Socratos of Constaninople

( نحو 380- 450 م )
إعداد/ ماجد كامل 
من بين المصادر الأولية الهامة لدراسة تاريخ الكنيسة ، يأتي ذكر أسم المؤرخ اليوناني سقراط Socratos of Constaninoiple . أما عن  السيرة الذاتية لسقراط المؤرخ  ، فهي وفي حدود المعلومات المتاحة لدي .  ولد نحو سنة 380 م ، وكان معاصرا لكل من المؤرخ سوزمومين Sozemen  0( 400- 450 م ) ، والمؤرخ ثيودوريطس ( 393- 458 م تقريبا ) . وتلقي تعليمه علي يد كل من "هيلاديوس " Helladius   ، وأمونيوس Ammonnius   ،ودرس الخطابة والقانون ، ومارس بعدها مهنة المحاماة ،   ولقد كتب سقراط تاريخه بناء على طلب أحد أصدقائه ، وهو يتضمن تاريخا كنسيا في سبعة كتب صممت لتكون تكملة  لعمل المؤرخ الشهير يوسابيوس القيصري Eusebius (   265- 339 م  ) ، ويمتد من تاريخ تخلي دقلديانوس عن  الحكم في عام 305 حتي عام 439 م ، ويغطي كل كتاب فترة حكم أحد الأباطرة حتى وفاته . ولقد شدت الأحداث المرتبطة بالقسطنيطينية أهتمامه بشكل خاص ، ولقد أستفاد كثيرا في كتابه  هذا من كل ( يوسابيوس -  روفينوس  – المقالات والرسائل التاريخية والجدالية للقديس أثناسيوس – جيلاسيوس أ سقف قيصرية – يوتروييوس – قوائم الأساقفة – محاضر المجامع التي أصدرها سابينوس أسقف هيراكليا المقدوني  - رسائل الأباطرة والأساقفة – تقارير شهود عيان ) . ولذلك فأن هذا العمل يعتبر مخزنا للمعلومات التي لا تقدر بثمن لكل من يهتم بكتابة التاريخ . 
 
أقسام الكتاب : 
أما عن تقسيم الكتب السبعة التي كتبها فهي علي النحو التالي :-
1-الكتاب الأول : الكنيسة في عصر قسطنطين الكبير ( 306- 337 م ) . 
2-الكتاب الثاني : الكنيسة في عصر قسطنطين الثاني ( 337- 360 م ) . 
3-الكتاب الثالث : الكنيسة في عصر يوليانوس ( 361- 363 م ) وجوفيان ( 363- 364 ) . 
4-الكتاب الرابع : الكنيسة في عصر الإمبراطور فالنس ( 364- 387م ) . 
5-الكتاب الخامس : الكنيسة في عصر ثيؤدوسيوس الكبير ( 379- 395 م ) . 
6-الكتاب السادس : الكنيسة في عصر أركاديوس ( 395- 408 م ) . 
7-الكتاب السابع : الكنيسة في عصر ثيؤدوسيوس الصغير ( 408- 439 م) . 
 
الدوافع التى دفعته لكتابة تاريخه :
ولقد سجل فى بداية عمله الدوافع التي دفعته لكتابة كتابه ، فقال " لقد ختم يوسيبويس كتابه تاريخ الكنيسة ، الذي كتبه فى عشرة كتب ، بفترة الإمبراطور قنسطيطن بعد ما انقضى   اضطهاد دقلديانوس ضد المسيحين  . وأيضا عندما تناول نفس المؤلف حياة قنسطنطين ...... حيث قال " وإذ عزمنا الآن على كتابة تفاصيل ما قد حدث فى الكنائس منذ أيامه إلي وقتنا الحاضر ، فإننا سنبدأ برواية ما قد تركه على وجه الخصوص ، وسنضع  أمام القاريء ما قد استطعنا تجميعه من المستندات ، وما قد سمعناه من أولئك الذين كانوا ملمين بالحقائق التي تكلموا عنها ( د .بولا ساويرس : التاريخ الكنسي لسقراتيس ، الكتاب الأول ، الفصل الأول ، الفقرة 1 ، 2 ، صفحة 21 ) . 
 
