Oliver كتبها 
إستيقظت القبائل علي الخبر الذي يأسوا أن يسمعوه.لا تسأل عن الحسرة التي إنتابت أولئك الذين توقفوا عن إنتظار الآتي؟؟ سمعوا أنه هبط من فوق جبل دوماوند كنجم.و أنه أخذ بعض ملوك القبائل الأخري و إختفوا معاَ؟؟ كانت التفسيرات عن إختفاء الملوك متضاربة.هل النجم السماوي يختطف الملوك؟أم هو يخفيهم ليكون هو الملك الأوحد؟ أين ملوكنا؟يا ليت الآتي يكون ملكنا عوضاً عنهم.نحن سننعم بالأمان معه؟ لكنه أخذ ملوكنا و لا نعرف أين هم و لا أين هو؟ يا ليتنا ما يأسنا؟ليتنا كنا نبقي معهم ننتظر فنجده و يجدنا.
 
قام ملك يرثي لنفسه.يتحسر لائماً نفسه علي توقفه عن إنتظار الإله.لملم أمتعته لم يودع أحداً.أخذ المجوسي القليل من لوازم السفر و الأمنيات في قلبه تحرقه شوقاً أن يجد النجم و المجوس الذين معه .
 
ظل الرجل يسير كالمشدوه.كأن الخمر قد أذهبت عقله.كانت دموعه تسيل و هو يصرخ.كان ينادي إلهاً لا يعرفه و نجماً لم يره و كان يصيح علي رجال لا يدري أين هم و ماذا جري لهم.كانوا أصدقاءه من ملوك القبائل المتجاورة.
 
صارت التصورات تقتله.أصبح يري النسور الطائرة فوق جبال زاجروس كأنها كائنات سمائية ثم لما تقترب يكتشف أنه كان واهماً.كان يري كل وميض نجماً و كل نجم إلهاً و لما يمضي الوميض و تختفي النجوم يجلس منكسراً يبكي حاله و تتلاعب به خيالاته.يتمني لو يعرف أين يجد الكوكب السمائي .تمضي به الأيام و حاله يتقلب بين الخيال و بين الجبال .يلوم نفسه لأنه لم يكن طويل البال و لم يصبر إلي النهاية.يجهز أعذاره و إعتذاره لكي إذا ما تقابل مع النازل من السماء يقول له أنت إله و أنا لا أعرفك.لا أعرف كيف أعبدك و لا أدري أين تسكن. أنا ملك و أعرف قدر الملوك لذلك أعرف قدرك.أنا لا أدري ماذا يرضيك إنقذني فأنا هنا في الأرض تائه.لم أعد أعرف الطريق.هل لك طريق خاص بك؟ .كل الطرق أمامي متماثلة.أدور في دائرة و لا أتقدم نحو أي هدف.أنا لا أعرف إلي أين ينبغي أن أمضي لذلك كل خطواتي متثاقلة.أسفار بلا هوية.يا ليتني كنت ساهراً مع من وجدوك أيها النجم أيها الكائن أيها الإله.أم أنك لست الإله ؟لكنك تعرفه و هو أرسلك.
 
صار الرجل يعبر علي القبائل الكثيرة في طريقه يسأل لعل أحدهم يدله علي الطريق  وكان البعض يراه رجلاً مختل العقل و البعض الآخر يقول هذا الرجل أجرم في أمر و الآلهة تعاقبه و كانوا يتجنبون إستضافته في الطريق.
 
المجوس في الطريق إلي الطريق
أما الذي ينتظر مثلهم فإنه يستمتع بما تنعموا به.فالنجم يصحبهم كأنه أب.كانوا يتبعون النجم حيناَ و النجم يتبعهم حيناً.كانوا ينعسون فيقف لهم النجم.و لما يستيقظون كانوا يتبعونه بلا كلل.الفرح يحيطهم .ما كانوا يتأملون الطريق التي يمشونها بل ينظرون إلي قدام إلي أين سيقودهم النجم.يمشون  و لا يتعبون.. أمل الوصول إلي حيث الملك المنتظريحصرهم. أحياناً كانوا يشعرون كأن النجم يحملهم إذا تعبوا من السير.ثم لما يستريحوا كانوا يسرعون كمن يحمل النجم علي المضي بسرعة لكي يجدوا غايتهم.كانت كلماتهم قليلة.في البداية كانوا يخشون الكلام ظناً منهم أن النجم لا يحب كلامهم .ثم بدأوا يتكلمون بمنتهي الحذر لئلا يخبر النجم إلهه بما يتكلمون.
كان الناس يقابلون المجوس و يتعجبون علي همتهم.ما كان الناس ينظرون إلي فوق .أكثر الناس الذين قابلوا المجوس لم يبصروا النجم.هكذا الناس حين تنشغل بالناس تخسر الدليل الإلهي.في الطريق لم يتبع المجوس أحد سوي بعض أناس لم يروا النجم لكنهم صدقوا و طوبي للذين آمنوا دون أن يروا.
العجائب التي رآها الرجال كثيرة.و الأحداث تكشف عن عظمة الإله الذي إنقادوا إليه بالنجم و التفاصيل ستجدونها في كتاب أربعة أعوام من العجائب عن يوميات المجوس حين أكتبه.
 
