محرر الأقباط متحدون
أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع نائب رئيس لجنة المجالس الأسقفية في الاتحاد الأوروبي المطران أنطوان هروار الذي تذكر الرئيس الأسبق للمفوضية الأوروبية، الفرنسي جاك ديلور، الذي وافته المنية يوم الأربعاء الفائت عن عمر ثمانية وتسعين عاما.
لعب الراحل دوراً هاماً في عملية بناء المشروع الأوروبي كما كان يُعتبر أباً للعملة الأوروبية الموحدة، اليورو. قاد المفوضية الأوروبية بين عامي ١٩٨٥ و١٩٩٥، سعى خلالها إلى صقل القارة الأوروبية المعاصرة، فساهم في إنشاء السوق الأوروبية الموحدة، وفي العملية التي قادت إلى التوقيع على اتفاقات شنغن بشأن التنقل الحرّ بين دول الاتحاد، كما أطلق برنامج إيرازموس للتبادل الطلابي، وعمل على إصلاح السياسة الزراعية المشتركة، وأطلق الاتحاد الاقتصادي والمالي الذي أدى إلى اعتماد عملة اليورو. في شهر آذار مارس من العام ٢٠٢٠ ذكّر قادة دول وحكومات الاتحاد الأوروبي بواجب التضامن من أجل مواجهة جائحة كوفيد ١٩.
في حديثه لموقعنا الإلكتروني رأى المطران هروار أن خيارات الراحل والتزاماته وحتى قراراته الشخصية كانت نابعة من نظرة معينة للإنسان، ونظرة معينة لاحترام النضال السياسي. وذكّر بأن جاك ديلور دافع بشدة عن الفدرالية الأوروبية، وطالب بمزيد من الشجاعة في زمن البريكسيت وإزاء هجمات التيارات الشعبوية على اختلاف أنواعها. وأضاف سيادته أن المسؤول الأوروبي الراحل كان لديه مفهوم خاص وكان مدركاً تماماً بأن القارة الأوروبية قادرة على النمو بفضل قدراتها الخاصة، دون أن تقتصر فقط على نادٍ اقتصادي يتقاسم فيه الأشخاص عدداً من المصالح المشتركة. وقال إن ديلور كان ينتمي إلى جيل اختبر الحرب وكان يعلم تماماً أي نوع من السلام تحتاج إليه أوروبا والدولُ التي كانت تتقاتل فيما بينها.
الرئيس الأسبق للمفوضية الأوروبية أبصر النور في باريس في العشرين من تموز يوليو ١٩٢٥ في بيئة بسيطة وكاثوليكية. وانتمى إلى جمعية الشبيبة العاملة المسيحية، وظل مرتبطاً بها كل حياته. هذا ثم التحق بالاتحاد الفرنسي للعمال المسيحيين وساهم في إنشاء الاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمل، وهو من أبرز النقابات العمالية الفرنسية. ولفت المطران هروار في هذا السياق إلى أن ديلور كان حريصا على ترسيخ المؤسسات الأوروبية في قيم الأنسنة، مشيرا إلى أن دوره السياسي وإيمانه التقيا في مكان ما. في العام ١٩٨٥، وعندما كان ديلور رئيساً للمفوضية الأوروبية قام البابا الراحل يوحنا بولس الثاني بزيارة إلى مقر المجموعة الاقتصادية الأوروبية، وذلك في زيارة الأولى من نوعها لحبر أعظم. وقال البابا فويتيوا آنذاك إنه لقي ترحيباً حاراً من قبل السيد ديلور، مضيفا أن الكلمات التي تفوه بها المسؤول الأوروبي عكست الاهتمام بزيارة البابا إلى المؤسسات الأوروبية.
بعد ثلاث سنوات على تلك الزيارة التاريخية، وبالتحديد في تشرين الأول أكتوبر من العام ١٩٨٨ قام البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة إلى المجلس الأوروبي في ستراسبورغ. وفي العام ٢٠٠٨ كان لديلور لقاء في باريس مع البابا بندكتس السادس عشر خلال زيارته الرسولية إلى فرنسا. في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني لفت نائب رئيس لجنة المجالس الأسقفية في الاتحاد الأوروبي المطران هروار إلى أنه تعرف شخصيا على الرئيس الأسبق للمفوضية الأوروبية أولا في باريس ثم في بروكسيل ووجد فيه شخصاً متحفظاً، لم يكن يتباهى بإيمانه لكنه كان يعيشه يوميا.