هالة الجيار
تركها زوجها وسافر لإحدى الدول الأجنبية بدعوة من أحد أقاربه على إتفاق بأنه سوف يجد عملا يدر عليه الكثير من الدولارات '> الدولارات لتحسين دخلهم بعد أن رزقهم الله بستة اطفال فهى وبرغم كونها تعمل طبيبة إلا أنها لم تفلح معها اى وسيلة لتنظيم الاسرة ولم يكن أمامها فى الاخير إلا أن تجرى عملية جراحية حفاظا على صحتها كانت صديقة مُحبة لى تسكن فى الجوار وكانت دائما كلما تقابلنا تثير إعجابى بذكائها وحكمتها وحسن معاملتها وأخلاقها فلقد عوضها الله بكل ذلك عن كونها لم تكن ذات قدر كبير من الجمال. مرت الايام ثقال على صديقتي التى لم أكاد اراها الا وهى تقوم برعاية جميع شؤون بيتها وأطفالها بمنتهى الحب ولم تكل لحظة وهى تعمل كالماكينة توصل أطفالها الى مدارسهم وتذهب لعملها لتعود بهم اخر اليوم محملة بأكياس احتياجاتهم وهى فى كل هذا على أمل انتظار الزوج الغائب الذى طالت غيبته وزادت اعذاره فى تأجيل إرسال النقود وتأجيل الرجوع ويوما بعد يوم تباعدت فترات الاتصالات ولم يعد يعطى اى وعود برجوع قريب إلا أن عرفت المسكينة أنها وقعت فى فخ لم ولن تستطيع الإفلات منه أدركت أنه لن يعود وعليها أن تواجه هذه الحياة بمفردها وقد تعلق بذيل ثوبها ستة من الأطفال خمس بنات وولد واناعرفت كل ذلك منها بالصدفة فى أحد الاعياد وكنت أزورها للسؤال عليها وانهارت بين يدى وبكت هى وبكيت انا لشدة تأثري بأ لمها النفسى الذى سببه لها هذا الزوج الخائن الهارب من المسؤولية احتضنتها وواسيتها وحاولت أن اهدأها وقلت لها أن الله لن يتركها ابدا وسوف ينظر إلى امانتها وإحتمالها وسوف يكافئها ويراضيها و استسلمت صديقتى للأمر ورضيت بالواقع ..ومن يومها لم اعد اراها انثى عادية بل رجلا محارباً قوياً تحتضن أبنائها بحب وتقف مثل الأسد فى ظهرهم ومرت السنوات وهى أمام عينى كما هى بنفس قوة الجهاد والمثابرة وطاقة الحب للجميع لم اراها تبكى وتنوح الزوج الغائب لم تشكو ولو لمرة واحدة لاى من الجارات اللاتى ظلت تساؤلاتهم تلاحقها واين زوجك ؟ وكانت فى الاول تجيب بمنتهى الحكمة بأنه يعمل ليرسل نقودا فالحمل ثقيل وبعد أن طالت المدة إكتفت بإبتسامة فحواها لا اريد الإجابة إلا أن توقفوا عن السؤال وكل واحد فهم ما يريد ..انا اليوم اتصلت بصديقتي هذه.. تلك العملة النادرة لأهنئها بتكريمها من نقابة الأطباء لحصولها على رسالة الدكتوراه وتزامن هذا مع اقتراب موعد خطوبة ابنتها الكبرى التى تخرجت وعملت بأحد البنوك واختها تخرجت من كلية الهندسة والثالثة فى كلية الطب وباقى أبنائها فى مراحلهم الدراسية وهاهو الله يملأ يديها بثمار تعبها وصمودها وإحتمالها الالام النفسية أكثر من الجسدية وكم من الليالى باتت باكية فى حجرتها ولم يعلم بها أحد وكم من المعاناه المادية التى واجهتها فى تربية ستة أطفال وهى لا تملك إلا وظيفتها ومساعدة والديها لها وكأنثى كم من الاحتياج النفسى لدعم ووجود رجل فى حياتها..ولكن الله نظر إلى كل هذا ولم يتركها وعوضها عن السنين التى اكلها الجراد بنجاح وتفوق ابنائها وتفوقها هى أيضاً...

اليوم وفى بداية خطواتنا للعام الجديد رسالتى لكم أحبائي. لكل من يمر بتجربة صعبة أى كان نوعها اين انت من الرب إلهك الذى قال
(لَا بِٱلْقُدْرَةِ وَلَا بِٱلْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ.)  

من منا يستطيع أن يحرك قشة إلا بأمر الرب فتمسك بالرب الإله ولا تشكو ولا تنتظر اى شيئ من أى أحد فقط إرفع يديك وصوتك وصلى وقل مثلما قال إرميا النبى:

(آهِ، أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ، هَا إِنَّكَ قَدْ صَنَعْتَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلْأَرْضَ بِقُوَّتِكَ ٱلْعَظِيمَةِ، وَبِذِرَاعِكَ ٱلْمَمْدُودَةِ. لَا يَعْسُرُ عَلَيْكَ شَيْءٌ.).
رسالتى لكم أن تفعلوا كل شئ بأمانة كما أمر الله وتواجهوا اى مشكلة بإيمان بأن الله أقوى من أى تحدى ولن يترككم تجربون فوق احتمالكم..وأخيرا تمنياتى لكم بعام مبارك جديد تحلقون فيه كالنسور.
ولكم منى كل الحب.