أحمد الجمال
كتبت عن إرهاب صهيونى ظننته غير معروف لدى كثيرين يظنون- مثلما كان ظنى- أن الدولة الصهيونية اكتفت بأنها كيان قام على أسطورة، وبناه إرهابيون منظمون فى منظمات عرفنا منها (الهاجاناه وشتيرن والأرجون والبالماخ) منذ الانتداب البريطانى على فلسطين وإلى قيام الدولة، واكتفت بأنها بمؤسستها العسكرية والاستخباراتية والأمنية والحزبية يغلب عليها الطابع الإرهابى العنصرى الاستئصالى.
ولكن ها نحن نكتشف أنه فوق ذلك كله سمحت الدولة الصهيونية بقيام منظمات إرهابية مسلحة عنصرية استيطانية شديدة التطرف، وسمّتها «منظمات» غير مرخصة، وتركتها للآن تعمل وفق أجندتها.. والضمير عائد على المنظمات التى يقف وراءها- ابتداءً من فكرة وجودها وليس انتهاءً بتمويلها وحمايتها- مسؤولون إسرائيليون صهاينة، يتولى بعضهم مناصب عليا كوزراء.
وكتبت فى المقال الفائت عن منظمتى «فتيان التلال» التى أسسها آرئيل شارون، و«جباية الثمن» التى شارك فى تأسيسها ويشارك فى إرهابها حشد عريض من حاخامات تيار دينى قومى وتيار دينى حريدى ومن خريجى المدارس الدينية ونشطاء من حركة كاخ.
واليوم، أستكمل بالإشارة إلى منظمات إرهابية أخرى تعمل الآن فى أرض فلسطين المحتلة ضد العرب، مسلمين ومسيحيين، وهناك منظمة «لاهافا» الاستيطانية التى تدعو علانية لهدم الأقصى، وتأسست عام 1999 على يد رئيسها الحالى المستوطن المتطرف «بن تسيون جوبشتارين»، وهو من تلاميذ الحاخام الصهيونى الإرهابى الأشهر «مائير كاهانا» مؤسس كاخ.
و«لاهافا» تعنى اللهب بالعبرية، وهو اختصار لتعريفها: «منظمة منع ذوبان اليهود فى الأرض المقدسة»، وتتبنى فكرًا يمينيًا شديد التطرف اجتماعيًا وسياسيًا، وتستند لنصوص وأحداث توراتية كهنوتية متشددة، وتحتفى سنويًا بمنفذ مجزرة الحرم الإبراهيمى فى الخليل الصهيونى الإرهابى «باروخ جولدشتاين» وتعتبره بطلًا قوميًا.
ثم تأتى منظمة «نحالا»، التى ساهمت فى إقامة أكثر من ستين مستوطنة حتى شهر أغسطس 2023، وهى امتداد لأفكار منظمة «جوش أمونيم» الاستيطانية التوسعية، وتعمل منظمة «نحالا» على تعظيم دورها بعلاقات مع القيادات السياسية فى الدولة الصهيونية، ومع الجاليات والمنظمات الصهيونية عبر العالم، كما تحظى بدعم حزب «الصهيونية الدينية» الذى يتزعمه الإرهابى «بتسلئيل سموتريتش» المتطرف ذو الميول الفاشية، وهو من دعا إلى حرق بلدة «حوارة» الفلسطينية جنوب نابلس.
ثم يأتى تنظيم يسمى نفسه «تمرد»، وهو أكثر تلك المنظمات إرهابًا وتطرفًا، وقد انبثق من منظمة «شبيبة التلال»، ويتزعمه المتطرف «مئير إتينغر» حفيد الحاخام المتطرف مئير كاهانا، ويضم التنظيم فى صفوفه فتيانا وشبابا صغارا من عمر 16 عامًا إلى 25 عامًا، تختارهم بعناية قيادة التنظيم، وكل اجتماعاتهم سرية.
ويعمل «تمرد» فى الضفة الغربية، ويتركز أعضاؤه فى البؤر الاستيطانية العشوائية، ومن أبرز جرائمه إحراق عائلة دوابشة الفلسطينية فى قرية «دوما» جنوب نابلس وإحراق كنيسة «الخبز والسمك» على ضفاف بحيرة طبرية، وإحراق سيارات وممتلكات فلسطينية فى قريتى حوارة وبورين الفلسطينيتين.
ومع تلك المنظمات توجد ميليشيا اسمها «نيتساح يهودا»، وهى كتيبة عسكرية تتبع اللواء كفير فى جيش الاحتلال، وتأسست عام 1999، ويخدم فيها يهود متطرفون متعصبون دينيًا، ونشأت وتطورت تحت أنظار مؤسسات الدولة وجيش الاحتلال، ويتلقى أفرادها محاضرات دورية ومواعظ ودروسًا دينية من حاخامات وقادة مستوطنات.
وتنشط هذه الميليشيا فى شمال الضفة، وتضم قرابة ألف جندى ينفذون اعتداءات وحشية ضد الفلسطينيين، كان من أواخرها الإعدام الميدانى للشهيد المسن كبير العمر «عمر أسعد» الذى كان فى الثمانين من عمره بقرية جلجليا قرب رام الله.
وأخيرًا وليس آخرًا، تأبى منظمة «لافاميليا» الصهيونية اليمينية العنصرية المتطرقة، التى تأسست عام 2005- رغم أنها تروج لنفسها بأنها رابطة مشجعى الفريق الإسرائيلى «بيتار» لكرة القدم- إلا أن تمارس عدوانها وعنصريتها ضد كل ما هو غير يهودى، ولهم سلوك همجى علنى وعمليات إرهاب وتخريب تطول جميع مَن تحت الاحتلال.
ولا أريد أن أستطرد بما ذكره التقرير الذى أنقل عنه، والذى أعده المكتب الوطنى لشؤون المقاطعة، فقد ذكر تفاصيل رئيسية عن جرائم تلك المنظمات، وعن قادتهم وداعميهم ومراجعهم ومرجعياتهم، حيث يكاد دماغى ينفجر بحثًا عن إجابة لسؤال أعيشه منذ كامب ديفيد وموجات التطبيع: كيف لبشر سوىّ يملك عقلا متوازنا ونفسا سوية وروحا لطيفة مسالمة وله وجدان إنسانى سليم أن يقبل التعايش مع هؤلاء؟!.
نقلا عن المصرى اليوم