د. أمير فهمي زخارى المنيا
يوجد العديد من المقولات الشائعة والتي يتداولها الناس باستمرار من بين هذه المقولات “القانون لا يحمي المغفلين”، لكن هل تعلم قصة هذه المقولة؟ ومن قائلها؟
إن قصة هذه المقولة تحمل الكثير من العجب والذكاء والحنكه والمكر في نفس الوقت، إذ تدور حول رجل أمريكي كان يعاني هو وعائلته من الفقر الشديد، حيث كانت حالته تثير الشفقة من شدة الفقر.
وذات يوم خطرت على باله فكرة تنتشله من حالة الفقر التي يعانى منها وتغير حاله وتبدلها الأحسن، حيث قرر أن ينشر في الصحف الأمريكية إعلاناً بعنوانه “إن أردت أن تكون ثرياً، فأرسل فقط دولاراً واحداً على صندوق بريد رقم (….) وسوف تكون ثرياً”.
وكعادة البشر صدقوا هذه الكذبة، فبدأ الملايين من الناس بإرسال دولاراً واحداً على صندوق بريده سعياً في الحصول على الثراء الموعود، خصوصاً أن دولاراً واحداً غير مكلف بالنسبة للشخص العادي. ولكن مكر هذا الرجل في الحصول على الثراء من وراء دولار واحد فقط سهل العملية وجعلها تسير كما يريد فهو ليس سوى مبلغ يسير جداً.
وبعد فترة حصل الرجل على مبتغاه، فجنى الملايين من الدولارات من المرسلين، فأصبح من أكبر الأثرياء، وبعدها نشر إعلانا آخر بعد حصوله على الملايين يحمل عنوان “هكذا تصبح ثريا”، موضحاً فيه الطريقة التي اتبعها في الحصول على الملايين.
وبعد نشر الإعلان، اعترض الناس على تصرفه هذا، ورفعوا عليه قضية في المحاكم يتهموه بالنصب والاحتيال، ولكن جاء رد المحكمة عليهم بالمقولة الشهيرة التي تنصف ذكاء الرجل صاحب هذه العقلية “القانون لا يحمي المغفلين“.
عرف في مصر ظاهرة "المستريح"، الذي يجمع أموال البسطاء بزعم استثمارها في مجالات مختلفة، نظير عوائد مالية ضخمة نادراً ما تتحقق، ثم يختفي فجأة.
وقد تكررت وقائع النصب والاحتيال المالي من خلال أشخاص يجمعون أموال الناس لتوظيفها في مجالات تجارة العقارات أو المحاصيل الزراعية والسيارات وغيرها خلال السنوات القليلة الماضية. ووفقا لبعض الإحصاءات الصادرة عن إدارة الأموال العامة التابعة لوزارة الداخلية المصرية، فقد بلغت حصيلة ما جمعه 25 محتالا من المواطنين خلال الأعوام الماضية نحو 5 مليارات جنيه مصري، حيث يتم اجتذاب الضحايا تحت ستار ديني أو وهم الكسب الحلال بعيدا عن فوائد البنوك التي يراها البعض ربا محرما في الإسلام.
يمكن تتبع أصول ظاهرة "المستريح" في مصر، بالعودة إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، والتي شهدت بروز ما كان يعرف بـ "شركات توظيف الأموال"، وأشهرها "الريان"، "السعد" و"الهدى".
عمدت هذه الشركات إلى أخذ الأموال من "المودعين" بغرض "استثمارها" مقابل عائد مادي عال، خاصة بالمقارنة بأسعار الفائدة في البنوك المصرية التي كانت منخفضة حينها. تمتعت هذه الشركات أيضا بغطاء ديني، قدمه عدد من المشايخ، الذين قدموا خدماتها كوسيلة للربح الحلال مقابل "البنوك الربوية".
انتهت ظاهرة "شركات توظيف الأموال" بهروب أو سجن من كانوا يعملون فيها، بعد أن عجزوا عن الوفاء بوعودهم بدفع الفوائد أو رد أموال المودعين. وتسببت قضاياهم وقتها في هزة اقتصادية واجتماعية كبيرة للمجتمع المصري، بعد أن تبخرت أموالُ الناس في مُضاربات وهمية وتجارة في أسواق الذهب والبورصات العالمية بطريقة عشوائية غير مدروسة.
وللأسف مش عاوزين نتعلم من حكايات الماضى ... وها تظل المقولة موجودة “القانون لا يحمي المغفلين”!!!!
د. أمير فهمي زخارى المنيا