إعداد/ ماجد كامل
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم 25 كيهك بعيد نياحة القديس العظيم الأنبا يحنس كاما ؛ وهو أحد آباء الرهبنة الكبار في القرن الثامن الميلادي . أما عن يحنس كاما نفسه ؛ فاسمه هو "يحنس المصري " وهو النطق القبطي لاسم "يوحنا" أما كاما فهي كلمة قبطية معناها "أسود" وهي مشتقة من لفظ "كيمي" ومعناها "مصر" بالهيروغليفي والقبطي . ولقد ولد هذا القديس في قرية شبرا منصور ؛ وتقع في محافظة الغربية حاليا ؛من أبوين مسيحين تقيين ؛أهتما بتربيته تربية مسيحية حقيقية ؛ وعندما بلغ سن الزواج ألح عليه والديه أن يزوجاه بغير إرادته ؛فما كان منه إالا أن دخل مخدعه وأخذ يصلي إلي الله طالبا من الله أن يساعده علي حفظ رغبته في البتولية؛ وإزاء إلحاح الوالدين ؛تم زواجه من أحدي فتيات المدينة؛ وعندما أعلمها برغبته في حفظ بتوليته مدي الحياة ؛ فوجيء انها هي أيضا لديها نفس الرغبة ؛ وبعد مرور فترة زمنية معينة؛ أبدي لها رغبته في الترهب في أحدي اأديرة للتفرغ للعبادة ؛ فوافقته هي أيضا علي ذلك؛ ,وأبدت إليه نفس الرغبة ؛فشكر الله كثيرا ؛وأخذها إلي أحد بيوت العذاري وتركها هناك ؛فعاشت راهبة نقية بتول حتي مرت الأيام وأصبحت رئيسة للدير . أما هو فتوجه إلي برية شيهيت ؛ وفي الطريق ظهر له ملاك الرب وأرشده إلي دير القديس مكاريوس الكبير ؛فتوجه إلي هناك ؛ وترهب في أحد القلالي .ثم بعد مرور فترة زمنية معينة ؛ظهر له ملاك الرب وطلب منه التوجه إلي دير القديس يوحنا القصير ؛وهناك أسس مجتمعا رهبانيا كبير ؛حيث تجمع حوله حوالي 300 راهب وأخ من طالبي الرهبنة ؛ وهناك بني كنيسة علي أسم السيدة العذراء ؛ حيث ظهرت له ذات يوم في رؤيا وقالت له "إن هذا المكان هو مسكني ؛وإني سأكون مع أولادك كما كنت معك " ؛ ثم أعطته ثلاثة دنانير ذهب عليها علامة الصليب وقالت له " خذ هذه ؛ ووضعها في صندوق الدير ؛وبركة أبني ستكون فيها إلي الأبد" ولما قالت هذا أعطته السلام وملأته بالقوة والسلام ؛ ثم أختفت عنه .
ثم رسم تمت رسامته بالرغم منه ؛ وبعد رسامته بعدة أسابيع طلب بعض الرهبان بالصعيد ان يفتقدهم برعابته ؛ فاستجاب لطلبهم وأخذ ينتقل بين أديرة الصعيد المختلفة ؛ حتي عثر علي دير مهجور فاقام فيه ؛ وسرعان ما سمع الناس عنه ؛فهرعوا إليه لينالوا بركته ؛ وتتلمذ له عدد منهم ؛ وهكذا أصبح ابا ورئيسا كبيرا للدير ؛حتي اكمل جهاده وتنيح بسلام في يوم 25 كيهك سنة 575 ش ( ما يقابل 859م تقريبا ) .
وفي يوم 21 هاتور سنة 1232 ش ( ما يقابل 1515 م تقريبا ) تم نقل جسد القديس من ديره بالصعيد إلي دير السيدة العذراء بالسريان . وذلك بسبب الخراب الذي لحق بالدير في الصعيد نتيجة زحف النمل الأبيض عليه .فتم نقل الجسد الطاهر إلي دير السريان بوادي النطرون ؛ووضعوه في مقصورة كبيرة بالدير ؛ ومعه ايضا الحجر الرخامي المدون عليه تاريخ نياحة هذ1 القديس وثبتوه في حائط الخورس الأول بكنيسة العذراء بالسريان ومازال جسده موجودا هناك حتي الآن .
