دعا سائقو القطارات إلى أسبوع آخر من الإضرابات المتوالية في إنكلترا اعتبارًا من أواخر شهر يناير الجاري؛ وذلك في إطار النزاع طويل الأمد حول الأجور.
ووفق ما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، فسوف يضرب أعضاء الجمعية التشاركية لمهندسي القاطرات ورجال الإطفاء (أسليف) لمدة 24 ساعة في كل شركة تشغيل قطارات على السكك الحديدية الوطنية في أيام مختلفة بين الثلاثاء 30 يناير والاثنين 5 فبراير.
وسيرفض السائقون أيضًا العمل لساعات إضافية طوال فترة الإضراب، ما يتسبب في اضطراب طويل الأمد في أجزاء من السكك الحديدية التي تعتمد على العمل في يوم الراحة.
تتبع الإضرابات الأخيرة أسبوعًا مشابهًا من التحركات المستمرة في ديسمبر، بعد 14 يومًا سابقًا من الإضرابات على مستوى البلاد بسبب النزاع الذي استمر 18 شهرًا.
من المرجح، وفق الصحيفة ذاتها، أن تؤدي الإضرابات إلى إيقاف جميع القطارات عند المشغلين المتأثرين، على الرغم من أن هناك احتمال الآن أن تطلب الشركات 40 بالمئة من جدولها الزمني بموجب قانون الحد الأدنى لمستويات الخدمات الجديد.
ومع ذلك، لم يتم اختبار التشريع، وقد أعربت شركات السكك الحديدية وكذلك النقابات عن قلقها بشأن الجوانب العملية والعواقب.
لن تتم إضرابات السكك الحديدية إلا في الشركات المتعاقدة مع وزارة النقل في إنجلترا، لكن بعض الخدمات عبر الحدود التي تعمل بها في اسكتلندا وويلز قد تتأثر.
وقال الأمين العام لـ Aslef، ميك ويلان: "لقد منحنا الحكومة كل الفرص للحضور إلى طاولة المفاوضات، لكن مر عام منذ أن تلقينا اتصال من وزارة النقل.. ومن الواضح أنهم لا يريدون حل هذا النزاع".
وأضاف: "إن عديداً من أعضائنا لم يحصلوا حتى الآن على أية زيادة في رواتبهم طيلة نصف العقد من الزمن، حيث ارتفع معدل التضخم ومعه تكاليف المعيشة إلى عنان السماء.. ولم يطلب سائقو القطارات حتى زيادة في الأجور خلال جائحة كوفيد-19 عندما عملوا طوال الوقت كعمال رئيسيين، وخاطروا بحياتهم للسماح لهيئة الخدمات الصحية الوطنية والعاملين الآخرين بالسفر".
لا أحد فائز!
ونقلت الصحيفة البريطانية عن متحدث باسم مجموعة التسليم بالسكك الحديدية، التي تمثل مشغلي القطارات، قوله: "لا أحد يفوز عندما تؤثر الإضرابات على الأرواح وسبل العيش، ويصعب تبريرها بشكل خاص في الوقت الذي يواصل فيه دافعو الضرائب المساهمة بمبلغ إضافي قدره 54 مليون جنيه إسترليني أسبوعيًا للحفاظ على استمرار تشغيل الخدمات بعد كوفيد".
وأضاف: على الرغم من التحدي المالي الضخم الذي تواجهه السكك الحديدية، فقد تم تقديم عرض للسائقين من شأنه أن يرفع الرواتب الأساسية إلى ما يقرب من 65000 جنيه إسترليني لمدة أربعة أيام في الأسبوع دون العمل الإضافي، وهذا أعلى بكثير من المتوسط الوطني وأكثر بكثير من عديد من الركاب لدينا الذين ليس لديهم خيارات للعمل من المنزل مدفوعة الأجر.
