هاني لبيب
لا يحتاج المواطن المصرى البسيط لأن يقول له أحد أو يشرح أن الحياة اليومية أصبحت صعبة عليه بسبب زيادة الالتزامات وارتفاع الأسعار بشكل لا يتناسب مع دخله المادى. المواطن المصرى متأكد تمامًا أن المشكلة تقع على عاتق الدولار، الذى أصبح بمثابة سلعة للبيع والشراء لأعلى سعر، مما جعل البعض «يخزنه» أو «يسقعه» بلغة السوق. ومع ملاحظة أنه لا يزال الجزء الأكبر مما نحصل عليه من الدولار هو من جهود إرث الأجداد سواء من السياحة أو من إيرادات قناة السويس.
قطعًا، سنة 2024 هى سنة صعبة لعدة أسباب منطقية، هى: التزام مصر بتسديد خدمة الدَّيْن، وزيادة مصروفات الدولة، مع موسم سياحى متراجع وضعيف بسبب الأجواء التى تعيشها المنطقة، وتراجع الإيرادات، وتراجع تحويلات المصريين فى الخارج. الأسباب السابقة من شأنها أن تصيب بالإحباط وفقد أى بارقة أمل. ولكن أعتقد أن الأمل هو فى الإرادة السياسية خلال الفترة القادمة لدعم الاستثمار الوطنى الخاص قبل الحديث عن جذب أى فرص خارجية. وذلك من خلال التأكيد على أن (المستثمر المصرى له أولويات وامتيازات).
الأمل فى تقديرى هو إعادة الثقة للمستثمر المصرى قبل الأجنبى من خلال حوافز استثمارية سواء كانت تخصيص أراضٍ مجانية، أو إعفاءات ضريبية، أو امتيازات تأمينية، أو تسهيلات وتيسيرات إدارية «الشباك الواحد»، أو... إلخ.
ما سبق كان المستهدف منه هو جذب الاستثمارات الأجنبية، وهو أمر مطلوب ومرغوب. ولكن يجب ألا يتم ذلك على حساب المستثمر المصرى، الذى يتعرض لتحديات إدارية ومشكلات ضريبية لا حصر لها.. تُعطله وتُعرقله فى مقابل العكس تمامًا مع المستثمر الأجنبى.
إعادة ثقة المستثمر المصرى فى بناء المصانع وتوطين صناعات جديدة.. هى أحد أهم مداخل ثقة المستثمر الأجنبى ليقينه حينها أن هناك مناخًا عامًّا منضبطًا قانونيًّا وصديقًا للاستثمار وجاذبًا وميسرًا له. ولكن ما سبق لن يتم سوى بتعاون المسؤولين والقيادات الحكومية فى الوزارات المعنية وذات الصلة بالاستثمار والمشروعات للإنجاز دون عرقلة، وبعيدًا عن الشعارات سابقة التجهيز باعتبارهم الوكلاء الحصريين للدفاع عن الشعب المصرى، وعدم ترويج الشائعات لوقف أى إجراء مثلما يحدث من إطلاق شعارات الإنذار المبكر على غرار: باعوا مصر، والخصخصة، وتمليك الأجانب.. وغيرها من شعارات جوفاء لا تقدم، بل تؤخر.
طبعًا، نحتاج إلى زيادة مساحة القطاع الخاص للمزيد من المشروعات الجديدة، وحلول هيكلية لتخارج الدولة من بعض القطاعات والاستمرار فى بعض القطاعات الأخرى من خلال تخطيط دقيق لترسيخ الصناعات الوطنية ودعم وجود المزيد من المستثمرين المصريين.. والقضاء على الاحتكار وتحكم بعض التجار فى السوق بشكل لا يستهدف سوى تحقيق أكبر قدر مضاعف من الربح مثلما كان يحدث.
ما يعانيه الاقتصاد المصرى هو نتيجة مباشرة لإرث سنوات قديمة لبعض الممارسات الخاطئة للإصلاح الاقتصادى، خاصة فى ظل التحولات الضخمة لهويتنا الاقتصادية منذ ثورة يوليو 52، فضلًا عما يحدث من متغيرات عالمية تؤثر فينا مثلما تؤثر فى غيرنا بدرجات متفاوتة.
نقطة ومن أول السطر..
تم اتخاذ العديد من الإجراءات والتشريعات فى مواجهة الفساد. ولذا أعتقد أننا نحتاج إلى إعادة النظر فى معوقات الاستثمار فى مصر لأنه فعليًّا.. أصبح الفساد فى مصر أقل تكلفة من البيروقراطية، التى أصابت شرايين الاستثمار بشلل.
نقلا عن المصري اليوم