أما عن دير السريان ؛ قهو أحد الأديرة الأربعة التي مازالت عامرة حتي الآن في وادي النطرون ؛ وهم ( دير السيدة العذراء البراموس- دير القديس العظيم مكاريوس الكبير – دير القديس العظيم اأنبا بيشوي – دير السيدة العذراء السريان ) . وهذا الدير محفوظ فيه جسد القديس ؛فلقد كتب عنه الرحالة فانسليب ( 1635- 1679 ) في كتابه "تقرير الحالة الحاضرة 1671 فقال عنه " في برية شيهيت : أربعة أديرة الواحد غير بعيد عن الآخر : الاول دير القديس مكاريوس ؛الثاني دير أبا بوشي ] بيشوي[ ؛ الثالث دير السيدة العذراء ؛ الرابع دير السيدة العذراء في البرموس ؛ ويقال إنه كان هناك في الأزمنة الماضية ثلاثمائة دير ؛ بقت هناك منها هذه الاربعة فقط ؛ وفي الدير الاخير ] قبل الأخير [ من هذه ؛كتب سريانية كثيرة منسوخة باليد ؛ وعصا القديس أفرام ". ( الكتاب السابق ذكره :- صفحة 163 ).
أما الراهب الفرنسي كلود سيكار ؛ فلقد كتب عنه خلال رحلته لاديرة وادي النطرون خلال عام 1714م تقريبا حيث قال عنه" وكان دير الرسيان اجمل الاديرة وبه حديقة جميلة وشاهدت به جذع شجرة تمر هندي كانت عصا مغروسة للقديس افرام ... ويوجد بدير السريان ثلاث كنائس متداخلة فيما بينهم الاولي للسيدة العذراء الشهيرة بالسريان والثانية الانبا انطونيوس والثالثة لماربقطر ( الانبا صموئيل :-تاريخ أبو المكارم :- عن ما كتبه الأجانب والمؤرخون عن الكنائس والأديرة – الجزء الرابع ؛ صفحة 128 ).
كما كتب عنه علماء الحملة الفرنسية في موسوعتهم الخالدة "وصف مصر " التي وضعها علماء الحملة الفرنسية عام 1809 حيث قالوا عنها " ويملك دير السريان شجرة ماري افرام وهي شجرة مقدسة يبلغ ارتفاعها حوالي 6 متر ونصف ومحيطها 3 أمتار وهي من شجر التمر الهندي ويظن رهبان دير السريان انهم وحدهم الذين عندهم مثل هذه الشجرة النادرة ..... وصوامع الرهبان عبارة عن حجرات ضيقة لا يصلها من الضوء الا عن طريق المدخل الذي يبلغ ارتفاعه اكثر من من متر واثاثهم ليس سوي حصيرة وجرة قلم ...... ؛ ويوجد ثمانية رهبان في دير السريان ( وقتها عام 1809 ) ( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 143 ؛144 ).
كما كتب عنه القمص عبد المسيح المسعودي البراموسي الصغير (1848- 1935 ) في موسوعته الخالدة " تحفة السائلين في ذكر أديرة رهبان المصريين" فقال عنه تحت عنوان "دير العذراء المعروف بدير السريان " " هذا الدير علي اسم العذراء .ودعي دير السريان لأنه كان قبلا يحتوي علي جملة من رهبان السريان والقبط معا . ..... لكنه بعد ذلك لم يبق منه أحد من رهبان السريان بل فيه الآن رهبان القبط فقط . واتساع دير السريان فدان و13 قيراط ( كان ذلك وقت كتابة الكتاب ربما اتسعت مساحة الدير الآن كثيرا ) وطوله من الشرق الي الغرب 146 مترا وعرضه من الشمال الي الجنوب 45 مترا ...... أما عن مبانيه وكنائسه . الغربية علب اسم العذراء وخارج بابها عن يسار الداخل كنيسة الاربعين ؛وكنيسة العذراءالشرقية المدعوة كنيسة المغارة .وكان السريان قبل يصلون في الغربية . وفي حجاب هيكلها بعض كتابة سريانية . وفي القصر القديم كنيسة الملاك ميخائيل وفي الدير جنيينان ( حديقتان ) صغيرتان . وماءه عذب إلا قليلا " . ( المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 67 ).
