حمدي رزق
لكنك لا تعرف يا رئيس الأمريكيين، البابا في روما، والإمام في المشيخة، والمرشد في قم، وكل المُشرَّدين في غزة، والمقبورين في خان يونس، والعجائز حول نار المدفأة في ليالى الشتاء في «بيت لاهيا»، وآلاف البسطاء في رفح، كلهم ينتظرون عطفتكم الإنسانية!.
فصلنى من الضحك، منشور على شاشة «الجزيرة القطرية»، منسوب إلى مجلس الأمن القومى الأمريكى يقول: «ستظل الولايات المتحدة رائدة في مجال المساعدات الإنسانية لغزة»!!.
وجب الشكر علينا، يا سلام على الإنسانية، يا سلام على الحنية، لطيف منشور الريادة الإنسانية، فعلًا الولايات المتحدة سباقة إلى الخيرات، وإدارة بايدن تعنى بالإنسانيات، تقدمها على ما سواها من لزوميات الأمن القومى الأمريكى.
لله دره «أنتونى بلينكن»، وزير الإنسانية المعذبة، وما يدر تعنى ما ينزل من الضرع من اللبن ومن الغيم من المطر، معلوم أن الوزير بلينكن إنسانوى، إنسان أنوى نادر، يذوب رقة، وقلبه قلب خساية، متشحتف إنسانيًّا رايح جاى على تل أبيب، ولا ينام حتى يطمئن على حياة الخُدَّج الرضع في حضّانات مستشفى الشفاء.
جون كيربى، المتحدث باسم مجلس الأمن القومى بالبيت الأبيض، يتفطر إنسانيًّا، يقول ودمعته على خده: «الولايات المتحدة مستعدة لزيادة المساعدات الإنسانية في قطاع غزة الذي مزقته الحرب، مع تحول إسرائيل إلى مرحلة أقل شدة».
«كيربى» يذرف الدمع الهتون في كل ظهور إعلامى على ضحايا غزة، وعادة يعزى بمنشور إنسانى، يُقال إنه أرسل نحو ٢٤ ألف برقية عزاء بعدد المقبورين في المقابر الجماعية، مع تمنيات بالشفاء العاجل لنحو ضعف هذا الرقم من الجرحى والمصابين، مع تحول مجرمى الحرب إلى حملان وديعة.
معلوم أن الإدارة الأمريكية طول عمرها قلبها رهيف، وحساسة جدًّا تجاه قصف المدنيين، وفى كابينت الحرب الإسرائيلى، توسل بلينكن لنتنياهو على الطريقة الحليمية (زى الهوا):
«رميت الورد طفيت الشمع يا بيبى
والغنوة الحلوة ملاها الدمع يا بيبى».
الإدارة حنينة قوى خالص، ولديها ميل إنسانى غريزى تُغلبه على كونها إدارة صهيونية بامتياز.
خفة دم محرر منشور «الجزيرة» ملوش حل، يملك روح دعابة لافتة، ولا خفة دم طيب الذكر «السيد بدير»، كاتب حوار فيلم «إسماعيل ياسين في الأسطول»، أقصد الأسطول السادس، الذي يدعم العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.
تداعيات «طوفان الأقصى» أغرقتنا في حالة حزن مستدامة، ولكن محرر المنشور الظريف غيّر المُود تمامًا، الرعاية الأمريكية الإنسانية لضحايا غزة دافقة، الجسر الإنسانى يصل بين القلوب الواجفة في واشنطن، والقلوب المفطورة في غزة.
حنية الوز، معلوم أن واشنطن أجود من الريح المرسلة في النكبات الفلسطينية، تهرع للغوث، الإدارة لديها حس إنسانى طاغٍ، بايدن يطلّعها من بُقّ المواطن الأمريكى ليُشبع بها الجوعى في غزة، وكرمها بزيادة، بايدن أجود من حاتم، وحاتم الطائى من قبره خلع على بايدن لقب «أبوالكرم» الكريم.
برجاء كفاية إغاثة، كفاية ريادة، غزة تعانى تخمة إغاثية، والمُشرَّدون في غزة لسان حالهم شبعنا إنسانية، والألسنة الجافة تلهج بالشكر، تشكرات للرئيس بايدن، يجعله عامر يا أرَقّ صهيونى في التاريخ، بايدن سيدخل التاريخ الإنسانى كأول صهيونى قلبه قلب خسّاية.
نقلا عن المصرى اليوم