كتب - محرر الاقباط متحدون
وجه نيافة الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا للروم الأرثوذكس، والمتحدث باسم الكنيسة في مصر، رسالة بعنوان "في قول يسوع لأمه العذراء مريم "يا إمرأة" بعُرس قانا الجليل"، وجاء بنصها :
في مناسبة عُرس قانا الجليل عنما طلبت العذراء مريم من يسوع أن يحول الماء خمرًا، قال يسوع لها: "مَا لِي وَلَكِ يَا إمْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ" (يو 2: 4). يظن بعضٌ أن قوله لها "إمرأة" هو بمنزلة إهانة لها، لأنه قال لها: "مَا لِي وَلَكِ يَا إمْرَأَةُ؟". غير أنه مع قوله هذا لها قد تمم ما طلبته منه أمه. وقد قال لها هذا لأنه أراد أن يُعلِمها أن الوقت للأعلان عن أنه الممسوح من الرب بعمل المعجزات لم يحن. والذي حدث وأعلن عنه فيما بعد حين دخل المجمع ودفع إليه سفر إشعياء "وقام ليقرأ، روح الرب علي، لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية، وأكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه إلى الخادم، وجلس. وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه. فابتدأ يقول لهم إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم" (لوقا 18:4-21).
وعن كلمة "إمْرأة" هي باليونانية هي γυνή"" (جِيني) وهي ترجمة يونانية لكلمة "נָשִׁים" (إيشا) العبرية، التي تعني "إمْرأة".
في سفر التكوين حينما لعن الرب الإلٰه الحية قال لها: "وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ (נָשִׁים - γυνή)، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ" (تك 3: 15).
فكلمة "إمْرأة" [γυνή (جِيني)] التي خاطب السيد المسيح بها أمه "القديسة مريم" لم تأتي إلا لإظهارها بصفتها "حواء الجديدة"، أو "حواء الثانية"، التي جاء من نسلها مَن سحقَ رأس الحية "إبليس" الذي أغوى الإنسان وأسقطه صريعًا في الخطية والفساد والموت.
ولأنه بواسطة "حواء الأولى"، التي هي أُم كل حيّ، قد سقط الجنس البشريّ كله. فإنه بواسطة "المرأة الجديدة"، التي هي "حواء الثانية"، قد تم خلاص كل جنس البشر قديمًا وحديثًا، إذ بولادتها للكلمة المتجسد صارت الحياة لكل إنسان يؤمن به.
إن القديسة العذراء مريم هي "المرأة" التي تحدث عنها الكتاب حينما قال: "وَلٰكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ إمْرَأَةٍ ... لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ" (غل 4: 4-5).
لذٰلك إن إصطلاح "إمْرأة" هو في الحقيقة لتكريم "القديسة مريم" ولرفْع شأنها وإظهارها أنها هي المرأة التي انتظرتها البشرية ليأتي منها المخلِّص لخلاص البشر.