ولقد كتب عنه ايضا الدكتور رؤوف حبيب ( 1902- 1979 )) مدير المتحف القبطي الأسبق في كتابه "تاريخ الرهبنة والديرية في مصر وآثارهما الإنسانية علي العالم " تحت عنوان "دير السريان " حيث قال عنه " يقع هذ1 الدير علي مقربة من دير الانبا بيشوي وانه أسهل الأديرة وصولا إليها ..... اما عن هذا الدير فكان يعرف باسم دير القديس "يوحنا كاما " حيث توجد كنيسته الاثرية في الزاوية الشمالية الشرقية وتدل ابنيتها علي قدمها وانها أقيمت مع سور الدير نفسه . ولم يكن السريان هم الذين بنوا ديرهم هذا . ولكن حدث أنه وفد جماعة من رهبان السريان عام 984م وتوطنوا في أحد الأديرة ثم استولوا عليه بعد ذلك في زمن غير معروف .... ويعتبر دير السريان من المزارات الهامة التي تجتذب السياح والحجاج كثيرا . وسبب شهرته ترجع في الغالب الي وجود القلاية الاصلية التي يعتكف فيها الانبا بيشوي وما ترامي من أخبار عنها من أن الله كلمه فيها . كما بجوارها شجرة الانبا افرام السرياني وكانت اصلا عصاة ثم تاصلت في التربة ونبتت ثم أروقت .أما النواة الاولي لهذا الدير من مباني هذا الدير فترجع الي القرن التاسع للميلاد وكذلك يؤيد العالم ايفلين هوايت ذلك التاريخ لكنيسة بالدير .ويحتمل أن يكون حصن الدير قد اقيم ما بين عام 840 / 850 للميلاد ..... أما الأحجبة الخشبية ذات الحشوات المطعمة والابواب الفاخرة بحشواتها المنقوشة برسوم بارزة دقيقة تعتبر من أقدم واجمل الآثار النادرة الباقية في الدير . ويرجع تاريخها الي القرن العاشر أو أوائل القرن الحادي عشر غالبا .( المرجع السابق ذكره ؛فقرات مختارة من الصفحات 107 – 109 ).
ومن الكتب الكلاسيكية البالغة الأهمية التي صدرت عن أديرة وادي النطرون ؛نذكر كتاب الأمير عمر طوسون "وادي النطرون ورهانه وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة " ( ولقد صدرت منه طبعة خاصة عن مكتبة الأسرة سلسلة العلوم الإجتماعية 2009 ) ويذكر المؤلف في مقدمة الكتاب أن الكتاب صدر أولا باللغة الفرنسية عام 1931 ؛ ثم ترجم باللغة العربية لأول رة عام 1935 . ولقد كتب المؤلف فصلا خاصا عن دير السريان تحت أسم " دير يوحنا كاما الشهير بالسريان " فقال عنه " وهو الدير القائم الآن لوجود كنيسة يوحنا كاما في زاويته الشرقية الشمالية ولم تكن بمستحدثة فقد دلت علي انها بنيت مع سور دير السريان نفسه . ولما تهدم دير السريان سكن رهبانه في دير يوحنا كاما كما قطن رهبان الأرمن دير الأنبا بيشوي لما تخرب ديرهم ....... ومساحته (وقت كتابة الكتاب عام 1931 ) فدان و13 قبراطا وبه الآن أربع كنائس :-
1- كنيسة العذراء المعروفة بالسريان :- لما أتي الرهبان السريان وحلوا بهذا الدير أعطاهم الرهبان القبط هذه الكنيسة ليقيموا الصلاة فيها وقد ملؤا دوائر أحجبتها بالكتابة السريانية . وتعتبر أفخر كنيسة في الوادي من حيث الزخرفة التي علي حيطانها ونقش حجابها .
2-كنيسة العذراء المعروفة بكنيسة المغارة :- وهي قديمة ينزل إليها بدرجتين ثم يسير في دهليز مربع اتساعه 6x 6 من الأمتار وينزل أربع درجات أخري إلي أرض الكنيسة ولها ثلاثة هياكل . وبداخل الهيكل الوسطاني قبة من الخشب مرفوعة علي أربعة أعمدة وبين العمودين البحري والقبلي والشرقي الشرقيين صورة متصلة للسيدة العذراء من أبدع ما صور في الوجود .
