تحل اليوم 15 يناير ذكرى ميلاد أحد عمالقة الكوميديا في مصر والوطن العربي، سمير غانم، والذي لعبت الصدفة دورا كبيرا في استمتاعنا بمسيرة فنان عظيم مثله، فلولا عدم تفوقه في كلية الشرطة، لما كان لهذا التاريخ المسرحي والسينمائي والدرامي الكبير أن يكتب، لنكون بذلك مدينين إلى عدم التوفيق لأنه منحنا فرصة للاستمتاع بأعمال كوميديان لا ينسي.
«حسيت إن طالما بابا ظابط يبقى أنا ظابط»، بهذا الدافع قرر الفنان سمير غانم الالتحاق بكلية الشرطة، وهو الأمر الذي لم يوليه أي اهتمام أو يسعى إليه مسبقًا وفق ما رواه، ليجد نفسه على نحو سريع طالبًا فيها بعد تميزه في الاختبارات الطبية والبدنية: «كنت ممتاز».
يقول سمير غانم إنه في تلك المرحلة كان «زي الجن»، مشيرًا إلى أن من زملائه في دفعته اللواء فؤاد علام، واللواء حسن الألفي وزير الداخلية الأسبق.
لم يحالف الحظ «سمير» في عامه الأول برسوبه، ويروي بتهكم: «لما سقطت أول سنة كنت بطلع طابور ساعة، وبعديه أروح أفطر أديها فول وعدس وآخد راحة.. بعد كده أروح المحاضرة مش شايف»، خلال حواره ببرنامج «واحد من الناس».
تعرف «سمير» في تلك الفترة على الفنان الراحل صلاح ذوالفقار الذي كان ضابطًا وقتها، ويذكر أن الأخير اختاره ليكون أحد لاعبي فريق الملاكمة بسبب «جسمه الرياضي»، ويردف: «أنا الملاكمة كانت بالنسبالي سينما، وكان في ماتش ضد جامعة عين شمس.. لقيت قدامي حاجة سودا من غير رقبة».
وسط تشجيع زملائه له بالمدرجات لم يستطع «سمير» مجاراة منافسه: «أنا قولت هيهوش تهويشتين وأنا هصطاده، لكن هو وقف ثابت»، فجأة لم يدر بنفسه إلا داخل المستشفى وفق روايته، وكان بجانبه صلاح ذوالفقار الذي لم يستطع التوقف عن الضحك: «قولت له آسف قاللي آسف إيه خلاص معلش».
تواصلت مواقفه الطريفة مع الراحل صلاح ذوالفقار: «مرة حصل موقف وكان المفروض يحبسني فيه، موقف كان في حاجة اسمها السلاح الصامت، مجموعة من الطلبة ينقوهم على الفرّازة، وتمشي الكتيبة من غير ما حد ينده عليها، بس في واحد في النص بيقول واحد اتنين هوب».
قبيل أحد العروض علم المسؤليين أن الملك سيحضر عرض السلاح الصامت، مع شائعة توزيعه الهدايا على الطلبة، لكن ما صدر من «سمير» وقتها كاد أن يعرضه لمصير سيء: «مشكلتي إني كنت في النص، وجنبي واحد اسمه عبدالشافي زينهم ريفي.. كان بيقول واحد اتنين هوب بحماس عشان الـ 200 واحد يسمعوا.. بس كان بيحزق أوي».
من فرط حماس «عبدالشافي» صدرت عنه ريح وفق رواية «سمير»، وهو ما أثار ضحكه بشدة، حتى لاحظه من الخارج صلاح ذوالفقار واستدعاه بعد العرض إلى مكتبه: «شاورلي.. قاللي إيه اللي كان بيضحكك.. سكت.. قاللي تجيني المكتب بعد الفطار».
دخل «سمير» إلى مكتب «ذوالفقار» وأدى له التحية العسكرية، وكان بجواره رائد اسمه «فايز»، ليبدأ في رواية حقيقة ما حدث خلال العرض، حتى لم يستطع الآخران كتمان ضحكتهما.
أمر «ذوالفقار» بانصراف «سمير» من مكتبه، وبعد يومين صدرت قائمة الجزاءات الموقعة على الطلاب، لكن لم يجد الأخير اسمه ضمن المُعاقبين، وهو الموقف الذي لا ينساه للفنان الراحل حسب روايته.
في العام التالي حاول «سمير» تلافي أخطاء السنة الأولى تجنبًا للرسوب، إلا أنه لم ينجح في 4 مواد: «لو كانوا مادتين بس كنت عديت وحياتي اتغيرت كلها»، ليصدر قرارًا برفده من الكلية.
أُصيب «سمير» بصدمة كبيرة بعد رفده، وترك منزله مقيمًا في منزل صديق له ليومين، في ظل قلق والدته من الإقدام على أي تصرف يضره حسب قوله، ليفكر في الالتحاق بإحدى الكليات العسكرية حتى كانت رغبته في دخول البحرية، وهو ما لم يتحقق بسبب مجموعه.
لجأ «سمير» لإجراء معادلة علمي حتى تم ترشيحه لكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، لتبدأ فيها مشواره مع النباتات حسب روايته، كما سلك طريقه الفني داخل مسرحها.