القمص اثناسيوس فهمي جورج 
 أرتضي  مخلصنا الصالح  أن ينزل عاريا الي مياه نهر  الأردن ...ففرت المياه  وفزعت من خالق الطبيعة  . جاء الي الأردن ليغطس ،  ولم يتنح او يستنكف  عن أن ينحني ليضع  يوحنا المعمدان يده علي رأسه  ، كي يدعونا للميلاد الثاني من الماء والروح . فننال عدم الموت ، ونصير شركاء للميراث معه وحده  ينبوع الخيرات الحقيقية . لقد اتي وهو  الحاضر في كل مكان والذي لا يخلو منه مكان ، اتي بمسرته بالاخلاء متخذا " شكل العبد " نازلا نهر الأردن كالتدبير  .نزل ليمسح ويستعلن كمسيح ويعطينا من مسحته المسحة التي أخذناها منه لتبقي ثابتة فينا ، وبها ندعي مسيحيين ، لذلك انفتحت ( انشقت ) السماء التي كانت مغلقة أمامنا  ، وتمت المصالحة والشفاء وعندئذ كمل البر لنتبرر نحن ببره من الأشجاب  ، وتستعلن لنا اسرار انوار  الثالوث  بإعلان  الابن الحبيب الذي سر به الاب ،  وصوت ابيه اله المجد قد ارعد ،  وأمرنا أن نسمع له .  انه  الابن الوحيد الذي أرسله  الاب  وله ينبغي ان نقبل وان نسمع وان نتبع  ، وحمامة الروح القدس استقرت عليه ، لأنها كانت قد فارقت آدم الأول،  أما اليوم استقرت علي بكورتنا وبكرنا وادمنا الجديد والثاني ، ليعطينا ماله والي ملكوته يرقينا   .  نزل الروح بصورة مجسمة  كشهادة لملء المثيل للمثيل ، بهيئة جسمية تأكيدا  للحقيقة المنظورة ، كما حلت كالسنة نارا في عنصرة الخمسين . اليوم عيد ظهور الذي كان مستترا ، وها قد  صار حقا وواقعا وكمالا ومثالا  ( الابن في الأردن يغطس والاب في السماء يشهد والروح القدس يبارك )   ، وهو الفاعل في الإسرار . 
 
اعتمد المسيح وهو غير محتاج أن يعتمد ، لكنه تعمد  كي يكمل كل بر وليتمم الناموس ، إذ أنه جاء لا لينقض بل ليكمل ويرقي للنعمة  ...وأعلن عن شخصه ، حتي يصير معروفا بهذا الاستعلان " في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه  "  ، وصار صوته علي المياه ودوي  السماء يظهر الابن الوحيد الجنس ، ذلك الابن المحبوب مثل ابن وحيد القرن ، وقد نزل واستقر عليه الروح ...اما يوحنا خادم التعميد فقد رأي وشهد لهذا الظهور ( الاستعلان = الابيفانيا )  . ان اليوم  عيد الانوار الذي مسح فيه مسيحنا بزيت البهجة وصار باكورة معموديتنا .  بقبوله  الروح القدس في نفسه ليستعيد لطبيعتنا ماقد فارقها بسبب خطايانا وسقوطنا .. يحل علينا بعد مفارقة .. وتنفتح السماء بعد أن كانت موصدة  ،  بعد النفي .( نفينا من فردوس النعيم ) .  انه عيد بدء وباكورة وبابا للخيرات الخلاصية ، التي تدفقت إلينا  ،  فتتجدد طبيعتنا وتعجن وتتشكل بحفظ بهاء صورته المغروسة فينا بدون تشويه ، فنعبده بالروح والحق .  ونمجد قصد عماده من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا .
 
تعمد كانسان ، ولكنه محا الخطايا كاله ، تعمد ليس لأنه محتاج الي طقوس التطهير والختان لنفسه ، ولكن لكي يقدس عناصر الخليقة ، ويصنع تدبير الخلاص من أجل خلاصنا . لما اغتسل بالاردن كي نكون  نحن المغتسلين فيه وبواسطته  ادم الثاني الجديد بكرنا الذي تانس لياخذ محلتنا؛  ويعطينا محلته ويبارك طبيعتنا فيه ، ولما قبل الروح القدس من اجلنا نحن الذين نقبله  ،   فمنذ معموديته وظهور الروح القدس للبشر حالا في صورة حمامة ،ومنذئذ بدأ ملكوت السموات  ، وتم تمييز المعمدين بني النور .فقد سحق بالماء رؤوس التنانين واغرق الخطية ودفن في الماء آدم القديم كله ..مقدسا المعمودية متمما الشريعة معلنا سر الثالوث لكل من يؤمن ولكل من يعتمد ولكل من يقبل ويعمل ويتوب ويجاهد قانونيا 
 
المجد للحمل الذي خطب عروسته كنيسته ودفع عربونها بالدفن في معمودية نهر الاردن  ، وافتتح هناك اول جرن لاول معموديه  ، حتي اقتناها بمهر دمه واقتناها بدفنه عند صليبه المحيي في الجلجلة، وقد غرسنا في كرمته التي غرسها علي مجاري المياه معمل الثالوث ؛ المجد لصانع النور ( نور العالم ) يو ٨: ١٢ ؛ الذي اشع علينا نور خلاصه بالولادة الجديدة لنولد بسر نذر المعمودية مدفونيين معه ، ونقوم معه ونحيا في نوره العجيب ، محترسين بصعود قلوبنا وحرث ارضنا البور  وزرع البر ، باستنارة الثالوث القدوس ؛ لنذيع اخبارا سارة ونمهد الطريق بمذراة التطهير والسلوك بحسب الدعوة التي دعانا اليها ابن الله المحبوب لابيه.