3- كنيسة الملاك ميخائيل بالقصر القديم بناها المعلم إبراهيم الجوهري بعد تجديد ما تهدم من ذلك القصر وكذلك قصر البرموس سنة 1498ش (1782 م) .
4- القصر القديم :- وهو أعلي القصور في البرية مكون من أربع طبقات بينما الأخر مكون من ثلاث فقط وبالطبقة الرابعة كنيسة الملاك المذكورة والمكتبة وهي من أغني مكاتب الأديرة أغلبها قديم جدا من ضمنها كتاب تكريس الكنيسة باللغة القبطية فقط وعلي جلد ماعز مكتوب بأوله سنة 1498 ش ( 1782 م) وكتاب تكريس الكنيسة بالعربية وقليل من القبطي كتب في بلاد الحبش أول أمشير سنة 1166 ش (1450 م) .( المرجع السابق ذكره :- صفحات منتقاة من صفحة 177 – 188 ).
أيضا من الكتب الهامة والقيمة التي صدرت عن أديرة وادي النطرون ؛ نذكر كتاب "أديرة وادي النطرون :- تاريخها – عمارتها- أنظمتها – آباءها " للدكتور المرحوم منير شكري . وقد صدرت منه طبعة خاصة مشتركة بين مكتبة دير السريان العامر وجمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية عام 2008 . أما ما ذكره الدكتور منير شكري عن دير السريان ؛أن أول مصدر رسمي لدينا يشيير الي دير السريان هو جدول موهوب عن الأديرة السبعة كما كانت قبل 1088 ؛ولكن هناك مصادر أخري تذكر بطريق غير مباشر أن هذا الدير كان عامرا في القرن التاسع . لأنه ولو أن موهوب (Mauhub ) كان أول من أشار تفصيلا إلي الأديرة السبعة إلا أنه قد أشير إليه جملة في سيرة البطريرك شنودة الأول ( بعد عام 859م مباشرة ) ؛مما يتضمن أن دير السريان كان موجودا في ذاك الوقت . والمعلومات التي نستمدها من تلك الحواشي أو الشذرات القصيرة الموجودة في مقدمة المخطوطات السريانية التي جلبت من هذا الدير إلي أوربا ؛ والتي كتبها من وهب هذه الكتب أو من كان يقوم علي مكتبة الدير ؛وتؤكد وجوده ؛ وتساعدنا أيضا علي توضيح حالة الدير في ذاك الوقت . .....
وفي منتصف القرن التاسع يشير أحد رؤساء الدير إليه بأسم ( بيت والدة الإله السريان للأنبا بيشوي الذي في برية شيهيت ) . وقد ظل هذا الأسم مدة طويلة كما يبين بعد ذلك حاشية لأمين مكتبة الدير بالعربية في الفاتيكان ......... هذه الألقاب الرسمية لاسم دير السريان ؛تظهر بوضوح أن قبل تولي السريان لإدارة الدير كان أسمه دير والدة الإله للأنبا بيشوي الذي أسس في القرن السادس وأعيد بناؤه مع الدير الأصلي في عهد البابا بنيامين الأول .
وهناك شواهد أخري متفرقة تشير إلي علاقة هذا الدير بالأنبا بيشوي ؛ ففي أثناء زيارة إفرام السرياني لهذا القديس ترك عصاه خارج قلاية الأنبا بيشوي فنبتت ونمت شجرة تمر هندي كبيرة ؛ مازالت مثمرة ليس في دير الأنبا بيشوي ولكن في دير السريان .
ويذكر يوسف السمعاني أنه رأي في أوائل القرن الثامن عشر قلاية ضيقة في دير السريان يقال لها قلاية الأنبا بيشوي ؛ وكانت معروفة (بمحلة الصليب) ؛ وهي مازالت موجودة إلي الآن . وفي عام 1330م زار البابا بنيامين الثاني ( المكان الذي ظهر فيه الرب لأبينا الطوباوي الأنبا بيشوي ) ؛ كما ذكر في كتاب الميرون ؛ ومازالت هذه القلاية في الدير من الناحية الغربية لكنيسة العذراء الرئيسية وبها مذبح بأسم الأنبا بيشوي . ( المرجع السابق ذكره ؛ مقتطفات من الصفحات 234 – 236 ).
