محرر الأقباط متحدون
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس في الفاتيكان وفداً من حركة "حارسات العائلة المقدسة" تتقدمه أميرة اللوكمسبورغ سيبيلا، يرافقها سفير اللوكسمبورغ لدى الكرسي الرسولي، ووجه الحبر الأعظم لضيفاته خطاباً شدد فيه على أهمية الصلاة والتمثل بمريم العذراء التي تتضرع من أجل الكنيسة والعالم وشجعهن على مساعدة الأشخاص في اكتشاف معنى ما يمرون به، والحفاظ دوماً على الرجاء والثقة بالمستقبل.
استهل البابا كلمته مرحباً بضيفاته ومعربا عن سروره للقائهن خاصا بالذكر صاحبة السمو الملكي، ولفت إلى أنهن يشكلن "شبكة صلاة مريمية" أبصرت النور لعشر سنوات خلت، وتتمثل دعوتها في وضع نوايا الكنيسة والعالم أمام الوالدة القديسة. وقال الحبر الأعظم إنه يثّمن البساطة والتواضع اللذين يميزان الحركة التي نشأت من الصلوات المشتركة بين الأعضاء. وذكّر بأن المرأة التي تريد أن تكون "حارسة للعائلة المقدسة" عليها أن تتلو كل يوم بيتاً من المسبحة، مشيرا إلى أن هذا الالتزام صغير بالنسبة للبشر لكنه كبير بعيني الله، إذا ما تم بأمانة عبر الزمن، وكان مرفقاً بالإيمان والحرارة وروح الشركة بين الأفراد. وأكد البابا أن الله يحب الأمور الصغيرة ويجعلها تحمل الثمار.
بعدها لفت فرنسيس إلى أن الحركة تتألف فقط من النساء، وهذا الأمر يسلط الضوء على دعوة المرأة الخاصة والفريدة داخل الكنيسة، والتي هي على صورة العذراء مريم. وقال لضيفاته: إنكن لا تصلين للعذراء وتطلبن شفاعتها وحسب، لكنكن ملتزمات في التمثّل بها، بأمومتها، وفي الاتحاد مع صلوات التضرع التي ترفعها كوالدة لأبناء الكنيسة وللعالم كله. وأضاف قائلاً: مهما كان وضعكن العائلي إنكن أمهات مع مريم، كما أن صلاتكن والتزامَكن كحارسات موجهان وفقاً لنموذج مريم، مع بعض الميزات.
وتوقف الحبر الأعظم بعدها عند نظرة ضيفاته إلى الآخرين وإلى واقع العالم، ودعا لأن تكون هذه النظرةُ دائماً كنظرة العذراء مريم، نظرة أم صبورة، متفهمة ورؤوفة. وشدد على ضرورة ألا يقتصر التزام "حارسات العائلة المقدسة" على العلاقات فيما بينهن، أو على لقاءات الصلاة، إذ لا بد أن يشمل أيضاً حياتهن اليومية، والعائلة والرعية وبيئات العمل.
مضى البابا إلى القول إن مريم "كانت تحفظ كل هذه الأمور وتتأمل بها في قلبها"، كما جاء في الإنجيل الذي اقترحته علينا الليتورجيا مؤخرا. وأضاف أن الحارسات يحملن في صلواتهن أحداثاً قد تكون مؤلمة، أحداثاً تتعلق بهن أو بأشخاص آخرين. ودعاهن للصلاة على نية هذا العالم الذي يشهد صراعات كثيرة، وأعمال عنف ولا مبالاة، وعلى نية أشخاص كثيرين متألمين، متروكين ومنبوذين ويواجهون صعوبات كبيرة. واعتبر البابا أن كل تلك الأوضاع يمكن أن تولّد سوء الفهم والإحباط، بيد أن مريم لم تستسلم للإحباط ولم تتذمّر عندما رأت الطفل يسوع فقيراً، فالأمهات يعرفن كيف يتخطين العراقيل والصراعات، ويعرفن كيف ينشرن السلام، فيحوّلن الصعوبات إلى فرص للولادة الجديدة والنمو. وتمنى الحبر الأعظم في هذا السياق أن تساعد الحارسات الأشخاص على اكتشاف معنى ما يمرون به، وعلى الحفاظ دوماً على الرجاء والثقة بالمستقبل.
لم تخلُ كلمات البابا من الإشارة إلى أهمية الحنان، مؤكدا أن عالمنا والأخوة والأخوات هم بأمس الحاجة إليه، في وقت يبدو لنا اليوم أن هناك من يريد إزالة هذه العبارة من القاموس. وقال إن عالمنا يتعامل بقسوة ولا مبالاة مع معاناة واحتياجات الأشخاص، مذكرا بأن مريم كانت حنونة مع يسوع وهي حنونة تجاه الكنيسة والعالم. وكل حارسة للعائلة المقدسة مدعوة لأن تجسّد حنان مريم تجاه الكنيسة والعالم. ختاماً شكر فرنسيس ضيفاته على زيارتهن، آملا ألا يكون نمو الحركة العددي والجغرافي عاملاً لفقدان البساطة، وطلب منهن الصلاة من أجله.