حمدى رزق
أن تأتى متأخرًا خيرٌ من ألا تأتى..
قرار حكومة مدبولى وضع (السكر والرز والزيت واللبن والمكرونة والجبن الأبيض) تحت طائلة قانون حماية المستهلك، باعتبارها سلعًا استراتيجية، يُحظر (حبسها) عن التداول، سواء من خلال إخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها أو بأى صورة أخرى، ويعاقب (حابسها) بالحبس والغرامة، قرار يقع فى الفعل المضارع، بلاش نتكلم فى الماضى.
شىء أفضل من لا شىء، قرار الحكومة يعوض غيابًا، الحكومة تسجل حضورًا بعد غياب طال، المهم إثبات الوجود فى السوق، اليد العليا، للجم الأسعار فى الأسواق التى أصابها السُّعار.
ليس كل تأخيرة فيها خيرة، الحكومة تأخرت كثيرًا، الحكومة تتحرك على أرض زلقة، وتواجه شبكة عنكبوتية من اللوبيات الاحتكارية التى تمكنت من مصادرة الأسواق لصالحها ومصالحها، وتموضعت، ولن تسلم للحكومة طواعية.
الحكومة تيقظت متأخرًا لتعاين الأضرار، ومعالجة الآثار السلبية المتخلفة عن رفع يدها طويلًا عن الأسواق تحت زعم حرية السوق، ونظرية العرض والطلب، وهذا زعم مخاتل، والمثال فى أزمة السجاير (المسعرة من المصنع) لاتزال أسعارها متذبذبة، ورغم زيادة الإنتاج لاتزال السجائر شحيحة وأسعارها نااااار!!
إذًا القضية لا هى عرض ولا هى طلب، ولا سوق حرة ولا سوق مقيدة، هناك احتكارات، والحكومة فى قبضتها قانون الاحتكار، أخشى دون (التسعيرة الجبرية المعلنة) للسلع السبع الاستراتيجية وكأن الحكومة تنقش على سطح الماء.
التفاهمات على التسعير (وديًا) تصح فى سياقات طبيعية، ولكن فى الأزمات المخططة التى تعكس بالسالب على الشارع، لا يجوز ترك المستهلك نهبًا لشهوات التجار، عادة «تجار الأرنص» ينشطون فى الأزمات لمص دماء المستهلكين دون استشعار لخطورة المسلك الانتهازى سياسيًا.
«يا مآمنة للتجار يا مآمنة للميه فى الغربال»، والكلام للحكومة، ولو أقسموا بأغلظ الأيمانات، ولو وقعوا على تفاهمات، اللى فيه داء السُّعار لا يكف عن النهش فى اللحم، لا يصح ترك المستهلك أعزل دون حماية من سُعار التجار.
مستوجب دعم القرار الحكومى شعبيًا بمقاطعة السلع التى تزيد أسعارها دون مسوغ، دون ضغط شعبى واعٍ رشيد، أخشى خسارة الحكومة تلك الجولة فى السوق.
بالسوابق التجار يُعرفون، وينكصون عن التفاهمات الحكومية، كم تفاهمات جرت قبلًا، الشركات التى تصدرت مبادرة خفض الأسعار سارعت إلى رفع الأسعار، انتهازًا لدعوات المقاطعة.. فرصة وسنحت.
وهنروح بعيد ليه، إذا كانت سياسة التسعير نجحت فى لجم أسعار السكر، يمكن البناء عليها فى سياسة التسعير التفاهمى الذى تتبناه الحكومة، حذارِ من غدر التجار، إنهم لا يرعوون لتفاهمات ولا يوفون بعهود.
آخِرُ الدَّواءِ الكىُّ، الكىُّ بالتسعيرة الجبرية ترك السوق سداحًا مداحًا لشهوات التجار، لا يستقيم مع قوانين السوق فى المراجع الاقتصادية المعتمدة دوليًا، ولسنا استثناء.
نقلا عن المصرى اليوم