Oliver كتبها
لأننا رأينا نجماً غير مألوف إنغمسنا في الفحص و التدقيق.كنا نصعد كل ليل قمة التل لنتعلم ملامحه الجديدة ,نقرأ سطوره فى وجه الفلك.نهبط و نفتح الكتب القديمة لعلنا نعرف تفسيراً للنجم القريب.بقيت أبصارنا تتبع النجوم حتى يرهقنا النظر إلى العلاء.رسم الفراعنة ماضيهم على الجدران و نحن المجوس نقرأ مستقبلنا على صفحة السماء.الفراعنة كانوا يقرأون ما يرسمونه بإرادتهم و نحن فوق التل نقرأ ما ترسمه إرادة الأفلاك.بنا شغف نحو السماء يستولى علينا لا نعرف سببه.نحن المجوس نؤمن أن آلهة السماء تخبرنا برغباتها من خلال حركة النجوم.ترسل رسائلها و تخاطبنا و نحن نفهمها أحياناً.
 
وسط مدينتنا قلة من العشائر لها جذور يهودية . استقروا فى الشتات  بيننا ستة قرون  منذ السبى البابلى.كانت لهم تفسيرات تعيننا حين تفشل علومنا فى قراءة حركة النجوم.سألناهم عن النجم الغريب فأجابوننا بجرأة قائلين: نحن ننتظر ملكاً سيأتى و يخلصنا من كل أنواع السبي هو المسيا. لعل هذا  النجم نجمه.سألناهم ما المسيا ؟قالوا ملك كاهن مرسل من السماء سيخلصنا بصعوبة و مرارة.
 
إذن هو ملك.فبماذا نستقبله.جلسنا دائرة نتباحث.ماذا نقدم للملك؟ حتما الملوك لا تحتاج إلى المال كهدايا لأن فى هذا إستهانة بمكانتها.لكن ماذا سنقدم للملك.هل نصنع له تاجاً مرصعاً لأنه الملك.نضع فى يمينه قصبة من ذهب و نحمل له أيضاً خاتماً لن نستطيع أن نحفر عليه إسمه لأننا لم نعرف إسمه بعد.فلما كان إسمه عندنا غير معروف رسمنا على الخاتم نقشاً .صليباً وسط دائرة كأن ملكه بلا نهاية يجمع الدنيا فيه.
كان بقاء النجم فوقنا يطمئننا أن صاحب النجم راض عما نفعله.
 
- أعددنا الذهب و ظل النجم ينتظرنا.فعرفنا أن الملك راض بالقصبة والصليب بالخاتم و التاج..
 
الملوك عندنا كهنوتها دموى.لها قرابين بشرية.لكن اليهود أخبروننا أن المسيا لن يقبل قرابين كهنة معابد الأمم.لأن هيكله كالسماء يقدمون فيه البخور كالسحاب.حسناً سنأخذ معنا سحاباً كثيراً.بخوراً لهيكله.
 
- جلبنا البخور و يقى النجم ينتظرنا. فعرفنا أن الملك سيقبل بخورنا.
 
لم يكن أحد يشترى النباتات المرة إلا الحكماء لأجل أن يتداوى الملك و حاشيته و من له.كان المر هو دواء الأثرياء.لذلك ما كنا ندرى الكثير عنه.أخذنا معنا طبيباً ليشير علينا أن نشترى المر الخالص .هو سيتولى صناعته من النباتات و الأشواك و التوابل.كان شراء الذهب سهلاً و شراء اللبان صعب قليلا أما شراء المر و صناعته فكان هو الأصعب.هو مرٌ فى كل شيء.فى زرعه و صناعته و طعمه وشراءه.
 
- جمعنا المر و ما زال النجم ينتظرنا ففهمنا أن الملك يريدنا أن نقدم له هذا المر هدية.
 
تفرقنا فى الأنحاء القريبة و البعيدة. نجمع اللبان.نمتحنه,ننقيه حتى إذا إحترق يصلح سحاباً فى هيكل الملك.إذا كان مسيا اليهود سيخلصهم بمرارة فنحن سنجمع له  المر بكافة أشكاله.بأشواكه و توابله.بروائحه الزكية و طعمه المؤلم بمرارة.فليخلصهم المولود.
 
كان مشهدنا غريباً و نحن نشترى موادا لا يشتريها المجوس.ندفع فيها أثمانا لا يدفعه حكماء المدينة.كانت تساؤلات الناس لنا بلا إجابات مقنعة مع أننا حكماء فارس.لأن الناس لم يكونوا يعرفون بعد ماذا سنفعل بهذا كله و لا لمن سنذهب بهذا كله.لكن أكثر الناس ظنوا أننا  سننشئ بهذه الأشياء معبداً خاصاً بنا,حتى أشاعوا أنه سيكون وسط المدينة معبداً المجوس.
 
جعلنا الهدايا فى صناديق فضية كبيرة.كل واحد إنتظر الآخر كى يأتى.تَجَمًعنا بحماس شديد و النجم ما زال فوقنا.وضعنا هدايانا على الجمال الثلاثة الأولى فى قافلتنا .لم نشأ أن نخلط الهدايا معاً مع أنها لنفس صاحب النجم.بثقةٍ يقودها النجم .خَطَونا أولى خطوات رحلتنا.كنا كمن يترك اليابسة ليمشي فوق ماء البحر الأحمر الذى عبره العبرانيون.و مضينا.