أهم المباديء التي ألتزم بها في كتابة تاريخه :-
1-دافع عن قانون الإيمان النيقوي ضد الأريوسية وغيرها من الهرطقات ، وكان يؤمن بالوحي الإلهي في قرارات المجامع  المسكونية . 
2-دافع عن العلامة أوريجينوس ، وهاجم  كل الكتاب الذين حالوا التقليل من شأنه  ، ولقد سجل ذلك الرأى فى الفصل الثالث عشر من الكتاب السادس  حيث قال " إن الشخصيات التى بلا وزن أو قيمة ، تفتقر غالبا إلي الحط من أولئك الذين يتفوقون عليهم  ...... أن أولئك الذين حطوا من قدره ، لم يستطيعوا أن يقدموا  اتهاما ثابتا برأى غير سليم بشأن الثالوث القدوس ، فأثناسيوس المدافع عن عقيدة المساواة فى الجوهر ، كان يسشتهد بهذا المؤلف فى   حديثه ضد الأريوسيين ، فيقول " إن أورجينوس المبجل والمجتهد يؤكد بشهادته على عقيدتنا بشأن ابن الله ، مؤكدا أنه  أزلى مع الآب . لذلك أولئك الذين نعتوه بخزى إنما يغفلون عن عمد حقيقة أن سبابهم ينصب فى نفس الوقت على أثناسيوس الذى مدح اورجينوس ( سقراط : المرجع السابق ذكره ،  صفحتي 645 ، 646 ) .
 
3-لم يخجل  من الاعتراف بعدم معرفته وعدم قدرته علي الإجابة علي بعض التسساؤلات اللاهوتية تاركا ذلك لرجال الكهنوت . 
4-في نظره الأسقف محاطا  بهالة من القداسة ، والراهب هو النموذج للتقوى والنسك ، وإن كان قد أنتقد في كتابه  كل من القديس يوحنا ذهبي الفم والقديس كيرلس الكبير .
 
( القمص تادرس يعقوب ملطي : قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض الشخصيات الكنسية ، حرف ( ح – ص )  كنيسة مارمينا ،نيوجيرسي ،  صفحة 304 ) . 
 
وحول رؤيته لدراسة التاريخ ،يذكر الراهب بولا ساويرس فى ترجمته للكتاب ، أنه مهمة التاريخ تسجيل متاعب البشر ، فطالما أن السلام مستمر ، فإن أولئك الذين يكتبون التاريخ لن يجدوا المادة اللازمة لغرضهم ( بولا ساويرس :- التاريخ الكنسي  ، سقراتيس سكولاستيكوس ، صفحة 12 ) .

المشاكل والعيوب التي ذكرها المؤرخون عن كتابه :
أما عن العيوب التي ذكرها بعض المؤرخين عن كتابه ، فيمكن تلخيصها فى النقاط التالية :-
1-حصر سقراط نفسه  فى أمور الكنائس الشرقية ، ولم يلق الضوء الكافي على كنائس الغرب ، فهو لم يذكر سطر واحد عن عمل القديس أوغسطينوس  على سبيل المثال . 
 
2-أخطأ فى التسلسل التاريخي  فى بعض المواضع ، وسبب الخطأ  أنه أعتمد علي كتابات المؤرخ روفينوس Rufinus  ( 340- 410 م   )  ولقد أعترف هو بنفسه بهذا الخطأ في افتتاحية الكتاب الثاني من موسوعته حيث قال " لقد أخطأ روفينوس الذي كتب التاريخ الكنسي باللاتينية فى التسلسل الزمني إذ افترض أن ما جرى ضد أثناسيوس قد حدث بعد وفاة الإمبراطور قنسطنين ... كذلك كان يجهل ظروفا عديدة أخرى .وقد كتبنا كتابينا فى التاريخ تبعا لروفينوس ( سقراط : التاريخ الكنسي ، ترجمة د .بولا ساويرس ، الكتاب الثاني ، الفقرة الأولى ، صفحة 180 ) . 
 
3-تميز عمله  بإعطاء مساحة كبيرة لقصص المعجزات  ، ومع ذلك فهذه هى سمة العصر لدى معظم المؤرخين .
 
