الحب، كلمة بسيطة من حرفين فقط، نشأت عنها آلاف القصص التي تحولت إما لأعمال درامية وسينمائية، لوحات فنية، روايات مكتوبة أو حتى يتم ترديدها داخل البيوت، وغيرها من الحكايات التي لم يكشف عنها أصحابها، لكن يمكن للقطة أو صورة أن تمنحنا فرصة للتعرف عليها.

«الطريق طويل، ويا بخت اللي لقى ونس».. مقولة تبدو كحكمة، وصف بها طالب الفنون الجميلة، مينا روماني، صور التقطها لرجل وامراة، تخطيا عتبة الستين عامًا، وهما يجلسان بجوار بعضهما في قداس رأس السنة، بكاتدرائية الملاك ميخائيل بالأقصر. نشرها عبر حسابه على فيسبوك، مشيرًا إلى ملحوظة جعلت لحكايتهما بُعدًا آخر «الزوج يعاني من فقد البصر».
 
استكمل «روماني» ملحوظته حول الصور التي نشرها، مدونًا بالعامية: «وقت القداس كانت بتندهله لما (أبونا) يطلع بالشورية عشان يوقف. ولما (أبونا) يخلص لف بالشورية تندهله عشان يقعد تاني».
 
وتابع: «ووقت الأنجيل لما عرف إنها قاعدة، فضل يندهلها ويشجعها تقف. واللطافة دي كانت قدامي مستمرة فوق الـ 6 ساعات (السهرة والقداس)».
 
تفاصيل قادت المستخدمين للتفاعل مع صورة «روماني» وحكايتها، ومشاركتها على نطاق واسع. ودفعتنا للتواصل مع مينا روماني، للكشف أكثر عن كواليس الصور وحكاية أبطالها.
 
يقول «روماني» لـ«المصري لايت»: «أنا من سوهاج وبدرس في الأقصر، وبحضر دايمًا القداس. وفي مرة تعرفت على عمو من كذا شهرة، هو شخص لطيف جدًا، وتكونت بينا علاقة صداقة. وفي احتفال رأس السنة كنت وراه، بحيث لو احتاج شيء».
 
يضيف المصور الشاب: «دي كانت أول مرة أشوف مراته معاه، هو مش مطالب منه يقف طول القداس، لكن كان مهتم تقوله يقف ويقعد امتى خلال الصلاة».
 
وعن دوافع التقاطه للصور، يقول «روماني»: «الكادر كان بالنسبة لي لوحة، انبسطت بالمنظر واتكرر أكثر من مرة، فمكنش ينفع يتساب من غير ما أصوره، لأني شوفت ربنا حطني هنا لتوثيق اللحظة».
 
ويتابع المصور الشاب: «روحت البيت لقيت الصور حلوة وكنت حابب أنشر المقولة اللي شاركتها (يا بخت اللي لقى ونس عشان الطريق طويل)».
 
لم يتوقع «روماني» أن الصورة، ستجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، بعد مشاركتها، لكنه أشار أن التفاعل جاء ليكرم قصة الزوجين، مضيفا: «تفاجأت إنها انتشرت بشكل رهيب، كأن ربنا حابب يكرم قصتهم، لأنهم أشخاص في غاية المحبة وعايشين حياتهم في رضا».
 
لم يكن لدى مينا تفاصيل أخرى، حول علاقة الزوجان، سوى أنه يسمع ما يتداول عن قصتهما في الكنيسة مثل أنها تفضل الجلوس على الأريكة الأخيرة في مصلى السيدات، لكي لا يغيب عن عينيها حال احتياجه لأي مساعدة.

 
من رواية «روماني» وصوره المنتشرة، دفعنا الفضول أكثر للبحث عن أبطال هذه اللقطات، وبالفعل تمكن «المصري لايت» من التواصل مع الزوج مدحت شوقي، الذي كشف لنا تفاصيل قصة حب عمرها الآن 40 عامًا.
«ربنا حنين».. كلمات كرر «شوقي» استخدامها أثناء المكالمة الهاتفية معنا، ليحكى بأسلوب اتسم بالفكاهة، قصة تعرفه على زوجته، والصعوبات التي مرا بها، ورغمها لم يحيدا عن طريق الحب.
 
يقول «شوقي» لـ«المصري لايت»: «في سنة 1984 كانت بتستغل إخصائية اجتماعية داخل مدرسة وأنا كنت مُعلم. اتعرفنا على بعض وقتها وربنا جمعنا واتجوزنا في سنة 85».
 
ويتابع الزوج: «كانت هي في مدرسة وأنا في مدرسة، وبدأت قصة حبنا من إننا في نفس العمل، وبالتالي اتحقق بيننا الوئام»، واصفا إياها بـ«كانت أيام حلوة».
 
يحكي «شوقي» عن كواليس الصورة المتداولة ويقول: «في الكنيسة الستات بتقعد لوحدها والرجالة لوحدهم، لكن هي بتحب تساعدني عشان موضوع عيني».
 
وتابع «شوقي» أنه في عام 2016 تعرض للإصابة بمرض «التهاب الشبكية الصبغي»، الذي أدى بالتدريج إلى فقدانه للبصر.
 
ويختتم الزوج حكايتهما الشاعرية قائلا: «أنا عندي دلوقتي 67 سنة، وهي أصغر مني بـ3 سنين. من وقت جوازنا بنحاول نصفى لبعض ومنباتش في قلق، وأي حد يعتذر للتاني. وبنشكر ربنا دائما، إحنا معندناش ولاد ربنا عايز كده. وأحب أقولها ربنا يخليكي ليا ويديكي الصحة ويكمل أيامنا على خير».