ياسر أيوب
فى سنة قديمة انتهت وأخرى جديدة تبدأ اليوم.. كانت وستكون مكاسب وخسائر لا يستطيع تحديدها إلا أصحابها.. وبالتأكيد لا يبقى عدد أو حجم المكاسب دليلًا على القوة أو تصبح الخسائر إشارة إلى الضعف.. إنما القوة الحقيقية لأى إنسان هى احتفاظه بإنسانيته عند المكسب أوالخسارة وأن يبقى كما هو فائزًا أو مهزومًا.. لا تتبدل حساباته وأخلاقه وطباعه حين يفرح أو يحزن وحين يملك أو لا يملك.. واختصارًا لكلام كثير، يمكن التوقف أمام بطلة التنس البولندية إيجا شفيونتيك، التى بدأت 2023 بهزيمة مفاجئة وقاسية أمام الكازاخستانية إيلينا ريباكينا فى الدور الرابع لبطولة أستراليا المفتوحة.
وأنهت 2023 بالفوز على الأمريكية جيسيكا بيجولا فى نهائى بطولة ختام السنة فى مدينة كانكون بالمكسيك، واستعادت من جديد المرتبة الأولى فى التصنيف العالمى للاعبات التنس.. وما بين البداية والنهاية، توالت المباريات والبطولات والخسائر القاسية والانتصارات الجميلة.. ولم تتغير إيجا سواء فائزة أو مهزومة.. ظلت كما هى بنفس هدوئها وصفاء ملامحها وقلبها.. لم يتغير تعاملها مع الجمهور والإعلام وزميلاتها وزملائها فى أشد لحظات توهجها وفرحتها وفى أقسى أوقات ضعفها وانكسارها.. ولم يلتفت كثيرون لهذه النقطة تحديدًا حين يتحدثون أو يتابعون لاعبة التنس الأولى فى العالم رغم أن هذا السلوك هو أجمل ما فى هذه البطلة البولندية سواء داخل أو خارج ملاعب التنس وأى لعبة أخرى.
وهو ليس سلوكًا جديدًا، إنما تميزت به إيجا طول الوقت.. وحين فازت فى 2020 ببطولة رولان جاروس، التى كانت أولى بطولاتها فى الجائزة الكبرى والبطولة الأولى أيضًا لبلدها بولندا.. فاجأت إيجا صحافة العالم بتأكيدها أنها فازت بالبطولة، رغم أنها لم تكن الأفضل أو الأقوى.. ولم تكن لتفوز لولا أخطاء أخريات، إلى جانب تعبها واجتهادها.. وحين خسرت بطولة أستراليا المفتوحة.. لم تحاول اختراع أسباب لخسارتها، إنما قالت ببساطة، دون أن تفقد ابتسامتها، إنها لم تكن الأفضل ولم تكن الأحق أيضًا.. وقبل أن تسافر إيجا إلى بطولة أستراليا الماضية.. كتبت مقالًا أكدت فيه أن الإنسان يصبح أكبر أعداء نفسه حين يخاف من الخسارة والفشل والخطأ، وأن أى إنسان مُعرَّض لأن يعيش لحظات ضعف وخسارة وألم وحزن.. أى إنسان سيعيش طول الوقت مُعرَّضًا للمكسب والخسارة، والمهم هو كيف يتعامل مع هذا المكسب دون غرور وتعالٍ وثقة زائدة أو تلك الخسارة دون يأس وإحباط وانكسار.. ورغم أنها استعادت منذ خمسين يومًا صدارة التصنيف العالمى، وأعلنت سعادتها بذلك، فإنها أكدت أنها تعرف جيدًا أنها لن تفوز دائمًا، ولن تبقى مصنفة أولى، مهما حاولت واجتهدت.
نقلا عن المصري اليوم