محرر الأقباط متحدون
التقى البابا فرنسيس، أمس الاثنين، في الفاتيكان بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا خلال استقباله أعضاء المعهد البيبلي الفرنسيسكاني، مع العلم أن غبطته متواجد في روما لمناسبة افتتاح السنة الأكاديمية في جامعة القلب الأقدس الكاثوليكية، وقد أجرى دردشة مع الصحفيين على هامش الاحتفال لفت خلالها إلى أنه أطلع الحبر الأعظم على الأوضاع الإنسانية للمسيحيين في قطاع غزة، مشيرا إلى استمرار المفاوضات من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار، مع التأكيد على أهمية العمل بعيداً عن الأضواء كي تأتي هذه الجهود

قال بطريرك القدس للاتين إنه تطرق خلال لقائه مع البابا فرنسيس صباح الاثنين إلى أوضاع المسيحيين في قطاع غزة وفي الأرض المقدسة بصورة عامة، والآفاق الممكنة أمام فتح قنوات للحوار من أجل وقف تدهور الأوضاع التي تبعث على القلق الشديد. وأوضح غبطته أنه وصل إلى روما قادماً من المملكة الأردنية التي زارها خلال الأسبوع الفائت، وقال إن الوضع في الأردن معقد لكن لا بد من القول إنه البلد الوحيد المستقر سياسيا في الشرق الأوسط، مشيرا إلى الدعم الإنساني الذي تقدمه البلاد إلى السكان الفلسطينيين لا سيما في قطاع غزة. وقال في هذا السياق إنه عندما تريد بطريركية القدس للاتين أن تستلم مساعدات إنسانية لغزة، يكون الديوان الملكي الأردني "عنوان البريد". وتطرق بيتسابالا إلى نقاشات أجراها مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ومع ممثلين عن الحكومة والمؤسسات الأردنية من أجل البحث في كيفية الحفاظ على قنوات التواصل مع غزة، بفضل بعض النفوذ الذي ما تزال تتمتع به المملكة هناك.

أضاف بطريرك القدس للاتين أن المملكة تبقى اليوم الجهة المرجعية الأكثر استقرارا في المنطقة، لافتا إلى وجود تعاون، بالحد الأدنى، مع المنظمات الإنسانية ومصر. وتحدث عن جهود تهدف إلى تخطي انعدام الثقة الذي ترتبت عليه وللأسف تبعاتٌ معنوية، سياسية ودينية، معتبراً أنه من الأهمية بمكان أن تستمر المساعي في هذا الاتجاه لأن الدبلوماسية والسياسة هما الإمكانية الوحيدة المتاحة من أجل التخلي عن لغة السلاح. ولم يخفِ غبطته صعوبة التوصل إلى حل للأزمة الراهنة، مشيرا إلى أهمية العمل على مراحل، لأنه لا يمكن أن يوجد حل فوري، ولا بد من العمل حالياً على فتح قنوات للتواصل بين الطرفين المتنازعين، أي بين إسرائيل وحماس، اللذين لا يتحاوران مباشرة. وشدد بيتسابالا على ضرورة التوصل إلى إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار وعودة الحياة إلى طبيعتها في غزة، في الحد الأدنى. واعتبر أن الكنيسة الكاثوليكية وباقي المؤسسات قادرة على لعب دور على هذا الصعيد.

هذا ثم أكد غبطته في معرض إجابته على أسئلة الصحفيين أن الكنيسة المحلية على تواصل مستمر مع رعية العائلة المقدسة في غزة، علما أن كاهن الرعية يتواصل أيضا هاتفيا مع البابا فرنسيس. وذكّر بيتسابالا بأن الرعية تتواجد في شمال القطاع الذي لا يشهد حالياً عمليات عسكرية كبيرة بعد إخلائه من معظم السكان. ومع أن الوضع هادئ نسبياً في الشمال إلا أن السكان المتبقين يعيشون في حالة من العوز الشديد، إذ فقدوا بيوتهم ويفتقرون إلى المياه والتيار الكهربائي. ولا توجد لديهم أي مرجعية مؤسساتية.

في سياق حديثه عن الجماعة المسيحية المحلية قال غبطته إن المسيحيين ليسوا شعباً على حدة، إنهم يعيشون الأوضاع نفسها أسوة بباقي المواطنين. وقال إنه ليس من السهل أن يعيش المسيحيون في وضع من الانقسامات العميقة. ختاما عبر البطريرك بيتسابالا عن أمنيته بالتوصل إلى نقطة تحولية فيما يتعلق بالأحداث الراهنة، مشددا على ضرورة العمل بعيداً عن الأضواء بغية التوصل إلى نتيجة.

وخلال افتتاح السنة الأكاديمية في جامعة القلب الأقدس الكاثوليكية بروما ألقى غبطته مداخلة توقف فيها عند أهمية اعتماد خطاب يساعد في بناء السلام، كما لا بد من التفكير في ما يقال، مدركين أن للكلمات وزناً مقرراً لاسيما وسط الأوضاع الدقيقة والحرجة. ولفت أيضا إلى المسؤولية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والسعي إلى التصدي لكلمات الحقد وانعدام الثقة مضيفا أن وصف الشخص الآخر بـ"الحيوان" هو أيضا ضرب من العنف لأن عبارات من هذا النوع يمكن أن تبرر اللجوء إلى العنف. وهنا لا بد من العمل – ضمن بيئات التنشئة الثقافية، المهنية والروحية – على خلق خطاب جديد.