أشاد خبراء المال والأعمال بطرح بنكى «الأهلى» و«مصر» شهادات ادخار جديدة بعائد ٢٧٪ سنويًا و٢٣.٥٪ شهريًا، بدءًا من أمس، بشكل إلكترونى «أونلاين»، على أن تُتاح الشهادتان فى فروع البنكين، بعد غدٍ.

 
ورأى عدد من الخبراء، الذين استطلعت «الدستور» آراءهم، أن هذا القرار يعزز الثقة فى الاقتصاد، ويسهم فى السيطرة على معدلات التضخم، وبالتالى الأسعار، من خلال امتصاص السيولة النقدية من السوق، خاصة بعد حلول موعد استرداد شهادات الـ«٢٥٪» و«٢٢.٥٪»، التى جرى طرحها فى يناير الماضى.
 
وتوقع الخبراء أن تجذب الشهادتان شريحة جديدة من المستثمرين، خاصة أن المستهدف من طرحهما هو جمع سيولة نقدية تقدر بـ٥٠٠ مليون جنيه، وبالتالى فإن الخطوة الأخيرة تصب فى مصلحة المواطن والدولة والقطاع المصرفى، وتؤثر إيجابًا على الاقتصاد الوطنى.
 
وقال الخبير المصرفى، محمد عبدالعال، إن طرح الشهادتين جاء فى التوقيت المناسب، ويعتبر قرارًا يخدم الاقتصاد الوطنى، من خلال جذب السيولة النقدية الناتجة عن استرداد شهادات «الـ٢٥٪»، ما يسمح بتحقيق استقرار فى الجهاز المصرفى، ويحافظ على السيولة».
 
وأضاف «عبدالعال»: «طرح الشهادات يعتبر قرارًا مكملًا لتثبيت سعر الفائدة، ويفتح قنوات بديلة لامتصاص السيولة وتنويع الاستثمار، سواء فى أذون الخزانة والسندات، أو شهادات الاستثمار والادخار فى البنوك، مع العلم بأن جزءًا من هذه الأموال سيذهب إلى البورصة أو شراء الذهب والعقارات».
 
وأفاد الخبير المصرفى بأن العائد المرتفع هدفه تعويض العملاء عن ارتفاع معدل التضخم، مع العلم بأن الحكومة تبذل ما فى وسعها للحفاظ على استقرار الأسعار، والسيطرة على معدلات التضخم، وفق مستهدفات السياسة النقدية، متوقعًا وجود تأثير إيجابى من الشهادتين مرتفعتى العائد على امتصاص التضخم، أى السيطرة على ارتفاع أسعار السلع، من خلال التحفيز على الادخار أكثر من الاستهلاك.
 
وقال الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إن القرار كان متوقعًا، وجاء فى توقيت مناسب، ويعتبر خطوة جيدة تدعم عجلة الاقتصاد، مع بدء استرداد المصريين «شهادات الـ٢٥٪» خلال يناير الجارى.
 
وأضاف «الإدريسى»: «القرار له بُعد اجتماعى، لأن العائد من الشهادتين يستفيد منه المواطنون دون أى مخاطر على أموالهم، وفى الوقت نفسه يؤدى للقضاء على التضخم، الذى قد يحدث نتيجة استعادة هذه الأموال وضخها فى السوق، والاتجاه إلى شراء المنتجات والسلع الاستهلاكية، فطرح الشهادات سيشجع أصحاب المدخرات على إعادة وضع السيولة المالية فى وعاء ادخارى بعائد أكبر».
 
وقال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، إن شهادتى الادخار الجديدتين مكملتان لقرار لجنة السياسة النقدية الأخير بتثبيت الفائدة، وهو تكرار لما حدث العام الماضى، عندما طُرحت شهادتا «الـ٢٥ والـ٢٢.٥٪»، بعد تثبيت الفائدة أيضًا.
 
وأضاف «جاب الله»: «إصدار مثل تلك الشهادات هدفه امتصاص قدر كبير من السيولة بعد استحقاق موعد شهادات الـ٢٥٪، لذا فإن هذه الشهادات كانت متوقعة، لكن البعض رجح أن يتم تجديدها بعائد ٢٥٪، والبعض الآخر رجح بأن تكون ٣٠٪».
 
