إعداد/ ماجد كامل 
من بين الرواد الأوائل الذين كان لهم دور كبير فى إرساء دعائم علم الوثائق فى مصر ، يأتي ذكر الأستاذ الدكتور توفيق إسكندر من بينهم . وبالرغم من الأهمية الكبيرة التي يحتلها هذا العالم ، إلا أنه مع الأسف لم أجد أي معلومات كافية عنه ، فلم أتمكن من معرفة لا تاريخ ميلاده ولا تاريخ وفاته ، و لولا الدراسة  القيمة التى قام بها الأستاذ الدكتور عماد  أبو غازي بعنوان "رواد الدراسات الأكاديمية في  مجال الوثائق  ، ونشرت فى مجلة الدراسات التاريخية والحضارية المصرية  ، جامعة بني سويف – كلية الآداب – قسم التاريخ . جاء فيها عن توفيق إسكندر " درس التاريخ في مصر ثم سافر  إلي فرنسا  وحصل على دبلوم مدرسة الوثائق  عام 1953 ،ليعود بعدها إلى مصر ليلتحق يمعهد الوثائق ، ثم قسم الوثائق بكلية الآداب جامعة القاهرة  ، وتدرج فيه حتى صار رئيسا للقسم خلال الفترة من (1967- 1969 )  ، وقد قام بدراسة الوثائق العربية فى الأرشيفات الإيطالية التي ترجع إلي مرحلة العصور الوسطي ، ودرس كذلك الوثائق الأوربية المرتبطة بالعلاقات بين  مصر المملوكية والجمهوريات الإيطالية ، فقدم إضاءة مهمة على التاريخ المصري  فى العصر الوسيط من خلال دراسة الوثائق التي قام بترجمة بعضها إلي  اللغة  العربية ونشرها محققة  . كما بدأ المشروع العلمي  بدار الوثائق القومية ، بنشر السجل الأول من السجلات العربية بديوان المعية السنية ، بالأضافة  إلي كتابته فى مجال الأرشيف ، ومحاضراته المطبوعة حول المؤسسات الثقافية القومية الكبرى : الأرشيف والمكتبة والمتحف والفارق بينها . 
 
لكن الأثر العلمي الأكبر الذي  تركه توفيق إسكندر يظل فى مجال تخصصه الأساسي ، أعني التاريخ  اللذي الف وترجم فيه العديد من الدراسات المهمة ، وقدم من خلال بعضها أعمال أعمال رواد مدرسة الحوليات فى فرنسا ، ومن أهم هذه الترجمات اشتراكه فى ترجمة كتاب ديل عن جمهورية البندقية ، وتلاه  ترجمة كتاب إيمري نف  المؤرخون وروح الشعر ، وترجمته لمجموعة من الدراسات فى التاريخ الاقتصادي بعنوان : بحوث فى التاريخ الاقتصادي ( عماد أبو غازي : المرجع السابق ذكره ، أكتوبر 2016 – المجلد الأول – العدد الأول – الصفحات من 337- 361 .) . 
 
ومن بين الكتب التي  قام بمراجعتها ، او مراجعة ترجمتها نذكر :-
1-قاموس مصطلحات الوثائق والأرشيف : عربي . فرنسي . إنجليزي للدكتورة سلوي علي ميلاد ، مراجعة توفيق إسكندر ،دار الثقافة للطباعة والنشر ، 1982 . 
2-إيمري نف :- المؤرخون وروح الشعر  : دراسة لإسهام الأدب والعلوم الأدبية فى تدوين التاريخ منذ عهد فولتير ، ترجمة توفيق إسكندر ، مراجعة محمد شفيق غربال . 
3-سفندال :- تاريخ الكتاب منذ أقدم العصور  إلي الوقت الحاضر ، ترجمة محمد صلاح الدين حلمي ، مراجعة الترجمة توفيق إسكندر ، المؤسسة القومية للطباعة والنشر 1958 . 
4-شارل ديل :- البندقية جمهورية ارستقراطية ، ترجمة أحمد عزت عبد الكريم ، توفيق اسكندر ، دار المعارف بمصر ،1948 . 
5- الجمعية المصرية للدراسات التاريخية :- بحوث فى التاريخ الإقتصادي ، ترجمة توفيق إسكندر نمطابع دار  النشر للجامعات المصرية ، 1961 . 
أما عن المقالات ،  يوجد له مقالتان على موقع الشارخ للمجلات الأدبية والثقافية العربية هما :- 
1-نظام المقايضة فى تجارة مصر الخارجية فى العصر الوسيط :- المجلة التاريخية المصرية ، مايو 1957  ، الصفحات من 37 – 46 . 
2-دور الوثائق التاريخية  :- مجلة المجلة ، سبتمبر 1958  ، الصفحات من 124-  126 . 
والجدير بالذكر أن كتاب " المؤرخون وروح الشعر " قد صدرت منه طبعة حديثة عن المركز القومي للترجمة  سلسلة " ميراث الترجمة " تحت رقم ( 2495 ) . وقد صدرت الترجمة عام 2016 . 
ولقد ذكر الدكتور عماد أبو غازي  ، أنه القى سلسلة من المحاضرات فى دار الوثائق القومية نذكر منها :- 
1- المحاضرة الأولى "فى الوثائق التاريخية" :- يشرح فيها الفروق بين المؤسسات الثقافية الثلاث : (دار الكتب –دار الوثائق – دار الآثار ) .
2- المحاضرة الثانية " فى الوثائق التاريخية " :- ويشرح فيه تاريخ تطور الاهتمام بالوثائق والأرشيف عبر العصور المختلفة .
3- المحاضرة الثالثة :-" الوثائق التاريخية القومية "  ، ويشرح فيها أهمية دار الوثائق القومية التي أنشئت بعد صدور القانون رقم 256 لسنة 1954 بإنشاء دار الوثائق التتاريخية القومية . 
 
