سامح فوزي
تشير الأنباء إلى أن دونالد ترامب اقترب من أن يكون مرشح الحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد انسحاب رون دى سانتيس حاكم فلوريدا من السباق لصالحه، ويصبح السؤال ماذا سوف يفعل ترامب فى اليوم التالى لعودته إلى البيت الأبيض فى ظل الأوضاع العالمية الراهنة؟
 
إقليميا سوف يطلق يد إسرائيل فى غزة والأراضى الفلسطينية أكثر من الرئيس جو بايدن، رغم أن الأخير يعطى دعما واسعا لإسرائيل، وكل ما يجرى تسريبه فى الإعلام الغربى والإسرائيلى عن خلافات بينه وبين نتنياهو لا تبرح الغرف المغلقة إذا كانت موجودة بالفعل. نتوقع استيطانا أوسع، وتقويضا للقضية الفلسطينية، واستهدافا للفصائل والحركات الفلسطينية بصورة كاملة، مع حماية أمريكية لسياسات إسرائيل القمعية أكثر مما هى موجودة بالفعل. وعلى الجانب الآخر، سوف تسعى إدارة ترامب إلى توسيع نطاق الاتفاقات الابراهيمية للتطبيع مع إسرائيل التى بدأتها فى نهاية ولايتها السابقة، بما تشمل السعودية، التى تجمع ترامب بالمسئولين فيها علاقات وثيقة، وكذلك الدول العربية الأخرى التى لم تمضِ بعد على هذا المضمار.
 
عالميا سوف يسحب ترامب الدعم الأمريكى لأوكرانيا، بما قد يترتب عليه إعلان هزيمتها، خاصة أن أوروبا لن يكون فى مقدورها مواصلة دعم كييف بمفردها، خاصة فى ظل الخلافات بين الدول الأوروبية حول حدود هذا الدعم، وقد يتجه ترامب إلى إجراء تغييرات هيكلية على حلف الناتو ذاته، خاصة فى ظل إقدامه على تحسين العلاقات مع روسيا، وحلفائها، وسوف يتجه بالطبع إلى تقليص اهتمام الولايات المتحدة بملف التغيرات المناخية، وقد يلغى مرة أخرى انضمام واشنطن إلى اتفاقية المناخ، التى أعاد بايدن الولايات المتحدة إليها فى أول قراراته عقب تولى الحكم، وقد يقزم دور منظمة التجارة العالمية، ويتجه إلى دعم السياسات المناهضة للهجرة، وتشجيع الإسلاموفوبيا تحت لافتة محاربة الإرهاب، وتعزيز الأنظمة الشعبوية والشمولية، وعدم الاهتمام بأجندة كونية للديمقراطية وحقوق الإنسان.
 
وداخليا قد يتجه ترامب إلى ما سماه «الانتقام»، وإن كان تراجع عن استخدام المصطلح، ويعنى الانتقام من كل الذين وقفوا فى وجهه فى السابق، بما قد يتضمن العفو عن المتهمين باقتحام الكونجرس عقب هزيمته فى الانتخابات السابقة أمام جو بايدن، وهو ما يشير إلى أنه رغم أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات، إلا أن رئيس الدولة يمتلك مساحة حركة لا يستهان بها فى تحديد السياسات الخارجية والداخلية، خاصة إن كانت له قاعدة تؤيده داخل الكونجرس بمجلسيه.
 
بالتأكيد فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض سوف تكون خبرا سعيدا بالنسبة للبعض، وتعيسا بالنسبة للبعض الآخر، خاصة أنه يأتى فى وقت يعانى فيه العالم من اضطرابات واسعة، حيث إن الفترة الراهنة هى أكثر الفترات صراعات عسكرية منذ الحرب العالمية الثانية، وهى من أكثر الفترات التى ينشط فيها تكوينات مسلحة أقل من الدولة فى العديد من الدول، خاصة الشرق الأوسط، وهى كذلك فترة تراجع اقتصادى، وديون، وفقر، بالنسبة للدول النامية والمتوسطة.
نقلا عن الشروق