أولا - العلاج بالثوم:
يخبرني صديقي الطبيب الشعبوي بأن الثوم يحتوي على بعض المضادات الحيوية، لذلك يبتلع فصين كل يوم على الريق.
طيب وانت عايز المضاد الحيوي في ايه يا بعيد؟ هو انت ماشي بالبكتيريا سارحة في جسمك؟

حتى بفرض إنك مصاب بمرض ولديك اصابة بكتيرية كالتهاب الجيوب الانفية او التهاب اللثة مثلا، من قال لك بأن اي مضاد حيوي يقتل اي جرثومة؟
اي مضاد حيوي له آثار سميّة تراكمية بعضها على الكلى، والاخر على الكبد او نخاع العظام او القلب، فهل انت مستعد لتجرع الثوم لتسمم اعضاء بدنك؟ ده حتى المضاد الحيوي من غير سبب قلة أدب.

الصح علميا ان الثوم والبصل يحتويان بعض الزيوت الطيارة ذات اثر موقف لنمو البكتيريا او لقتلها Bactericidal / Bacterisatatic) ) ولكن هذا الأثر وارد حدوثة خارج الجسم (In vitro) ، يعنى ممكن تستخدم عجينة الثوم مع الحلبة في تجليد عرق اللحمة عشان ميعفنش ويبقى بسطرمة، اما داخل الجسم فالتأثير مختلف.

الخلاصة:
استمتع بخيرات الطبيعة وفق ما اتيح لك، ولا تبالغ في الركض خلف مانع الاكسدة الغالية كالبروكلي والافوكادو، فالجرجير والقرنبيط مناسبان، والتفاح كالباذنجان، ولا تنفق اموالك على البروتين الغالي، فالكافيار لا يتفوق على الدجاج في البروتين، ولا التفاح سيد الجميز.
محاولة اضافة فائدة لكل عنصر في الحياة هى نوع من العبث وضحالة الفكر، لان التنوع المتاح بين الفواكه او الخضروات في الطبيعة ليس الهدف منه تفرد كل صنف بعنصر غذائي دون بقية الأصناف، فلا لحم الدجاج متفوق على لحم الماعز ولا لحم البوري سوبر فوق لحم البلطي، ولا الخس سيد الجرجير، وبعض الأصناف الغذائية قد لا يكون له قيمة غذائية مثل الفلفل الاسود او الشطّة، فهي مكسبات نكهة وطعم لتجعل طعامك أكثر روعة.
-------------------------------------------------------------------------

ثانيا - عسل النحل
تصحيح مفاهيم حول التطبيب بعسل النحل ...
كلمنى صديق حول فوائد عسل النحل في علاج جروح القدم السكري، واعزى هذه القدرة الى احتواء العسل على اجسام مناعية.
استمر الجدل على التليفون بيننا قرابة الساعة، ولا اظن انه غيّر من تمسكه بالمعلومة بالرغم من ادعاءه ظاهريا بأنه بات يتفهم الأمر.
يقيني ان ربط بعض الأمور المعرفية بالفقه (الفقه ليس هو الدين وانما فهمك الخاص للدين وقد يكون فهمك خاطئا) يجعل تغيير المفاهيم اقرب إلى المستحيل، فمن وصل الى مدركاته ان الحمل يمتد لخمس سنوات كون المعلومة جاءت على لسان احد رموز الفقه، فلن تفلح معه محاولات التصحيح ولو اصبح استاذا لأمراض النساء.
اعلم ان تجربة علاج جروح القدم السكري بالعسل كانت شائعة في ثمانينات القرن الماضي وأتحدى ان كانت حالة واحدة من مئات الالاف قد تعافت والتئم الجرح.

الحقيقة:
الانسجة في منطقة جرح القدم السكري مشبعة بتركيز عال من الجلوكوز ومعه بالطبع قدر عال من تميؤ الأنسجة مما يجعلها مرتعا خصبا لازدهار البكتيريا، واضف عليها ضعف الدورة الدموية للجرج، مما يجعل الجرح اشبه بمنطقة خارج الجسم بعيدا عن دفاع المناعة ومهاجمة كريات الدم البيضاء، بل وحتى فشل المضادات الحيوية في الوصول للجرح بسبب عطب التغذية الدموية.