وتوقع الخبير الاقتصادى أن الشهادتين تستطيعان إقناع أصحاب «شهادات الـ٢٥٪» المنتهية بوضع ما لديهم من مدخرات فى هذه الأوعية الادخارية الجديدة، فضلًا عن تأثيرها فى تحقيق تراجع نسبى لأسعار الذهب والدولار فى السوق الموازية.
 
وقال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، إن طرح الشهادتين كان متوقعًا، خاصة بعد انتهاء آجال شهادة الادخار ذات العائد ٢٥٪ التى استحق صرفها فى بداية يناير الجارى.
 
وأضاف «غراب»: «انتهاء شهادات الـ٢٥٪ التى طرحها البنكان فى يناير ٢٠٢٣، وتلقى المودعين قيمتها المالية، قد يدفعهم إلى الاستثمار فى الذهب أو العقارات، أو غيرها من أنواع الاستثمار الآمن، بدلًا من إيداعها فى البنوك، وذلك لحفظ قيمة أموالهم نتيجة ارتفاع معدل التضخم، لذلك أسرعت البنوك فى طرح شهادتىّ الـ٢٣.٥٪ و٢٧٪، لاستيعاب هذه الأموال، وسحب السيولة بدلًا من ضخها فى الأسواق، لأن هذا يتسبب فى زيادة الطلب وارتفاع الأسعار، ومن ثم زيادة معدلات التضخم، الذى بدأ فى الانخفاض خلال الشهور الماضية».
 
وواصل: «بنكا الأهلى ومصر جمّعا نحو ٤٦٠ مليون جنيه من شهادات الـ٢٥٪، وبالعائد المستحق للمودعين الذى يضاف على هذا المبلغ، تصبح السيولة المفرج عنها نحو ٥٧٥ مليار جنيه تقريبًا، وهذه السيولة ليست بقليلة إذا طُرحت فى الأسواق، أو جرى استغلالها فى الاستثمارات الأخرى، لذلك طرحت البنوك شهادات جديدة بعائد جيد، لامتصاص هذه السيولة من الأسواق، والحفاظ على استثمارات عملائها ومنحهم عائدًا مجزيًا».
 
وأكمل: «رغم وجود أوعية ادخارية أخرى طرحتها البنوك من قبل، لكنها بعائد أقل من الـ٢٥٪ وقد لا يلجأ إليها المستثمرون فى الشهادات المنتهية آجالها، منها شهادة البنك الأهلى ذات العائد ١٩٪ ثابت سنويًا، والبلاتينية ذات عائد ٢٢٪ خلال السنة الأولى و١٨٪ خلال الثانية، و١٦٪ خلال الثالثة، وشهادات بنك مصر، وهى تُشبه شهادة البنك الأهلى، وشهادة البنك العربى الإفريقى بعائد ٦٥٪ لمدة ٣ سنوات ويصرف العائد آخر المدة».
 
وقالت رانيا يعقوب، عضو مجلس إدارة البورصة، إن طرح شهادات ادخار بعائد مرتفع من قبل أكبر بنكين فى مصر، يستهدف كبح جموح التضخم، بعد استرداد المصريين «شهادات الـ٢٥٪»، عبر امتصاص السيولة الناتجة عنها، مضيفة: «طرح الشهادات الجديدة بزيادة ٢٪ على السابقة سيؤدى إلى امتصاص السيولة».
 
وأضافت الخبيرة الاقتصادية: «هناك الكثير من المصريين يرغبون فى الادخار فى الشهادات البنكية ذات العائد الكبير، من أجل الاستفادة بالعائد الشهرى أو السنوى للشهادة، وهذا أدى إلى جذب شريحة جديدة من العملاء للاستثمار فى هذه الشهادات الادخارية».
 
وقالت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، إن الشهادات الجديدة تقدم للمصريين استثمارًا آمنًا، وتعد عامل جذب لأموال «شهادات الـ٢٥٪»، وستؤدى إلى امتصاص السيولة الناتجة عنها.
 
وأضافت الخبيرة المصرفية: «هذا الطرح مكلف للبنوك، ولكن البنك المركزى يستهدف امتصاص السيولة وكبح التضخم، إذ إن زيادة السيولة فى السوق ستضغط على السلع والخدمات، وتؤدى إلى زيادة فى القوة الشرائية الاستهلاكية، لذا هذا القرار صائب وجاء فى توقيت مناسب، لأنه يخدم الاقتصاد ككل».