عودة إلي المجوسي التائه
نام المجوسي سانداَ رأسه علي صخرة.لم يستطع النوم .رأسه تؤرقه.أفكار اليوم كلها حسرة و تأنيب فكيف يجد راحة عند نومه.الأحلام عنده مرتبكة.لا تختلف عما يعانيه من إرتباك في يقظته.قرر الرجل ألا ينام.أليس الملك المنتظر ملكاً لليهود ؟لماذا لا أسأل أحد اليهود عنه.طاف الرجل وسط القري المتناثرة يسأل لعله يجد أحد اليهود .أرشده المارة إلي منطقة تسمي وادي القري حيث يسكن كثير من اليهود.قصد الرجل ذاك الوادي و آماله تدفعه دفعاَ.وجد أحد الرعاة فسأله هل أنت يهودي؟نظر الرجل إلي المجوسي في ريبة قائلاً أنا يهودي ألا تري ثياب اليهود التي ألبسها.كان الرجل مرتدياً ثياباً كالكهنة.سأله مباشرة أنتم تنتظرون ملكاً يأتي من السماء أليس كذلك؟ أجاب اليهودي : تقصد أننا ننتظر المسيا؟كانت أول مرة للمجوسي يسمع فيه أن الملك أسمه مسيا؟؟هكذا ظن الرجل...قال المجوسي هل ملككم أسمه مسيا؟؟؟أجاب الرجل لا بل أسمه يسوع.هذا ما أخبرنا به إشعياء النبي.أما أنه مسيا فهو ممسوح ملكاً.نعم هو مسيا و هو ملك.سأل المجوسي في لهفة كمن إقترب من الحقيقة.قل لي يا رجل أين أجد المسيا الذي تقول عنه؟؟؟نظر اليهودي في دهشة..أنالا أعرف المسيا بل فقط قرأت عنه.لا أعرف أين يولد أو متي؟لا أعرف حتي لو تقابلت معه..أأنت نبي أتيت إلي الوادي لتخبرنا برسالة؟؟ أجاب المجوسي يا رجل أنا لا أفهم ما تقول و لا أنا نبي.أنا تائه أسأل عن ملككم .سمعت أن نجمه ظهر لبعض من ملوكنا ..هل سيولد ملككم هنا في وادي القري؟؟نظر الرجل بغضب و نبرات صوته تعلو...لا يا هذا سيولد المسيح في اليهودية أو أورشليم لست أدري لكنه سيولد في بلادنا القديمة و سيقيم خيمة مملكة داود الساقطة.و حتماً سيجمعنا من الشتات.قبائلنا هنا في تغلب و خيبر و بني النضير و بني قينقاع و غيرها تنتظر أن يأتي المسيا و يستعيدنا إلي مملكة داود.لكن الأخبار عن مجيئه منقطعة منذ ثلاثمائة عاماً.أنت أول من يسألني عنه ..منذ سنوات جاءنا رجل قال أنه المسيا و قد إنكشف كذبه.منذ ذلك الحين و نحن نخجل من سماع أي أخبار عن المسيا لئلا نتورط وراء ملوك مزيفين.....كانت ردود الرجل قاطعة فشكره المجوسي بخيبة أمل و مضي باحثاً عن آخر و آخر و آخر و كل واحد لا يشفي صدره .فالإجابات ملتبسة.و العارفون منهم خائفون و الخاثفون منهم يستعفون و يتجاهلون المجوسي حتي أنهكت قواه و فقد رجاه و كاد ينسي لماذا خرج من البداية.لأن الذين قابلوه نصحوه أن يرجع.الطريق شائك و المصير مجهول و حكايات التائهين لا تنقطع في الوادي.
 
عرف المجوسي أن آخرين مثله قد جاءوا و قد ذهبوا و لم يفلح أحد في معرفة مصيرهم.و لم يسمعوا أن أحدهم عثر علي الملك في الطريق.
قرر الرجل أن يعود لكنه لم يعد.إلي الآن هو تائه.يراه المارة فيندهشون من ذقنه المتدلية التي قاربت الأرض من طولها.إذا رأيته تظن أنه آدم الأول بل هو آدم الأول الذي أراد أن يعرف أكثر فأكل من الشجرة المحرمة.فلا هو عرف شيئاً و لا إحتفظ بما كان يعرفه فعاش تائهاً كالمجوسي.
بعد سنوات وجدوا المجوسي نائماً  و بجواره ورقة مكتوبة بالفارسية ( لا تصل إلي الملك إلا لو قادك نجمه) أخذوا الورقة , أغلقوا عليه الكهف و كتبوا عنوانه هنا يرقد المجوسي التائه.