كما توجد له دراسة عثر عليها فى الأوراق الخاصة بسيادته ، والتي أهدتها زوجته إلى مكتبة كلية الآداب جامعة القاهرة عقب وفاته ، وهي بعنوان :-
1-السلسلة الأولى :- المعاهدات : (1 ) سفرة بيرو ودبيدو ومعاهدة تنازل مصر عن قبرص 1490 . 
ولقد ذكر  سيادته فى المقدمة ، أن هذه المحاضرة ضمن سلسلة من أربعة أقسام تشمل :-
1-السلسلة الأولى :وتشمل المعاهدات السياسية ثم التجارية من القرن الثالث عشر إلي القرن السادس عشر . 
2-السلسلة الثانية :-وتشمل التعليمات إلى السفراء والمبعوثين البنادقة من القرن الرابع عشر إلي القرن السادس عشر . 
3-السلسة الثالثة :- وتشمل تقارير السفراء عن مصر وأحوالها فى القرنين السادس عشر والسابع عشر . 
4-السلسة الرابعة :- وتشمل وثائق  متفرقة  فى شتي الموضوعات المتصلة بتاريخنا الاقتصادي . 
ويبقى لنا فى المساحة المتبقية من المقالة عرض بعض نماذج من هذه المحاضرات ، يشرح سيادته الفروق بين دار الكتب ،ودار الوثائق ، وهيئة الآثار . فدار الكتب تمثل الانتاج الفكري فى شتى أنواع العلوم والآداب وغيرها ، وتمثل الآثار الانتاج الفني على الأغلب من عمارة وتماثيل وغيرها ،  أما الوثائق فهى تمثل المعاملات بين الأفراد بين  بعضهم البعض ،  أو بينهم وبين أجهزة  الدولة ، أما عن الفروق بين دار الكتب ودار الوثائق ، دار الكتب تضم كتبا مكتوبة أو منسوخة باليد تعرف بالمخطوطات ، وكتبا مطبوعة لا تختلف عن الموضوعات من حيث موضوعها و\إن اختلفت عنها فى شكلها المادي ، فهي كلها مؤلفات وكتب فى شتى أنواع المعرفة . ومن ناحية التنظيم  تفهرس الكتب وفقا لقواعد متفق عليها بحيث يسهل الرجوع إليها فى مكانها ، وذلك بعمل بطاقة لكل كتاب تحتوي علي العنوان والمؤلف والناشر وتاريخ النشر والرقم الخاص بها . وفى دور الوثائق تفهرس الوثائق كذلك ، وذلك يتطلب أولا قراءة الوثيقة نفسها بخطوطها ولغاتها القديمة ، في حين  أن المكتبي لا يحتاج إلي قراءة الكتب كلها التي يفهرسها ،ولذلك عملية فهرسة الوثائق عملية بطيئة تتطلب الالمام بعلوم مختلفة كعلم الكتابات أو الخطوط القديمة وتاريخ النظم والمعاملات فضلا عن التاريخ العام , وفرق آخر بين دار الكتب ودار الوثائق من حيث روادها ، يقصد دار الكتب  قاريء يقضي أوقات الفراغ أو باحث فى موضوع ما ، أما دار الوثائق فأنهم نوع واحد فلقط وهم المشتغلون بالبحث التاريخي . والمتردد على دار الكتب يستطيع أن يلم بمحتوياتها سريعا سواء من بطاقات فهرسة أو مجرد إلقاء نظرة على الأرفف ، أما من يقصد دار الوثائق فلابد له من قراءة الوثائق وثيقة وثيقة . أما عن مناهج البحث فى الوثائق ، يقسمها سيادته إلي الخطوات التالية :
 
1-الخطوة الأولى :- 
جمع المصادر ، فإذا أنعدمت المصادر أنعدم التاريخ
.
2-الخطوة الثانية :- 
تحليل المصدر من حيث اللغة والمصادر الأصلية وتفهم محتويات المصدر  ، وصحته وعدم تزييفه . 