تردي الأوضاع المعيشية
من جانبه، يشير عضو حزب العمال البريطاني، مصطفى رجب، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن:
الإضرابات في بريطانيا أصبحت شاملة جميع القطاعات من أطباء وممرضين ومدرسين من آن لأخر، على وقع أزمة تكلفة المعيشة والأجور.
الوضع الاقتصادي أصبح صعباً، والمواطن البريطاني غير قادر على مواجهة أعباء الحياة.
الحكومة تعرض نسب ضئيلة جداً لزيادة المرتبات السنوية للعمال والموظفين، وهو ما يوضح تعنتها في المفاوضات التي نتج عنها تلك الإضرابات.
الحكومة الحالية تُماطل في كل القطاعات وتضرب بمصلحة المواطن عرض الحائط.
أعباء الحياة أصبحت صعبة بسبب ارتفاع أسعار المأطل والمشرب والغاز والكهرباء والبنزين والمواصلات، مع ارتفاع معدلات التضخم.
وارتفع معدل التضخم في المملكة المتحدة بشكل غير متوقع إلى 4 بالمئة على أساس سنوي في ديسمبر 2023، مدفوعًا بارتفاع أسعار الكحول والتبغ.
وكان هذا هو الشهر الأول الذي يرتفع فيه المؤشر السنوي لأسعار المستهلكين (التضخم) منذ عشرة أشهر وتحديدا في فبراير 2023.
وكان اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا تباطؤا متواضعا في مؤشر أسعار المستهلكين السنوي إلى 3.8 بالمئة، بعد انخفاض حاد أكثر من المتوقع في نوفمبر إلى 3.9 بالمئة.
وبالعودة لتصريحات رجب، فإنه يلفت إلى أن المواطنين في منازلهم يراقبون عدادات الكهرباء والغاز، ولا يستعملونها إلا في بترشيد، وكثيرون الآن لا يستعملون سياراتهم نظراً لارتفاع أسعار البنزين.
ويلفت إلى أن بنك الطعام أًصبح مصدر غذاء لكثير من الناس وليس للفقراء فقط، مشيراً إلى أنه كمثال صغير للأغذية كيلو اللحم سعره سابقاً كان لا يتخطى الخمس جنيهات إسترليني، وأصبح الآن 12 جنيهاً.
كل تلك الأمور شكلت عوامل أساسية وراء تصاعد الاحتجاجات والإضرابات في القطاعات التي يطالب الموظفين والعاملين فيها بزيادة رواتبهم بما يوازي معدلات التضخم، وفي ظل أزمة تكلفة المعيشة المتصاعدة، لا سيما وأن الزيادات السابقة لم تُساير معدلات التضخم.
ويضيف عضو حزب العمال البريطاني: الإضرابات صارت لشهور عدة والحكومة مصرة على تعنتها، فقط اليوم يدعون الأطباء للجلوس حول مائدة المفاوضات، بعدما سبق ورفض الأطباء عرض الحكومة، ولكن نظرا لخطورة الوضع في المستشفيات تسعى الحكومة إلى إرضائهم، ذلك إذا وافقت النقابة على اللقاء، مؤكداً أن إضراب المواصلات يوقف شريان الحياة، بجانب الخسارة المادية والاقتصادية الفادحة.
دعم أوكرانيا
ويستطرد: "الشعب هنا يتساءل كيف نمد هذه المعونة الفادحة لأوكرانيا ونحن نتعثر في حياتنا، فسياسة الحكومة لا تسهم في تهدئة الموقف".
ويرى رجب، في معرض حديثه مع موقع" اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن هذا الوضع سيتسبب في سقوط حكومة المحافظين خلال الانتخابات المقبلة، موضحاً أن الخطر الأكبر هنا هو ارتفاع نسبة الجريمة نتيجة تردي الوضع الاقتصادي.
ويختتم حديثه قائلاً: إن أحداث غزة تزيد الموقف سوءًا، خاصة وأن البوليس يستدعي كل قواته لساعات طويلة لحفظ الأمن.