ومن أحدث الدراسات التي وصلت إلي عن أديرة وادي النطرون ؛ أذكر "أديرة وادي النطرون ؛ دراسة أثرية وسياحية ؛ دكتورة نيفين عبد الجواد" وقد صدرت منه طبعة خاصة عن مكتبة الأسرة سلسلة العلوم الإجتماعية لعام 2007 ". ولقد كتبت عن دير السريان فقالت عنه " يعتبر دير السريان أصغر اديرة وادي النطرون مساحة إذ تبلغ مساحته الأثرية حوالي فدان و13 قيراط ..... والكنيسة الرئيسبة بالدير هي كنيسة السيدة العذراء السريان ؛وبجوارها من الجهة الشمالية الشرقية تقع كنيسة الاربعين شهيدا .ويوجد في النهاية الشرقية للكنيسة الرئيسية بيت الضيافة الحديث . كما كانت هناك منارتان قديمتان أو زوج من أبراج الجرس Bell Turrets حول قصر الضيافة . وفي عام 1968 بنيت المنارة الأخري أعلي من السابقة علي يمين قلالي الرهبان . والمكتبة الحالية للدير توجد في الطابق الثالث من دار الضيافة الحديث ؛ أما سابقا فقد كانت في الحصن . .... أما عن كنائس الدير تذكر الباحثة كنيسة العذراء السريان the Church of EL-Adra وتعتبر أهم كنائس الدير وأقدمها وأكثرها اتساعا ؛وهي من طراز الكنائس البازيلكية . والكنيسة الأخري هي كنيسة الاربعين شهيدا the Church of 40 Martyrs وتوجد بجوار كنيسة العذراء الاثرية من الجهة الشرقية ؛ وهي مكرسة علي اسم شهداء بسوريا الذين استشهدوا في النصف الأول من القرن الرابع الميلادي ؛ وقد تم تكريسها عام 1782م بعد بياضها . أما تاريخ بناء الكنيسةفيرجع ربما للقرن ال 10 م . وتنقسم هذه الكنيسة الصغيرة إلي صحن وهيكل ....... أما الكنيسة الثالثة فهي كنيسة مريم المغارة the Church of Es-Sitt Mirriam (the Cave) وتشير تسمية هذه الكنيسة إلي وجود سرداب في مكان ما بالكنيسة . ويرجع تخطيط الكنيسة إلي القرن 9 الميلادي ؛أما بقية مبني الكنيسة والمدخل المسقوف porch فيبدو أنهما أحدث .ثم كنيسة الملاك ميخائيل بالحصن the Church of the Archangel Michael وتوجد بالطابق الثالث العلوي بحصن الدير ؛ وتتكون من صحن وخورس وهيكل ؛ يفصل الصحن عن الخورس حجاب خشبي غير مزخرف ؛ ويغطي صحن الكنيسة قبو نصف برميلي ( المرجع السايق ذكره :- صفحات منتقاة من 138- 154 ).
ولقد خص الدكتور ماجد عزت إسرائيل دير السريان بدراسة شاملة ووافية في كتابه الموسوعي " نبع مريم وادي النطرون في كتابات الرحالة من القرن الرابع الميلادي حتي القرن العشرين الميلادي ؛ والصادر عن دار غراب للنشر والتوزيع . ولقد تناول الدكتور ماجد مكتبة الدير حيث قال عنها " نقلت مكتبة دير السريان في عام 1914 ؛ بعد أن شيد القمص مكسيموس قصر الضيافة الجديد . وفي عهد نيافة الأنبا ثاؤفيلس نقلت إلي عمارة الآباء الرهبان التي بنيت عام 1956 م ؛وعهد بها إلي الراهب أنطونيوس السرياني ( المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث فيما بعد ) ؛فقام بفهرستها وتقسميمها إلي أقسام وترقيمها وعمل كارتات لها . وأضاف إليها الكثير من المراجع العربية والأجنبية . ثم نقلت إلي مبني المضيفة التي شرق كنيسة السريان والمنارة القديمة التي بنيت نحو عام 1974 . ومنذ عام 2001 بدأ التفكير في تشييد مبني مستقل بذاته لمكتبة الدير ؛تحت رعاية نيافة الأنبا متاؤس ؛ وقد تم افتتاحها في 19 مايو 2013 م ؛بحضور لفيف من السفراء الأجانب وبحضور مندوبا عن قداسة البابا تاوضروس الثاني البطريرك رقم (118 ) . ويوجد بالمكتبة الكثير من المخطوطات منها ميامر ؛ وطقوس ؛ وتفاسير ؛ وكتب لاهوت وعقائد ونسكيات وقوانين بلغات مختلفة ...... ولهذا تعد مكتبة دير السريان من أهم المكتبات في العالم " ( راجع الفقرة بالكامل عن دير السريان في الكتاب السابق ذكره ؛ الصفحات من ( 351- 374 ) .