4-يرى بعض المؤرخين أنه كان من أتباع نوفاتيان الهرطقوقي ،  ودليلهم لى ذلك أن كان يذكر أسماء الأساقفة النوفاتيين الذين تتابعوا علي القسطنطينية  ، وأنه يعرف مشاكلهم وأمورهم ، غير أن البعض يدافع عنه  معتبرين أن ما كتبه كان من باب الأمانة الموضوعية .وأنه تناول هرطقات أخري بنفس الكيفية ، وهو  كمؤرخ علماني شعر أنه لا يود أن يحكم فى الأمور اللاهوتية ، ويري البعض أن سمة عدم التحيز كانت ظاهرة بوضوح فى كل الكتاب ، فحتى عندما كان يختلف مع الآخرين فى أمور العقيدة ، لم يكن يسمح لنفسه بإستخدام عبارات التحقير لآرائهم .
 
5- ذكر  صراحة أنه لم يحرص  فى  كتاباته على الالتزام بقواعد البلاغة ، ولم يجر وراء التعبيرات والألفاظ الرنانة ، بل أراد تسجيل العمل ببساطة حتي يتمكن الجميع من فهمه . 
 
6-أوضح فى مقدمة كتابه الارتباط الشديد بين الكنيسة والدولة . وأنه لا يمكن الفصل بينهما بسهولة ، فإن ما يحل بالواحدة من البؤس ينعكس على الأخرى . 
( لمزيد من الشرح والتفصيل راجع :- القمص تادرس يعقوب ملطي ، مرجع سبق ذكره ، صفحتي 305 ، 306 . وأيضا د .بولا ساويرس ، التاريخ الكنسي لسقراتيس ، صفحتي 13 ، 14 ) . 
 
أهم النسخ والطبعات التي طبعت لهذا العمل :-
يذكر العالم الألماني  الشهير جوهانس كواستن Johannes Quasten (  1900- 1987 )  ) ، أنه توجد مخطوطتين لهذا  العمل من القرنين العاشر والحادي عشر الميلادين ، كما نشرت  ترجمة أرمنيية من القرن السابع الميلادي عام 1897 . 
2-كما يذكر د .بولا ساويرس  أن العالم ستيفن قام بنشر هذا التاريخ  في باريس عام 1455م . 3-ثم نشر بعده فالسيوس Valesuis فى باريس عام 1668 . 
 
4-أعيد طبعه فى أكسفورد بواسطة باركر Parker  عام 1844 . 
5-قدمت له ترجمة جيدة فى موسوعة N P N F عام 1890 ، مع مقدمة دراسية لزينوس zenos 
( بولا ساويرس : التاريخ الكنسي ، مرجع سبق ذكره ،  صفحة 15 ) . 
 
الرسائل العلمية التي أجيزت حول سيرة المؤرخ :
ومن بين الرسائل العلمية التي أجيزت حول المؤرخ سقراط ، تبرز رسالة الماجستير الخاصة بالباحثة " مروة سعيد يوسف علي شرف " من كلية الآداب جامعة بنها . وكان عنوان الرسالة  " المؤرخ سقراط ومصنفه تاريخ الكنيسة "  تحت إشراف أ .وديع فتحي عبد الله و أ . م . د .ممدوج محمد مغازي . و وتكونت الرسالة من  ستة فصول مع خاتمة   هي :--
1الفصل الأول : 
ويشمل (مولد ونشأة المؤرخ سقراط  -الوظائف التي تولاها .-تعليم وثقافة سقراط وتأثير ذلك على مصنفه تاريخ اكنيسة  .-دوافع سقراط لوضع مصنفه - وتاريخ كتابة هذا المصنف -الترجمات والطبعات التي قدمت لهذا المصنف - المصادر التي اعتمد عليها المؤرخ في كتابة مصنفه .- تأثير معتقدات سقراط الدينية على كتابة مصنفه - محتويات مصنف تاريخ الكنيسة للمؤرخ سقراط ) .
 
2-الفصل الثاني :
رؤية سقراط ومعاصريه عن انتصار الديانة المسيحية ، وبداية الخلافات المذهبية : ويشمل ( انتصار المسيحيىة وانتصارها في ضوء روايت سقراط ومعاصريه – زعزعة السلام الكنسي من بداية  الأزمة الأريوسية حتى مجمع نيقية ) .
 