عسل النحل له خاصية امتزاز (وليس امتصاص) الماء من الانسجة المحيطة بالجرح ومن ثم اتاحة فرصة لوقف نمو البكتيريا بسبب تغير ملائمة الجرح، ولكن هذا الأثر ضئيل ومحفوف بمخاطر اضافة المزيد من السكر للجرح ومن ثم التخمر العضوي.

وحتى الإدعاء بأن العسل غني بالأجسام المناعية وهو ما يضمن محاربة البكتيريا ومن ثم شفاء الجرح، مردود عليها بان الأجسام المناعية ليست متاعا للجميع، فهي متخصصة لميكروب واحد مثل المفتاح الذي يعمل على قفل واحد من بين ملايين الاقفال.

هناك البديل الأفضل وهو مادة "جلسرين المانيزيا" واظن ان أصل التسمية "جلسرين الماغنيسيوم" وهو مركب من الجليسرين المخلوط بسلفات الماغنيسيوم وهما يصنعان مركبا شديد الشراهة لامتصاص الماء من الجرح وهي خاصة تعرف بال (Hygroscopy).

يميل الطب الشعبي الى رف العطار عوضا عن رف الصيدلي حتى وان تماثلت الوصفات فتجد ان الكراوية والينسون أكثر محبة للنفس من اشربة على رف الصيدلية تحتوي نفس المواد.
-----------------------------------------------------------------------------

ثالثا - الخل:
* الخل صفر قيمة غذائية.
* الخل هو حمض الاسيتيك (Acetic acid)، ولا قيمة للخل كونه من التفاح او من القصب او من اي مصدر، فالمركب الكيميائي واحد.
* الخل لا يذيب دهون الكبد ولا يخلص الجسم من الشحوم.

* تناول الخل في الطعام يحمض الدم (يقلل رقم الاس الهيدروجيني) فيجهد الكلى لمحاولة استعادة توازن حموضة/قلوية الدم.
* الخل في البيت منظف لإزالة الجير من الاحواض وصنابير المياه وازالة المواد العضوية المحترقة بأواني الطهي، واحداث تجبن الحليب وتحويله الى لبن رايب.

* الخل لا يقتل الجراثيم ولا الفيروسات ولا الفطريات وليس له اي قوة تطهير بالمرة. زمان كان الخل يوضع على ماء نقع الخضروات النيئة لإزالة بويضات الطفيليات جراء غسيلها في الترع والبرك.

* ممكن استخدام قطيرات الخل لإضافة طعم على الطحينة واذابة قوام عجينة السمسم، او اضافة النكهة الشهيرة لدقة الفتة.

الخلاصة:
بشكلٍ إجماليٍ، من الضروري أن يتم تأكيد وجود الفوائد الصحية - التي يُعتقد أنها تنجم عن تناول الخل - من خلال إجراء دراسات أوسع نطاقاً على البشر، وهو ما سيحدث بالقطع في ظل استناد الباحثين في دراساتهم إلى ما يجري بحثه ودراسته حتى الآن بالفعل، بشأن تأثير تناول هذا المشروب، سواء من جانب البشر أو الحيوانات.
لكن من الضروري التأكيد هنا على أن أي ادعاء بوجود فوائد صحية لتناول الخل استناداً إلى الدراسات التي أُجريت على الحيوانات فقط، هو أمرٌ لا يمكن الاعتماد عليه وحده.

اياك ان تسأل مجرب وتتجاهل الطبيب...تحياتى.
د. أمير فهمى زخارى المنيا
-----------------------------------------------------------------------------
المراجع:
- العلم والحياة | د. بهي الدين مرسي | دعوة الى المحظور |
- طب الأعشاب تراث وعلم. دار القلم العربي للنشر. 2000م.
- علم الفولكلور، دراسة فى الأنثربولوجيا الثقافية، الجزء الأول، الطبعة الثالثة. دار المعارف، القاهرة، مصر، 1987م.
 - الطب الشعبي العربي تقنيات التداوي بالأعشاب وعمليات العلاج، مجلة الثقافة الشعبية، العدد49. المنامة، البحرين، 2020م.