ومن أحدث الموسوعات التي ظهرت وكتبت عن دير السريان ؛ موسوعة "الكنائس في مصر منذ رحلة العائلة المقدسة إلي اليوم " للدكتور جودت جبرا ؛ جيرتورد ج . .فان لورن " والتي صدرت عن المركز القومي للترجمة ؛ فتحت عنوان ديرالسريان كتبت تقول " أنشيء دير والدة الاله للسريان في القرن السادس الميلادي بوصفه ديرا مقابلا لدير الأنبا بيشوي ؛ وكان الدير مجتمعا مشتركا يعيش فيه الرهبان السريان والأقباط معا ؛ وعرف الدير بأسم السريان للمرة الأولي في القرن التاسع الميلادي وتأكدت قوة الوجود السرياني فيه حتي القرن الحداي عشر الميلادي .وربما أصبح الدير من جديد قبطيا في القرن الحادي عشر الميلادي ...... ولا تزال كنيسة العذراء (القرن السابع الميلادي ) تحتفظ بمعظم معالمها الأصلية وصحنها وممراتها الجانبية وممر غربي وخورس يعد الأول من نوعه الذي بقي بحالة جيدة ويدل علي أنه قد أدرج في التصميم منذ البداية . وقد بنيت هياكل الكنيسة في وقت لاحق ....... وحتي عام 1988 م ؛ كانت بالكنيسة ثلاث جداريات مرئية رسمت في تجويف ثلاثة أنصاف قباب ؛اثنتان منها علي جانبي الخورس والثالثة بأقصي غرب صحن الكنيسة ( ترجع للقرن الثالث عشر الميلادي) وأدي حريق وقع بأقصي غرب الكنيسة إلي سقوط أجزاء كبيرة من الجص فكشفت الطبقة القديمة الموجودة بأسفل ؛ عن لوحة جدارية رائعة للبشارة أدت إلي القيام بحملة ترميم للكنيسة ؛ وتم العثور حتي الآن علي أربع طبقات من الرسومات الجدارية وكتابات باللغة السريانية والقبطية والعربية يرجع تاريخها إلي ما بين القرنين السابع والثالث عشر الميلاديين . وألقت هذه المعلومات الجديدة الضوء علي جزء مهم من تاريخ الدير وتاريخ الجداريات في الكنائس المصرية ؛ ولا شك في أن تواصل العمل في الكنيسة سيسفر عن مفاجأت جديدة " ( المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 72 ).
وتبقي كلمة أخيرة وختامية عن بعض الرحالة الأجانب الذين قاموا قاموا بزيارة منطقة وادي النطرون عموما ودير السريان خصوصا ؛ نذكر منهم روبرت هنتجون الذي زار المنطقة خلال الأعوام من ( 1678- 1679 ) والياس السمعاني أمين مكتبة الفاتيكان خلال عام 1706 .والراهب اليسوعي كلو د سيكار خلال 1712 . والاب يوسف السمعاني أمين مكتبة الفاتيكان خلال عام 1715 . والرحالة سونيتي خلال عام 1778 .وروبرت كورزون خلال عام 1837 .وهنري تاتام خلال عام 1838 .وقسنطين تشيندروف خلال عام 1844 .
أما أشهر الزوار الاجانب الذين قدموا موسوعة تفصيلية عن اديرة وادي النطرون هو العالم الانجليزي ايفلين هوايت G .H .Evelyn –White ( 1884- 1924 ) الذي قدم موسوعة ضخمة من ثلاثة مجلدات بعنوان "أديرة وادي النطرون وجبل نيتريا THE Monasteries of THE Wadi N Natrun " وقد صدرت خلال القفترة من ( 1926- 1933 ) ؛ والجدير بالذكر أن الأب الراهب الدكتور بولا ساويرس قد قام بترجمة أجزاء من هذه الموسوعة بعنوان "تاريخ الأديرة القبطية في الصحراء الغربية :- مع دراسة للمعالم الأثرية المعمارية لأديرة وادي النطرون منذ القرن الرابع الميلادي إلي النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي " ضمن مشروع الكنوز القبطية ؛ ولقد صدرت هذه الترجمة خلال عام 2017 .
