د. وسيم السيسي
لم يُولد فى قصر، بل فى مكان فقير، لم يتقلد منصبًا من مناصب الدولة، لم يَعِش أكثر من 33 عامًا، لم يعلم أكثر من ثلاث سنوات، لم يترك كتابًا بعده، وبعد أكثر من ألفى عام، يحبه ويحمل اسمه أكثر من اثنى مليار نسمة!.
قال عنه أمير الشعراء:
وُلد الرفق يوم مولد عيسى/ والمروءات والهدى والحياء
وازدهى الكون بالوليد وضاءت/ بِسَناه من الثرى الأرجاء
تملأ الأرض والعوالم نورًا/ فالثرى مائج بها وضّاء
لا وعيد لا صولة لا انتقام/ لا حسام لا غزوة لا دماء
ملك جاور التراب فلما/ ملَّ نابت عن التراب السماء
سألوا السيد المسيح: ما الناموس؟، قال: أن تحب الرب إلهك من كل قلبك، وقريبك كنفسك. سألوه: مَن هو قريبى؟، قال لهم قصة السامرى الصالح الذى أنقذ يهوديًّا بالرغم من أنهما عدوان. يقول القديس بولس: لأن ناموس المسيح ليس كناموس اليهود، والدليل على ذلك أن السيد المسيح، فى موعظة الجبل، خالف ناموس اليهود فى «عين بعين»، وقال: لا تقاوموا الشر، وفى السبت للإنسان أن يعمل فيه، وليس الإنسان للسبت، وفى الطلاق خالف شريعة موسى، ومنع القَسَم «الحلفان»، وقال: ليكن كلامكم «نعم نعم أو لا لا».
هدم السيد المسيح شريعة الأشكال والظواهر عند اليهود، وجاء بشريعة الضمير، لذا هاجمهم كثيرًا، وخاطبهم: أيها الكَذَبَة المنافقون، أنتم كالقبور بيضاء من الخارج، ومن الداخل عظام ينخر فيها السوس، أيها المُرَاؤون، تنظفون خارج الكأس، ومن الداخل اختطاف ودعارة، ويل لكم أين تهربون من نار جهنم؟!، تقولون إننا أبناء إبراهيم، الله قادر على أن يصنع من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم.
جاء فى كتاب العقاد، «المسيح»، صورة وصفية للمسيح، على لسان المؤرخ اليهودى بابليوس لنتيليوس الذى قال: ظهر فى هذه الأيام رجل له معجزات كثيرة، ذهبت لأراه، طويل القامة، شعره أجعد لماع إلى جانب الأذنين، جبينه عريض ناعم، عيناه زرقاوان فيهما بريق حاد جدًّا، هذا الرجل لطيف ووديع إذا دعا أو علّم، حازم ومخيف إذا لام أو أنّب. حين يتكلم.. يتكلم كمَن له على الناس سلطان، لم يرَه أحد يضحك، ورآه البعض يبكى، تبدو على وجهه ملاحة ليست فى كثير من الرجال، وتظهر عليه سيماء الملوك والأمراء «العقاد- المسيح- ص 100».
مخطئ مَن يعتقد أن السيد المسيح لم يكن ثوريًّا!، إنه الثائر الأول، جاء لعالم، الرومانى سيد العالم بسيفه، واليهودى سيد العالم بحق إلهه، وكلهم مثال للهمجية وسحق الإنسان، جاء ليعلمهم أن الحب هو أفضل الفضائل، وأفضل الحب هو حب الأعداء.
هدَم شريعة الكبرياء وجاء بشريعة الحب، هدَم شريعة الطقوس والنصوص وجاء بشريعة الضمير، هدَم شريعة المظاهر والتفاخر وجاء بشريعة القلب النقى والضمير السليم، هدَم تحجر العقائد الوثنية عند الرومان وتحجر العقائد الكتابية عند بنى إسرائيل، وعلمهم أن الإنسان بما يُضمره ويفكر فيه، وليس بما يُقيمه من معابد ليصلى فيها.
متى صليتَ ادخل مخدعك، ومتى صمتَ اغسل وجهك، ومتى أعطيتَ فلا تعرف شمالك ما أعطته يمينك!. كان ثوريًّا حين دخل الهيكل، ووجد موائد الصيارفة، قلّبها، وقال: جعلتم الهيكل مغارة لصوص.
سنة جديدة وعيد ميلاد سعيد، تهنئة لشعب مصر العظيم، وللربان الماهر، الرئيس عبدالفتاح السيسى، قائد سفينتنا فى بحر هائج من كل اتجاه، وللبابا تواضروس الثانى الذى أحبه كثيرًا، أتمنى أن يكون عيد الميلاد القادم 24 ديسمبر، فهو الأصح فلكيًّا، وقد قلت هذا للبابا شنودة الثالث، فكان الرد: هذا صحيح، وأنا عارف كده!، سألته: ولماذا لا يكون العيد 24 ديسمبر؟. أدرك وسيم السيسى الصباح، فسكت عن الكلام المباح!!.
نقلا عن المصرى اليوم