‎حامد عبد الله حامد‎
مرت في هدوء ذكرى وفاة (فريد الأطرش) المطرب المتميز و الملحن المتمكن و الملك المتوج علي عرش العود الشرقي الأصيل ! و قد جمع  ذلك الفنان العظيم صفات عجيبة قل ان تجتمع في فنان ! اولاً تلك الإرادة الفولاذية التي جعلته يبدع عشرات السنين غناء و ألحاناً و هو مريض بالقلب بسبب طفولته الصعبة المضنية ! إذ أصيب بسببها بروماتيزم القلب الذي أضر بقلبه اشد الضرر حتي توفي بسببه !

و كيف تحمل عبء الابداع عشرات السنين بعد الوفاة المفاجئة المفجعة لشقيقته الرائعة (أسمهان) التي تركت في قلبه المثقل بالمرض العضوي جرحاً نفسياً لم يندمل حتي وفاته ! و قد بدأ رحلته الفنية في أصعب وقت يمكن أن يبدأ فيه فنان ! يتربع علي القمة بلا منازع المطرب الاسطوري و الملحن العبقري و المجدد الأعظم موسيقار كل الأجيال (محمد عبد الوهاب ) كالشمس المشرقة يتحلق حوله كالنجوم (خريجو مدرسته)  مطربين أفذاذ في حجم (محمد عبدالمطلب) و (عبدالغني السيد) و (عبدالعزيز محمود ) و (كارم محمود) و (إبراهيم حمودة ) و (محمد فوزي )  و ملحنين عظام مثل  (السنباطي) و (الشريف) و(صدقي) و غيرهم و مع ذلك فقد شق طريقه الصعب وسط هؤلاء العمالقة بصوت مميز و ألحان شرقية صميمة و استكمل نجاحه بمجموعة من الأفلام الغنائية التي تعتبر علامات مضيئة في السينما الغنائية ! و إذ أخذ من (جبل الدروز) القوة و الصلابة ! فقد أخذ من أسرته (أمراء الدروز) النبل  و الكرم و الشهامة !

و من ذلك ان صديقه الرائع (عبدالسلام النابلسي) دخل المستشفي في بيروت و عجز عن الخروج لعدم قدرته علي سداد الفاتورة ليفاجأ بأنهم يخبروه أن صديقه (فريد ) قد سددها بالكامل . و قد لا يكون ذلك جديداً علي ذلك الصديق الوفي و لكن الجديد أن (فريد) كان أيامها مثل (النابلسي) ! (يامولاي كما خلقتني) ! فإضطر لإقتراض المبلغ كله من صديق (ثالث) لينقذ صديقه (الأول) ! و رغم بزوغ نجم (العندليب) بلون مختلف تماماً فقد استطاع (فريد) الإحتفاظ بقمته الغنائية و محبيه الذين لم (يجرفهم ) التيار (العندليبي) الجديد !  و من ضمنهم الرئيس الراحل (جمال عبدالناصر ) الذي أتي مع (فريد) بما لم يأته مع غيره من الفنانين !

إذ علم ان (فريد ) لن يستطيع حضور العرض الخاص لفيلمه مع (مريم فخر الدين)  لمرضه و رقاده فما كان من (ناصر) إلا أن حضره بنفسه بدلاُ منه تكريماً له ! أما ثاني موقف في ربيع (١٩٧٠) عندما ثار الخلاف بين (فريد) و (العندليب) علي حفل (الربيع) حين أثر كل منهما علي إقامة حفله في نفس اليوم و للمرة الثانية تظهر مكانة (فريد) عند (ناصر) إذ إنحاز لفريد و امر بأن ينقل حفل (فريد ) علي الهواء  ! أما (العندليب ) فيسجل و يذاع اليوم التالي ! سلام عليك يا أميراً نزل من علي عرشه الزائل  ليتوج أميراً دائما للقلوب ! و  ملكاً علي عرش الموسيقي و الأنغام و  العود !  يامن ندين لك جميعاً بأرق النغمات وأغلي الذكريات و اجمل المشاعر في الوجود !