د. أمير فهمى زخارى المنيا
( المثل مرآة العادات ، و خلاصة التجارب الانسانية )

ومثلنا النهارده هو "الحمار الهادي منتوف ديله"
الأمثال ليست كلاما يقال لمجرد التسلية أو اللهو، بل هي ذاكرة تمثل عادات الشعوب ومعتقداتهم وما يؤمنون به، والأمثال أيضا تعبر عن الطبقة الاجتماعية التي يتحدث بها قائلوها، والمناسبات التي تستدعي قول الأمثال كثيرة ومتعددة، ومن هذه الأمثال: الحمار الهادي منتوف ديله.

ويقول البعض الحصان بدلا من الحمار، والمعنى أن الحمار أو الفرس الهادئ الطباع، لا يدافع عن نفسه، بل يستكن لمن يريد به الأذى، فتراه منتوف الديل؛ لأنه لا يرد من أراد ذلك نتف ذيله.

كلمه "منتوف" اسم مفعول من "نتف" وهى في الأصل لفظه مصريه قديمة وتعنى (يخلخل ,يخلع) ومعنى المثل أن الحمار الذى لا يدافع عن نفسه ينتفون ذيله, وهو تعبير مجازى يراد به توضيح أن الشخص الطيب المسكين يستغله الناس وينهبون ماله ويتركونه بلا شيء, فيقولون "فلان مسكين منتوف ديله"..

وكان الريش والفرو وما شابه يمثل الغنى عند أهل الريف فيقولون "فلان مريش "بمعنى غنى, ويقولون للزوجة ناصحين إياها "قصقصى ريش جوزك أول بأول", كما يعتز الصعيدى بشنبه بشكل مبالغ فيه, حتى أنهم يقولون التعبير "هنتف شنبى لو فلحت"

وبمناسبه المثل اليوم عن الحمار، يحضرنى بعض القصص عن الحمار:
- يوم 8 مايو، تحتفل العديد من دول العالم بـ"اليوم العالمي للحمار"
 - شعار ال "حمار" لحزب الديمقراطيين الأمريكي..

لا يحظى الحمار سوى بنظرات العطف والشفقة من قبل البعض وضربات العصا القاسية من البعض الآخر، إلا أنه فى الولايات المتحدة تحول إلى أيقونة سياسية وعلامة تجارية تدر مئات الملايين من الدولارات، نعم، فالحمار الذى يتخذه الحزب الديمقراطى الأمريكى شعارا له، تحول إلى رمز للثورة والتمرد منذ عقود طويلة...

-  تمتع الحمار في الحضارة المصرية القديم بمكانة كبيرة، حيث رُسم الإله ست، إله الصحراء والعدم بشكل حمار في المعابد القديمة، كرمز لمساعدته الإله رع (رمز الشمس) خلال رحلته في العلم السفلي (الكسوف).

- اكتشف خبراء صينيون إمكانية الاستفادة من جلود الحمير المصرية في مجالات اقتصادية وطبية أيضا حيث اثبتت الدراسات العلمية انه يمكن استخلاص عقاقير ومنشطات جنسية من جلود الحمير دون أية آثار جانبية. بالإضافة إلى استغلال البان الحمير في إنتاج الادوية نظرا لما فيها من مضادات حيوية نادرة وفقا لما قاله حامد سماحة رئيس هيئة الخدمات البيطرية.

- وأخيرا... مهرجان "تحرير الحمار الأول" عند اليهود المتشددين في القدس، وفيه يحملون حمارا صغيرا فوق أكتافهم، وقصته تقول أن الحمار كلم العرَّاف (بلعام) وحذّره من تحقير الإسرائيليين وذمهم، فأطاع بلعام قول الحمار, وصار من أنصار الإسرائيليين بفضل هذا الحمار، ولم يعمل بأمر ملك موآب (بلق) الذي كان يكره الإسرائيليين!!"

وبلعام أو بلعم بن باعوراء (بالعبرية: בִּלְעָם) هو كاهن ذُكر في التوراة (العهد القديم) بدأت قصته في سفر العدد الإصحاح 22، كما ذُكرت له قصة في القرآن الكريم والتراث الإسلامي، حيث يُعتقد أنه المقصود من الآيتين 175 و176 من سورة الأعراف.

والى اللقاء ومقال جديد من المثل، معناه وأصله, وبعض المعلومات حوله...مع أرق تحياتي.
د. أمير فهمى زخارى المنيا