Oliver كتبها
- كنت يوما فى جنة الله.سمعنا نحن البذور الأمر الإلهى أن يبذر كل نبات كبذره.منذ ذاك الحين و لا فرح لنا إلا أن ننتج بذارا بحسب وصية البذور الوحيدة. كلنا نخضع معا لناموس البذور.

 - كنت أنا بذرة ضئيلة.تفركها فتنتقل.نذهب بعيدا حيثما تحملنا الريح وتبعثرنا و حيث تستقر البذرة تبدأ حياة جديدة.كنت فى الجنة و كان آدم يعتنى بى. إفتقدناه جميعاً منذ غادر الجنة. من أجل الشوق تمنيت أن تأخذنى إليه عاصفة أو أتعلق بأقدام النسر فأصل إليه لأخدمه كما كان يخدمنا.صرت أتحور من شكل إلى شكل و أتقلب من مكان إلى مكان.لكننى لم أجد آدم و لا حواء ثانية.فمكثت فى تراب الجنة أنتظر.

- نحن كما نغذى نتغذى.نمتص الحياة بمشقة .لا نتوقف عن النمو لئلا نموت.كنت البذرة الشاهدة على المن النازل من السماء.فرحت لأنه أخذ شكل بذرة الكزبرة.كان يفترش الأرض .كنا من بعضه نتغذى.

- صرت مع أخوتى البذار الأخرى ننتشر .ننمو كأجناسنا.نظلل حيناً و ننكسر أحياناً.نصير طعاماً لجنس آدم فيكون لنا وفاءاً لآدم الأول. يصير بعضنا طعاما لطيور السماء المتوحشة فنندفن قبل الأوان.

-جميلة حياة البذار.هى طفولة فى كل شيء.بداخلها أسرارا كامنة .تتفتح يوما بعد يوم.كلكم بذار يا بنى البشر.أخذتم منا طفولتنا.نامية حياتنا و حياتكم.عندكم بذار المعرفة و المحبة و الحكمة.أتركوا الشر و هو بذرة.لا تنتظروا كثيرا .طوبي لمن يمسك الشر و هو ضئيل كالبذرة يدفنه عند الصخرة.

- يوما وجدت نفسي قرب هيكل لأولاد آدم.حملتنا رياح إلى هناك ففرحنا. حين داسنا الناس إنغرسنا فى التربة نتحول إلى جذورا صلبة.كلما هال الناس علينا التراب تغذينا و صرنا ننمو.إنها حياة البذار.

-ارتقيت إلى الجبل.هناك توافد رجلا بهياً.لابساً كالزارع.فتح فاه و سمى نفسه رجل البذار فإنتشيت من تواضعه.فى حضنه حمل البذار.طرحها فى كل الأمكنة.بذرة خلاصكم فى يده و ثمار خلاصكم فى أرضه.أشار لى أن أذهب إلى أرض خصبة فذهبت.منحنى حياة فحييت.وهبنى نموا فنموت.تحورت إلى ثمر و أثمرت.كانت عيناه ترعانى الليل و النهار.و أنا بذرة لا يحمينى سواه من الشوك و الشمس القاسية و من طيور السماء.هو ظلى قبل أن أكون ظلاً لغيرى.هو حياتى قبل أن أكون قوتاً لغيرى.هو جمالى قبل أن أكون جمالاً لغيرى.من تكون البذرة من غير رجل البذار.

-اليوم أعظم أيام حياتى.لأنه عند الجبل قابلت آدم الأعظم.تكلم للناس عن البذار و تكلم للبذار عن الناس.لم أعد أتمنى العودة إلى الجنة بل البقاء قدام الزارع آدم الثانى.اليوم تحقق شوقى لآدم .جاء إلىً لأننى عجزت عن الذهاب إليه.اليوم أطمئن قلبي بلقاءه.أريد أن أنطلق إلى شجرة الحياة و آخذ منها لقاح الأبدية.أريد أن أنغرس فى أرضه بلا فراق.فأنا بذرة ضئيلة لكننى فى يد الزارع الأعظم.أتباهى بمجده إذ جعل من سكيبه إرتواء ظمئى.سمعناه نحن البذور يقول أنه حبة الحنطة فلم تسعنا فرحة.

هو زارع حنون.يطلب إيمانا كالبذرة.و يجعل في القلب نهراً ليرويها.يطلب نموها و هو هو ينميها.

- سمعت أحدهم يشير قائلاً أنظروا لقد ماتت البذرة أما أنا ففرحت لأننا إن متنا نأتى بثمر كثير.فلا تبكنى أنا البذرة.حتى لو طمرونى و إندفنت.سأصير شيئا.نبتة أو ورقة.لا تبتئس إن تحورت لأكون برعما تافها.فعما قليل أصير غصنا و كلما سقانى جذر الحياة أنمو ثابتا فيه.إختفت البذرة نعم ,لكنها ستعود فى كل ثمرة.فالموت جزء من دورة حياتى.كل بذرة ستعود مئة ضعف.و نصير أكثر و أقوى.