أما عن  الوثيقة ، فهي تقسم إلي ثلاثة أجزاء رئيسية كبرى :-
1-البروتوكول الافتااحي :-
وهو ما نطلق عليه البسملة وهو التعريف بالفاعل القانوني أو المخاطب أو التحية  ، وليس من الضروري أن توجد كل هذه الأجزاء فى الوثيقة .
2-النص :- وهو يبين موضوع الوثيقة 
3-البروتوكول الختامي ويشمل دلائل إثبات الوثيقة  مثل الختم وتوقيعات من قاموا بتحرير  الوثيقة وتاريخ الوثيقة ، وقد تختتم بعض الوثائق بالدعاء كما تفتتح بالبسملة . 
وجاءت  المحاضرة الثانية عن الأرشيف ، وهذه الكلمة مشتقة من كلمة يونانية Arche  ومعناها  القديم ، كما أنه من الممكن أن تدل على الرئاسة . ونحن فى مصر  لا نهتم كثيرا بتنظيم الأرشيف حتى وصلنا إلي النتائج الآتية :-
1-أننا لا ننظم وثائقنا التاريخية أو غيرها . 
2-أننا لا نحتفظ من الوثائق الحالية بشيء للتاريخ فى المستقبل . 
3-أننا لم نجمعها بعد فى مكان واحد ، فهي لا تزال نهبا موزعا  بين جهات عدة كوزارات الأوقاف والأزهر ودار المحفوظات والأديرة وغيرها . 
4- أنه لا يقوم على حفظ هذه الوثائق فى مكانها أرشيفيون متخصصون فى حين أن ذلك قد تم فى البلاد الأوربية منذ زمن طويل . 
 
والخلاصة أن الأدوار التى مر بها تاريخ الأرشيف هي :-
1-المرحلة الأولى :-
قيام الدواوين العادية بأعمال الحكومة ، وهذه الدواوين بالطبع كانت موجودة فى كل العصور المختلفة .
المرحلة الثانية :-
قيام دار خاصة بها توضع بها الأوراق الحكومية الهامة بعد الاستغناء عنها ، وهذه الدار أطلق عليها أولا الدفترخانة ، وتعرف الآن بدار المحفوظات العمومية . 
المرحلة الثالثة :-
تنظيم هذه الدار  بغرض تسهيل البحث العلمي المجرد  ونقصد به هنا البحث التاريخي بالذات . 
وجاءت المحاضرة  لتؤكد أن البلاد التي ليس بها دار للوثائق أشبه بالمريض الذي أصيب بفقدان الذاكرة . وفيها يشرح سيادته بنود القانون رقم 356 لسنة 1954 بإنشاء دار الوثائق التاريخية القومية لتكون مركز إشعاع تسطع منها الأنوار على تاريخنا القومي وتفتح أبوابها للباحثين  . وقامت بوضع  خطة شاملة لتنظيم وثائقها تنظيما فنيا ، وتقدم الدار كل المساعدات الممكنة لعدد كبير من الباحثين الذين يقومون بدراسات عليا (ماجستير ودكتوراة ) . كما أعدت مكتبة متخصصة تعمل على رفع المستوى العلمي للوثائقيين الذين يعمولون بها ، كما أحتوت على مجموعة من الكتب التاريخية التى يحتاج إليها الباحثين الذبن يترددون على الدار 
 
بعض مراجع المقالة :-
1-عماد أبو غازي  :- رواد الدراسات الأكاديمية في مجال الوثائق ، مجلة الدراسات التاريخية والحضارية المصرية ، جامعة بني سويف – كلية الآداب – قسم التاريخ – المجلد الأول – العدد الأول – أكتوبر 2026 ، الصفحات من 337- 361 . 
 2-توفيق إسكندر :-  موقع نور ، كتب توفيق إسكندر . 
4-توفيق إسكندر :-  موقع الشارخ للمجلات الأدبية والثقافية والعربية . 
5- سلسلة المحاضرات الخاصة بالعالم الجليل :- ولن يفوتني أن أقدم خالص الشكر لمعالي  الأستاذ الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة  السابق ، والذي تفضل وأرسل لي هذه المحاضرات القيمة ، فلسيادته مني جزيل الشكر .