القمص اثناسيوس فهمي جورج
تحتفل الكنيسة بعيد الختان المجيد في اليوم الثامن لولادة السيد الرب  (  ٢٩ كيهك  -   ٦طوبة )  ، ففيه كان الوعد والعهد الابدي ، حيث اليوم الثامن الجديد وعالم مابعد الطوفان  ونوح  من بعد ادم  ، والمرموز به لمسيحنا  نوحنا الجديد  ،  والثمانية انفس التي نجت من غرق الطوفان ، المرموز بهم لرواد  سفينة النجاة    .. انه يوم  الاشارة للحياة   والبداية الجديدة  فوق الزمن ، ولعبور الابدية والارتقاء من الحرف الي الروح ، ومن الجسد الي النفس والروح ، ومن الناموس الي النعمة ، ومن الذبيحة الدموية الي الذبيحة الناطقة الروحانية غير الدموية التي لا  دم الناموس حولها ولا بر الجسد . وكما  كانت الغلفة تقطع في القديم هكذا تبطل الشهوات والنجاسات بالسيف الروحي السماوي  ، عندما يختن القلب بالتقديس والتكريس وعمل النعمة . ليس بعهود لحمية جسمية لكن  يختن بنذور السر  ، وبقوة الروح الموهوبة لنا ، من القدوس الذي مسحنا وبارك طبيعتنا فيه ، مقدسا عبيده الذين له ...  انه اختتن لانه شابهه اخوته في كل شئ ( عب ٢ : ١٧ )  ، اذ جاء مولودا تحت الناموس ..  تمم الختان واكمل الناموس ، وهو واضع الناموس ورئيس الايمان  ومكمله ، الذي  شابهنا في كل شئ ماخلا الخطية وحدها .  اختتن لانه اتخذ جسدا حقيقا بكل خواصه البشرية ( اله كامل وانسان كامل بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير  في اتحاد اقنومي  )  ليسمر خوفه في لحمنا وليختن نفوسنا بختم  معموديته ، ويطبع فينا سماته  ، ويلبسنا الفاخر الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه  ( كو ٣ : ٩  ) . ختم الهي لايتكرر ..  يبقي ولا يمحوه الزمان ولا يلاشيه الموت ، لانه يضمنا ضمن شعب الله  وخاصته ،  ختم لخلاص ابدي ، يشهد للمختوم به في يوم الفحص الاخير .

  بعد ان سالت قطرات دم المخلص لاول مرة   علي طريق خلاصنا  ( ختانته وتدابيره كلها  لاجل خلاصنا  ) . واعطانا ماء معموديته ليختتنا و يلبسنا لباس الخلاص بروحه القدوس فنتبعه لا بعهود الجسد ولا باختام اللحم ، لكن بعلامه ميرونه الملوكية  ، مع قطيع جيش  رعية القديسين واهل بيت الله ، المقتنين له بالدم الكريم  ،  والذين لايعرفون ولا يترجون  اخر سواه  ، ذاكرين العهد الذي قطعه معهم كل حين .  كنيستنا القبطية الفاخرة  تعيد اليوم ٦ طوبة عيدا سيديا    لخادم الختان الذي ثبت علامته فينا ،  وغرسها   لتكون غير مصنوعة بالايادي ، بل بروح ازلي محا غلف اجسادنا واحيانا مسامحا لنا بجميع خطايانا . مقدما  نفسه ليختتن عنا  وليحملنا  فيه ، ففي كل مرة يستعلن كانسان انما  يستعلن ايضا كاله ... لان اسمه يسوع الذي يخلص شعبه من خطاياهم ويضمهم  لشعبه المختار  ، مفتديهم من ناموس العتيقة  ، ومن دائرة فساد الغرلة والطبيعة الساقطة  الي حرية ودالة  مجد البنين  . ختمنا واعطانا عربون الروح في قلوبنا ( ٢ كو ١ : ٢٢ ) .  معتقا ايانا من سلطان الخطية والموت ، اذ ليس ختانة في المسيح يسوع بل خليقة جديدة . فالمجد والاكرام والسجود  لذاك الذي أَتَمَّ عَنَّا بر الناموس في جسده الخاص بالختان، مُتَرَفِّقَاً بعجزنا،

هو يريد أن نتمم نحن بأنفسنا خِتان إرادتنا في قوتِه وقبول عمل نعمته .

لأننا إذ حُزْنَا به النِعْمَة مَدعُوِّين فيه أبناءً لله،
وصارَت لنا وفينا به إمكانات روحه القدوس،
مُبرِئاً ومحرراً لإرادتنا،
وقد صَارَت لنا به القُدرَة جديدة أن نَشتَرِك بمعونته في خلاص نفوسنا،
بخِتَان غُرلَة الإرادة وتقديس الحواس  التي طالَمَا قُيِّدَت زَمَانَاً في الأسر،
فإن ذاك الذي من جهة تَكَبُّدِه عناء سر الإخلاء العَظِيم أثبَت أنه قادِر أن يُخَلِّص إلى التمام ، الذين قبلوه .
انه  أيضاً في كل زَمَانٍ لا يَلْبَث أن يَسْأل السَقيم: "أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟" (يو٥ :٦) كي يتحنن ويشفيه كطبيب يخلص من موت الفساد .
ان  إرادته حاضِرَة دائماً لخلاصنا ، وهو لايشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا  ... فارادته  قداستنا وهو  
مُجِيبَاً: "أريد ،فَاطْهُر" (مت ٨: ٣) لكل احد .