طارق الشناوى
لن يستطع هذا الفيلم الصمود طويلًا، (يا تلحقه يا متلحقهوش)، وأنت تقرأ هذه الكلمة تكتشف أنه قد غادر على الأقل 90 فى المائة من الشاشات، التى فتحت قبل أسبوع أبوابها له، وعندما تصل لنهاية المقال، أخشى أن حتى الـ10 فى المائة المتبقية، لن يتبقى منها شىء!!.
الإجابة سابقة التجهيز، والترديد أن هناك مقاطعة لأفلام بيومى، اسمه يكفى لكى لا يدخل المتفرج دار العرض، ظنى أنها إجابة خاطئة، رغم أنه قبل أسابيع قليلة رفعت أيضًا دور العرض بسرعة تتفوق على إيقاع (الفيمتوثانية) فيلمه (كارت شحن)، بسبب الخفوت الجماهيرى.
التحليل السابق لا نأخذه على عواهنه، لأنه غير دقيق، بدليل أن الفيلمين اللذين تبقيا فى السباق الخماسى لأفلام (رأس السنة) شارك فى بطولتهما أيضا بيومى (الإسكندرانى) و(الحريفة).
أحد كبار الممثلين لديه تشبيه، لم أستأذنه فى نشر اسمه، ولهذا سأكتفى بكتابة التشبيه، قال لى هناك نوعان: ممثلون (ليموزين)، وآخرون (ميكروباص)، الأول ينتقى فيلمًا واحدًا بمواصفات خاصة ويحصل أيضًا على أجر كبير، بينما الثانى يقف فى المحطة، وتسعيرة موحدة ويحصل على الأجرة الضئيلة من عشرة منتجين، ولو اكتفى بفيلم واحد يستطيع رفع أجره، ولكنه يفضل أن يجمع النقود من كل الركاب.
ورغم وجاهة هذا التعبير، إلا أننى يجب أن أذكر بأن بيومى ممثل موهوب، ومهما تكاثرت عليه الأدوار تكتشف أنها تفرق كثيرًا عندما يخلص للشخصية الدرامية، العام الماضى 2023 كان له حضور ضخم فى ثلث عدد أفلام السينما، وتبقى فى المحصلة أهم فيلمين شارك فى بطولتهما (فوى فوى فوى) و(وش فى وش)، توفر فيهما الدور الدرامى الذى يحمل خطوطًا وصراعًا، يدفع الممثل لكى تشتعل موهبته، مستندًا إلى سيناريو ومخرج.
المقاطعة، سواء أكانت فى المأكولات أو المشروبات وأيضا الأفلام والمسلسلات، قد تبدأ قوية، إلا أنها لا تستمر إلا مرحلة زمنية محددة.
قبل سنوات، مثلًا، قرروا مقاطعة المسلسلات التركية، والعديد من الفضائيات اشتركت فى رفع شعار لا للدراما التركية، احتجاجًا على الموقف التركى، ثم اكتشفنا أنها تحقق أكبر كثافة مشاهدة بعد أن تمكن (الريموت كونترول) من العثور عليها فى قنوات أخرى.
الأفلام التى شارك فى بطولتها بيومى لاقت الهزيمة، لأنها استحقت ذلك كأشرطة سينمائية، بعيدًا عن أى ظلال أخرى.
أتذكر، فى أعقاب ثورة 25 يناير كانت هناك قائمة سوداء لعدد من النجوم اعتبروهم محسوبين على زمن مبارك، بينهم الموهوب طلعت زكريا، لأنه لعب دور (طباخ الرئيس)، وكان بينه وبين مبارك لقاءات متعددة، وعرض له فيلم (الفيل فى المنديل) فلم يذهب أحد، وكانت الإجابة السريعة هى المقاطعة، ولم يكن هذا صحيحًا، الفيلم كان يحمل أسباب فشله.
فيلم (أنا وابن خالتى) هو نموذج صارخ جدًا لكل تنويعات ثقل الظل الممكن وغير الممكن، يحرك صنّاعه شىء واحد هو تعبئة ساعة ونصف الساعة من اللاشىء، فلا يمكن وصف ما شاهدناه بأنه شىء، أشرفت على الكتابة دعاء عبد الوهاب، وإخراج أحمد صالح، والبطولة لبيومى فؤاد وسيد رجب، مع أيضا المخضرمتين إنعام سالوسة وميمى جمال، ولم يتبق فى الذاكرة سوى أن بيومى وسيد أبناء خالة بينهما صراع لإثبات من الأكثر تفوقًا، منذ أن كانا فى (اللفة).
تتعجب من الفنانين الكبيرين، خاصة أن كلًا منهما لديه اختيارات أخرى ومطلوبان بقوة فى المسلسلات والمسرح، فما الذى يدفعهما للموافقة سوى أنهما تعاملا بنظام (الميكروباص).
حصيلة رأس السنة من الأفلام الخمسة التى استقبلنا بها العام الجديد لم تكن فى المجمل مرضية، كان بها فيلمان راهنا على نجمين، ليسا من أبطال الشباك، هذه قطعًا مغامرة نتوقف عندها، السينما المصرية فى العادة تفصّل أفلامها على نجوم تم اعتمادهم مسبقًا فى الشباك، بينما (ليه تعيشها لوحدك) الذى تم تناوله قبل يومين فى تلك المساحة، ذهب بعيدًا عن الصندوق بإسناد البطولة إلى شريف منير وخالد الصاوى، بينما فى الثانى (انا وابن خالتى) بيومى فؤاد وسيد رجب، والنتيجة فى الحالتين تؤكد خسارة الرهان.
ورغم ذلك فإن من ينبغى أن يتحمل الهزيمة هما صانعا الشريطين فى الحالتين، أقصد المخرج الذى تحمس لسيناريو، لم يدرك أنه يحمل كل أسباب الفشل.
لدينا حركة إنتاج سينمائى تزداد نشاطًا منذ العام الماضى، ولا تزال، ولا أستبعد أن عدد الأفلام هذا العام ربما فى نهاية المطاف سيتجاوز الخمسين.
الأفلام حاليًا تحقق إيرادات مرتفعة فى السوق الخليجية، وخاصة السعودية، وسوف يتغير نمط الإنتاج الذى كان يفرض على النجم للحفاظ على أجره تقديم فيلم واحد فى العام، أتصور أنه سيتم تحطيم تلك القاعدة، ولدينا مثلا كنموذج محمد إمام بعد نجاح فيلمه (أبونسب) من إنتاج 2023 فى مصر والسعودية، لديه فيلمان قادمان سيعرضان قبل نهاية هذا العام.
وهو ما سيدفع مؤكدا كريم عبد العزيز وأحمد عز لتغيير الإيقاع الإنتاجى.
هل هذا هو فقط المطلوب؟، قطعا لدينا طموح فيما هو أفضل، إلا أن تواجد حركة إنتاج سينمائى نشطة، مهما تباين المستوى، أراه ظاهرة إيجابية، مع محاولات ملموسة لكى تفتح الرقابة الدائرة أكثر لمناقشة العديد من القضايا المتشابكة مع الواقع، أراها خطوة حتمية، والمؤكد بعدها لن تجد فيلما مثل (يا أنا خالتى)، لأن (الميكروباص) سيصبح خارج نطاق الخدمة!!.
نقلا عن المصرى اليوم