أما آخر كتاب ظهر تناول فيه بالشرح دير السريان فهو – في حدود معلوماتي –كتاب " الميسيحية القبطية في ألفي عام " للعالم الألماني الشهير " أوتو مينارديس " Otto Meinardus ( 1925- 2005 ) والذي قام بترجمته الي اللغة العربية الدكتور مجدي جرجس ؛ وصدر عن المركز القومي للترجمة تحت رقم (2353 ) حيث قال عن دير السريان " يقع دير السريان بعد خمسائة متر غرب دير الانبا بيشوي ؛وارتبط اسم القديس يحنس كاما بدير السريان لقرون عديدة ؛حيث قام رهبان دير السريان عقب تدمير ديرهم ما بين عامي 1330 و1442 م ؛وحملوا معهم رفات مرشدهم القديس ...... واول الرهبان السريان الذين ارتبط اسمهم بالدير ووصلوا الدير في بداية القرن التاسع ؛ وهما متاؤس وابراهام من مدينة تكريت ..... ولقد حاز دير السريان شهرة وأهمية في القرن العاشر ؛ويوجد نقش بالسريانية علي حجاب كنيسة العذراء مريم بالدير . ويذكر النقش أن رئيس الدير ؛موسي بن نصيبين ؛ وهو من أمر بصناعة الأبواب في بطريركية قزمان الثالث (920- 932 م ) بطريرك الاسكندرية ؛ وباسيليوس البطريرك الأنطاكي (932- 935 م ) ؛كما ساهم موسي النصيبي في تزويد مكتبة الدير بإضافات قيمة ؛ وفي أيام بطريركية البابا فيلوثاوس ( 979- 1003 ) أصبح دير السريان في حوزة الأقباط . ( راجع الفقرات الخاصة بدير السريان في الكتاب السابق ذكره ؛ الصفحات من ( 183-187 )
بعض مراجع وأسانيد المقالة :_
1- فانسليب :- تقرير الحالة الحاضرة 1671 ؛ ترجمة وديع عوض ؛ تقديم محمد عفيفي ؛المشروع القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم 1005 .
2- الأنبا صموئيل :- تاريخ أبو المكارم عن كا كتبه الاجانب والمؤرخون عن الكنائس والأديرة ؛ الجزء الرابع .
3- عبد المسيح المسعودي البراموسي الصغير :- تحفة السائلين في ذكر أديرة الرهبان المصريين ؛ دير السيدة العذراء البراموس ؛الطبعة الثانية أغسطس 1999 .
4- عمر طوسون :- وادي النطرون ورهبانه وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة ؛ مكتبة الأسرة ؛ سلسلة العلوم الإجتماعية ؛ 2009 .
5- منير شكري : - أديرة وادي النطرون تاريخها – عمارتها- أنظمتها – آباءها ؛ مكتبة دير السريان العامر بالتعاون مع جمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية ؛ 2008 .
6- نيفين عبد الجواد :- أديرة وادي النطرون دراسة أثرية وسياحية ؛ مكتبة الأسرة ؛ سلسلة العلوم الإجتماعية ؛2007 .
7-جودت جبرا ؛ جيرترود ج . م . فان لورن :- الكنائس في مصر منذ رحلة العائلة المقدسة إلي اليوم ؛ ترجمة أمل راغب ؛المركز القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم 1844 ؛2016 .
8- ه .ج ايفلين هوايت :- تاريخ الأديرة القبطية في الصحراء الغربية ؛ تعريب الدكتور الأب بولا ساويرس ؛ مشروع الكنوز القبطية ؛2017 .
9 – اوتو مينارديس :- المسيحية القبطية في ألفي عام ؛ ترجمة مجدي جرجس ؛ المركز القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم ( 2353 ) ؛2019 ؛الصفحات من ( 183- 187 ) .
10- ماجد عزت إسرائيل :_ نبع مريم وادي النطرون في كتابات الرحالة من القرن الرابع الميلادي حتي القرن العشرين الميلادي ؛ دار غراب للنشر والتوزيع ؛2018 ؛ الصفحات من (351- 375 ) .