د. وسيم السيسي
وُلدت فى بوستن بالولايات المتحدة الأمريكية 1706، وغادرت هذا العالم 1790 عن عمر 84 سنة، صورتى حتى الآن على العملات المالية المائة دولار والـ50 سنتًا. شاركت فى كتابة الدستور، طالبت بتحرير العبيد وحررت عبيدى مجانًا، كنت مفكرًا فيلسوفًا سياسيًّا ربوبيًّا، أى أؤمن بالله فقط لا الأديان، مهتمًّا بعلوم الفيزياء، خاصة الكهرباء، وأثبتُّ أن البرق كهرباء بسارية العلم المعدنية، عملت مع أخى جيمس، صاحب مطبعة، وأصدرنا جريدة، كنت أنا عقلها المفكر. ركبنى الغرور، وكنت فى الثامنة عشرة، فاختلفنا سويًّا، وتركته، وما أشد ندمى الآن على غرورى وطيشى.
ذهبت إلى إنجلترا، واتفقت مع كيمر أن يمدنى بآلات الطباعة فى بنسلفانيا فى أمريكا، وأصدرت أعظم جريدة فى ذلك الوقت، بنسلفانيا جازيت، أصبحت مشهورًا، وعُينت مديرًا لمستعمرة بنسلفانيا، أقمت أكبر مكتبة عامة لإقراض الكتب، أسست هيئة شرطية للأمن الداخلى، جمعت تبرعات لبناء جامعة بنسلفانيا، أرسلونى سفيرًا عن أمريكا إلى فرنسا، واستطعت أن أكتسب مساندة فرنسا العسكرية فى الحرب الأهلية 1754، كنت خطيبًا مُفوَّهًا وكاتبًا موهوبًا، ذلك لأن سر تفوقى كان فى كلمة واحدة هى الاختزال، كنت أضع الكثير من المعانى فى قليل من الكلمات.
كم أنا حزين الآن، كل ما قلته وحذرت منه ذهب سدى وكأنه قبض الريح وحصاد الأمواج، حذرت قومى من الخطر العظيم الذى يهددهم، ألَا وهو اليهود، قلت لهم إنهم مصاصو دماء للشعوب الأخرى، ولو أن العالم وفر لهم مكانًا فى فلسطين لما عاشوا فيها، كيف يمتصون دماء بعضهم البعض؟!. لا بد من وجود مسيحيين أو مسلمين حتى يمتصوا دماءهم، إنهم لا يزرعون ولا يحصدون ولا يصنعون، فقط صناعة المال، وإذا اختلفوا مع أحد الشعوب خنقوه ماليًّا، كما فعلوا فى إسبانيا والبرتغال.
إنهم لا يدخلون بلدًا إلا دمروه أخلاقيًّا، انظروا إلى زواج المثليين، بل رفع الدعم عن أى مؤسسة تحارب هذا الفساد.
كتبت وطلبت منع دخولهم بلادنا بنص دستورى، وقلت إنهم فى ظرف مائة عام سوف يهاجرون إليكم، ويتحكمون فى رقابكم، وأنتم تعملون فى المصانع والحقول، وهم فى مكاتب حساباتهم يضحكون عليكم، ويسخرون منكم، بعد أن يقيدوكم بالديون حتى الموت، وها هو بول فندلى 1921- 2019، يقول فى كتابه (مَن يجرؤ على الكلام): اليهود فى بلادنا يسيطرون على المعدة والعقل والغرائز، ولم يعد باقيًا لدينا فى بلادنا إلا أن نغير اسم نيويورك إلى جو يورك jew york، أى بلد اليهود، لقد حذرت قومى وقلت لهم سوف يلعنكم أبناؤكم وأنتم فى قبوركم لأنكم تركتم بلادكم التى حاربتم من أجلها لمصاصى دماء الشعوب.
لقد اطّلعت على ما كتبه هتلر فى كتابه «كفاحى» وأنا فى العالم الآخر، إنه يقول: إن أصبح لليهود دولة فسوف يرفضون رسم حدودها لأن حدودها هى آخر مكان يقف فيه جندى إسرائيلى، إنهم قوم بلا تاريخ، كيف تحث إنسانًا على حب بلده، وهو لا يعرف تاريخ وحضارة بلده؟!، إنهم سادة الكلام وزعماء الكذب، لقد نما عقل اليهودى بسبب امتزاجه مع عقول الآخرين الذين يتمتعون بحضارات عريقة.
إن ما يحدث الآن فى غزة يُدمى قلبى كثيرًا، ولكن ما أراه أنه أول مسمار فى نعش نهاية إسرائيل، بل فى نعش نهاية ماما أمريكا. لأول مرة، يخرج المارد الفلسطينى فى حروب الغوريلا دفاعًا عن وطنه. لأول مرة، تنهار سمعة الجيش الذى لا يُقهر بعد حرب أكتوبر 1973. لأول مرة، تنهار سمعة مجلس الأمن، الأمم المتحدة، حقوق الإنسان الديمقراطية، وتظهر الحقائق ناصعة: وحوش فى ثياب بشرية، قانون الغاب بدلًا من قانون الأخلاق. سمعت فكاهة سياسية ذات مغزى عميق: درب أحدهم مجموعة كبيرة من القطط العمياء المولودة حديثًا على أن تهتف: تحيا ماما أمريكا، يحيا بابا بايدن، وذهب بها إلى مستر بايدن، سُرَّ بها سرورًا عظيمًا، ودعا ملوك ورؤساء العالم إلى سماع هذه المعجزة البيولوجية، وبعد أسبوع كان الاحتفال الكبير، ولم تهتف القطط، بل لاذت بالصمت الحزين، فلما أتوا بصاحب القطط كان الرد: القطط فتّحت يا عالم.
نقلا عن المصري اليوم