتى ذلك الوقت.