القمص اثناسيوس فهمي جورج
القديس ايرونيموس (جيروم) ، أب كبير من آباء الكنيسة ( مؤرخ - مترجم - مفسر - كاتب سير - ناسك - مؤسس جماعات رهبانية في بيت لحم - وكاهن ورحالة ) .
وُلد حوالي عام ٣٤٢ م، في مدينة ستريدون Stridon على حدود دلماطية. ( كرواتيا) .
في احدى ليالي اعياد الميلاد دخل القديس ايرونيمس جيروم ؛ في كنيسة بيت لحم وشرع يتأمل في التجسد الالهي ؛ وفي سر ولادة مخلص العالم ، ( عند المزود ) فظهر له بغتة يسوع الطفل محفوفا بأنوار بهية ونظر اليه نظرته الالهية الحانية التي تشف رحمة ونعمة عجيبة لايقدر اي لسان بشري ان يصف سموها وحنوها ، ثم جرت بينهما هذه المخاطبة المؤثرة :
قال له يسوع : يا ايرونيمس ، ماذا تعطيني في ميلادي وانت واقف امامي عند المزود ؟
فقال ايرونيمس : ايها الطفل الالهي ها انذا اعطيك قلبي !! ياسيدي !!
قال له يسوع : حسنا جيروم ، لكن هب لي شيئا آخر.
قال ايرونيمس : اقدم اليك جميع صلواتي وسجودي وتوبتي وعواطف قلبي ومشورات حريتي .
قال له يسوع : حسنا ... حسنا
قال ايرونيمس : يارب كلي لك بجملتي لانك تجسدت وصنعت التدبير لتخلصني .. اعطيك كل مالي وكل ما انا عليه ؛ اهبك نفسي كلها ياسيد يا حبيب نفسي
قال له يسوع : لكنني اطلب منك شيئا آخر !؟
قال ايرونيمس : لم يبق لي شيء ياسيدي ومليكي ، اتوسل ان تقول لي ماذا انت مربد ؛ قل لي اي شيء تريد ان اقدم اليك. ؟؟
قال له يسوع : ا يا هيرونيمس اعطني خطاياك. وضعفاتك ! اعطني عثراتك وزلاتك وسقطاتك .
قال ايرونيمس : ماذا تروم يا الهي ان تفعل بها ؟ كيف اعطيك هذه النفايات ؟!
قال له الرب يسوع : اعطني خطاياك كي اغفرها لك بكليتها. وضعفاتك لاسترها ؛ وسقطاتك لاقيمك واحييك فلا تسودك الخطية عليك ؛ ولا تمكث بعد في جحيمك ؛ بل تحيا في نعمة الخلاص الذي من اجله انا ولدت في هذا المزود .
قال ايرونيمس : آه ما الطفك واجملك با يسوع الملك. المحبوب ، فإسمح لي ان اسكب عند قدميك عبرات التعزية والفرح ، ساطرح نفسي كلها عند مغارة مزودك ، فتعال لتولد في كياني ؛ انك ولدت من اجلي انا وصار بك الفرح يامخلصي مسيح الرب .
فهاجت اذ ذاك عواطف الحب في قلب القديس جيروم هيجانا لا يوصف ولم يتمالك ان افاض الدموع الغزيرة ممجدا الرب المعبود ، فلنقدم له حياتنا ليحييها ويبعد عنها كل الاعمال غير النافعة ... ذهبا ولبانا ومرا في العبادة المقبولة وفي خدمة احباء المزود من المرضي والمعوزين والجوعي والمساكين والمظلومين - لاتدعو عيد ميلاده يفوت قبل ان تدعوه وتقبلوه يولد في حياتكم ويسكن فيها ؛ فمعه سيولد الخلاص والصلاح والخير والنور والفرح والمجد والسلامة التي من السموات .. " المسيح ولد " .... " حقا ولد " ؛ المسيح ولد فاقبلوه ومجدوه وارفعوا اسمه : لقد اتي اليكم فتعالوا اليه .