ياسر أيوب
فى محاولة جديدة وليست أخيرة للاقتداء بكرة القدم وجنونها ومفاجآتها.. لم تقبل بطولة أستراليا المفتوحة للتنس التى بدأت فى نفس يوم بداية بطولة إفريقيا الكروية أن يبقى التنس أقل إثارة من كرة القدم، فتوالت مفاجآت الأدوار الأولى وخسرت النجمة الكبيرة ناومى أوساكا وأيضا بطلة ويمبلدون ماركيتا فيندروسوفا والنجم الكبير أندى موراى وآخرون..
وفى مقابل ذلك كانت البطولة نفسها هى الرابحة.. فالاعتياد فى الرياضة يدفع للملل والتثاؤب وعدم الاهتمام.. وتبقى القصة الأكبر للبطل الذى لم يتوقع انتصاره أحد وليس الذى انتظر الجميع منذ البداية احتفاله بالبطولة.. ولولا المفاجآت الأولى فى البطولة الكروية الإفريقية ما بدأ كثيرون جدا يلتفتون لكل مبارياتها، حيث باتت كلها مهمة وكل نتائجها غير مضمونة أو متوقعة.. وكذلك بطولة أستراليا المفتوحة للتنس التى أصبحت حتى أدوارها الأولى مهمة وأكثر إثارة بعد توالى خروج النجمات والنجوم الكبار..
وبعيدا عن كرة قدم لن تتخلى عن جنونها مهما جرى وتنس يحاول قدر الإمكان إضافة بعض الجنون لما يملكه من أناقة ورقى.. تبقى بطولة أستراليا المفتوحة حكاية جميلة تستحق التوقف أمامها قليلا.. فهذه البطولة التى بدأت 1905 وأصبحت منذ 1923 إحدى بطولات الجائزة الكبرى لم تكتسب نجاحها العالمى إلا مع بداية ثمانينيات القرن الماضى.. وبعد أن كانت هذه البطولة منذ بدايتها تتنقل بين مختلف مدن أستراليا.. سيدنى وملبورن وأديلايد وبريسبان، حتى إنه أقيمت فى 1909 فى حديقة الحيوان بمدينة بيرث..
قررت مدينة ملبورن أن تستأثر بهذه البطولة وتستثمر فيها كل قدراتها وإمكاناتها وأفكارها..
ومثلما تنجح الدول التى لا تقرر الرهان على كل الألعاب إنما تجيد اختيار ألعاب قليلة تأتيها بالانتصار والكبرياء.. اختارت ملبورن أن تراهن فقط على بطولة تنس وحيدة تهتم بها وتنفق عليها الكثير.. فالحكومة الأسترالية اختارت سيدنى لتصبح مدينة عاصمة تجارية مزدهرة ونشيطة بعيدا عن كانبرا التى هى العاصمة الرسمية.. ولم تشأ ملبورن الاستسلام لذلك، وبدلا من محاولة منافسة سيدنى اختارت السياحة، وبالتحديد سياحة التنس وبطولة تنس كبرى..
ونجحت ملبورن فيما أرادته.. فالذى يريد كل شىء غالبا سيخسر فى النهاية كل شىء..
والذى يريد نجاحا حقيقيا سيختار طريقا واحدا يسعى لأن يمشيه حتى نهايته.. وهكذا لم تعد أستراليا المفتوحة فقط بطولة تنس كبرى.. إنما أصبحت مصدر دخل هائل للمدينة.. ففى كل بطولة يأتى مئات الألوف من السائحين يشاهدون المباريات وينفقون المال فى الفنادق والأسواق والمطاعم والمقاهى.. وبلغ إجمالى ما ربحته ملبورن من البطولة فى العشر سنوات الأخيرة مليارا وسبعمائة مليون دولار ولايزال الربح يتزايد سنة بعد أخرى.
نقلا عن المصرى اليوم