3-الفصل الثالث  :
صعود نجم الأريوسية عند سقراط ومعاصريه : ويشمل ( التفوق الأريوسي فى نهاية عهد قنسطنطيوس الثاني ) . 
4-الهدوء الذي سبق العاصفة كما يراه سقراط ومعاصروه : ويشمل ( الصحوة الوثنية في عهد جوليان المرتد – الاجتياح الأريوسي للكنائس في عهد فالنس –انتصار النيقية في عهد ثيودوسيوس الأول ) .
5-رحلة السلام ومفهومه عند سقراط : ويشمل ( كنيستا الإسكندرية والقسطنطينية  في عهد أركاديوس – السلام يعم مؤسسات الدين والدولة في عهد ثيودوسيوس ) . 
6-رؤية نقدية وتقييم مصنف المؤرخ سقراط :ويشمل ( وضوح  أهمية التاريخ السياسي في مصنفه الديني – المواطنة ودورها في اهتمام المؤرخ سقراط بموطن رأسه القسطنطينية – اعتقاد سقراط في المعجزات والرؤى والروايات الخارقة –اهتمام سقراط بتسجيل سير وفضائل رجال الدين والقديسيين ورفاتهم – اعتماد سقراط على التفسير الديني للأحداث التاريخية – قدرته على الجمع بين أكثر من منهج- اهتمام سقراط بالمقدمات وبالتحديد  الزمني للأحداث – مكانة سقراط  التاريخية ومفهومه للسلام – الأخطاء والمآخذ التي توخذ على سقراط ) .
 
أما عن أهم النتائج التي توصلت إليها الباحثة فهي :
1-كان سقراط رجلا موسوعيا  متعدد الثقافات
2-مهتم بالفلاسفة ومؤلفاتهم ، مما انعكس على مصنفه ، فكان له نظرة فلسفية خاصة .3-امتلك سقراط قدرة تحليلية نقدية لم يمارسها غيره من مؤلفي عصره  ز
4-كانت لديه جرأة وقوة شخصية ،جعلته لا يتردد فى نقد أي حادثة يرى عدم منطقيتها .
5-كان أقل المؤرخين حدة وتعصب  ، فلم يتعمد تشويه صورة أي رجل دين من أتباع المذاهب الأخرى ،كما كان لا يتردد في ذكر فضائل أي شخص حتى ولو كان مخالفا له فى الرأي أو العقيدة . 
6-أتبع فى كتابته على أكثر من منهج ما بين ( المنهج السردي-  المنهج التحليلي النقدي – المنهج الحولي ). 
7-جاء أسلوبه بسيطا بعيدا عن البلاغة والعبارات البراقة . 
8-حاول سقراط تصحيح التسلسل الزمني للأحداث .
9-جمع بين التاريخ الكنسي والتاريخ السياسي .
10-وجود بعض السمات المشتركة بينه وبين معاصريه سوزومين وثيودوريت .
11- اعتماده كثير على الروايات الشفهية  ، عكس ثيردوريت الذي اعتمد على الوثائق فقط .
 
بعض مراجع المقالة :-
1-جوهانس كواستن :-علم الآبائيات "باترولوجي " المجلد الثالث ، العصر الذهبي للأدب الآبائي المدون باللغة اليونانية ، مركز باناريون للتراث الآبائي ، الطبعة الأولي ،أكتوبر 2021 ، الصفحات من  696- 699 .
2-القمص تادرس يعقوب ملطي : قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض الشخصيات الكنسية ، ( حرف ح – ص ) ، كنيسة مارمينا ، نيوجيرسي New Jersey ، الصفحات من 304- 306 . 
3-القمص أثناسيوس فهمي جورج :كتاب الآباء المؤرخون ، مصادر التاريخ الكنسي ، الشخصية رقم 11 ، موقع تكلا هيمانوت St –Takla .org . 
4- د بولا سلويرس ( تعريب ) التاريخ الكنسي لسقراتيس عن الفترة من 306 م – 439 م  –  ترجمة عن اليوناني ايه سي .زينوس  ،  موقع الكنوز القبطية Coptic treasures . 
5-    دونالد نيكول :- معجم التراجم البيزنطية ، ترجمة حسن حبشي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، سلسلة الألف كتاب الثاني ، 2003  ،صفحة 341 .     
6-خالص الشكر للباحثة مروة سعيد يوسف علي شرف ، لتفضلها بالموافقة على نشر ملخص رسالة الماجستير الخاصة . وإرسالها لى على Messenger ، فلسيادتها جزيل الشكر .