أحمد الجمال
كل المتخصصين فى الشأن الصهيونى وشأن الإرهاب وتاريخ الصراع على فلسطين والمنطقة يعرفون دور المنظمات أو العصابات الصهيونية الإرهابية، التى كانت الأساس فى التأسيس للدولة الصهيونية.
وأظن، بل أعتقد، أن عموم الناس الآن لا يذكرون شيئًا، أو يعلمون أمرًا عن الهاجاناه والأرجون وشتيرن والبالماخ.. وهى أبرز العصابات التى ارتكبت المذابح والإبادة الجماعية فى فلسطين تحت الانتداب البريطانى وعند قيام الدولة وبعد قيامها. وإذا كان العذر مقبولًا من أجيال عديدة أنها لا تعرف شيئًا عن تلك العصابات، بحكم أمور كثيرة، فإننى عن نفسى لا أملك عذرًا عن جهلى بالمنظمات والعصابات الصهيونية «الأهلية»، كى أميزها عن العصابة الأكبر والأقوى، التى هى الدولة الصهيونية وحكومتها وأحزابها المعروفة.
وقد فوجئت، وأنا أحاول التنبيه فى مقال الأسبوع الفائت لجذور الإرهاب الصهيونى، بأن ثمة عصابات لا تقل ضراوة قائمة الآن، وقد استقيت المعلومات من مصدر موثوق، هو تقارير وكالة وفا الفلسطينية، وتقارير المكتب الوطنى لشؤون المقاطعة والدفاع عن الأرض فى منظمة التحرير الفلسطينية، وتقارير أخرى من مؤسسات معنية بحقوق الإنسان.
والمفارقة المريرة التى ليست غريبة عن الدولة الصهيونية هى أنها فى الوقت الذى قامت فيه مؤخرًا بتصنيف ست منظمات مجتمع مدنى فلسطينية كمنظمات إرهابية، رغم أنها منظمات اعتبرتها مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، أنها من أكثر المنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان حسنة السمعة، وعملت على مدى عقود بشكل وثيق مع الأمم المتحدة، وهى من الشركاء الرئيسيين لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهى: مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومؤسسة الحق والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فى فلسطين واتحاد العمل الزراعى، ومركز بيسان للبحث والإنماء، ثم اتحاد لجان المرأة الفلسطينية.. فإن الدولة الصهيونية تمتنع بمؤسساتها التشريعية والقضائية والتنفيذية عن تصنيف المنظمات الصهيونية الإرهابية فكرًا وعملًا وتنفيذًا باعتبارها منظمات إرهابية، وأقصى ما وصفتها به أنها جمعيات غير مرخصة.. ومن أبرز وأخطر المنظمات والجمعيات الصهيونية القائمة الآن وتمارس ارتعابها الفعلى فى أرض الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة منظمة «فتيان التلال» التى ظهرت بداياتها عقب النداء الشهير الذى أطلقه آرئيل شارون، وزير الطاقة فى حكومة نتنياهو الأولى من 1996 إلى 1999، ينادى فيه الفتية والشباب المستوطنين لاحتلال أعالى الجبال والتلال فى الضفة، قائلا لهم: «إن ما نضع أيدينا عليه اليوم سيبقى لنا، وما لا نضع أيدينا عليه سيذهب للفلسطينيين»، وقدم دعمًا ماليًا سخيًا وغطاءً سياسيًًا لهذه العصابات حتى نمت وتوسعت وانتشرت على شكل مجموعات صغيرة تسكن فى بؤر استيطانية بالضفة، وتحمل هذه المجموعات أفكارًا توراتية متطرفة ضد العرب والفلسطينيين، ويقودون عمليات إرهابية إجرامية منظمة، ويعيثون الدمار والخراب والقتل والحرق على كل ما تقع عليه أيديهم من ممتلكات الفلسطينيين، ويقود «فتيان التلال» الإرهابية شخصيات صهيونية متطرفة، أبرزهم «آبرى ران» و«مائير برتلر» و«ايتى زار».. ثم هناك «منظمة جباية الثمن أو تدفيع الثمن» وتختصر بالعبرية «تاج محير»، وقد بدأ نشاطها أواسط العام 2008، عقب اجتماع موسع للمستوطنين فى مستوطنة «يتسهار» جنوب نابلس، وتم الاتفاق على القيام بعمليات إرهابية ضد المواطنين الفلسطينيين فى الضفة وداخل الخط الأخضر، وتتجاوز أعداد المتطرفين الصهاينة المنضوين فى تلك العصابة أكثر من ثلاثة آلاف مستوطن، يتوزعون فى مختلف المستوطنات والبؤر الاستيطانية فى الضفة ومدن إسرائيلية، وينحدر غالبيتهم من المستوطنات الأيديولوجية الدينية المتطرفة ومن المدارس اليهودية التوراتية، كما تضم منظمة تدفيع الثمن حاخامات من التيار الدينى القومى وحاخامات من التيار الدينى الحريدى وخريجى المدارس الدينية «اليشفوت» المنتشرة فى المستوطنات وداخل الدولة الصهيونية، كما تضم نشطاء ومناصرى حركة «كاخ» الإرهابية المحظورة، ونشطاء الأحزاب الصهيونية المتطرفة.
ويتسم أعضاء تلك المنظمة الإرهابية بسمة خطيرة؛ هى الكراهية الشديدة للعرب والفلسطينيين، والدعوة والعمل على قتلهم وطردهم وتعزيز الاستيطان فى مختلف الأراضى الفلسطينية، وتهويد القدس.
وأستكمل رصد المنظمات الإرهابية الدموية القائمة الآن فى الدولة الصهيونية، التى تعتبر تلك المنظمات «غير مرخصة» وتتركها تمارس القتل والتدمير، فى مقال الأسبوع المقبل..
نقلا عن المصرى اليوم