حمدى رزق
أُثمّن مطلب جمعية «مواطنون ضد الغلاء» بإيقاف العمل فى جميع المجازر المصرية، حكومية وخاصة، لمدة شهر واحد، لوقف موجة ارتفاع أسعار اللحوم التى تجاوزت أسعارها سقف الـ 400 جنيه فى المناطق الشعبية و500 جنيه فى المناطق الراقية.
شهر واحد فقط لا غير قبل شهر رمضان الكريم، لو استمرت أسعار اللحوم فى منحى صاعد، سندخل الشهر الكريم على فيض الكريم دون لحوم حمراء، لاسيما أن أسعار اللحوم البيضاء هى الأخرى أصابها الجنون، صرنا بين جنون البقر وجنون الدجاج.
رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء «محمود العسقلانى» يصف ما يجرى بـ«سباق جنونى» و«حالة سُعار» أصابت كبار تجار المواشى وأصحاب المزارع.
ويلفتنا إلى أن معظم المواشى الموجودة فى مصر الآن جرى استيرادها منذ عدة شهور وبأسعار دولار (ما قبل 30 جنيها)، فضلا عن العلف ومدخلاته التى جرى استيرادها بنفس سعر الدولار فى حينه.
الزيادات الجنونية يقينًا مؤسسة على أسعار وهمية منسوبة للسوق السوداء للدولار، وهذا فى وصف العسقلانى، عمل إجرامى وغير أخلاقى ويتنافى مع كل الأعراف الدينية والوطنية والإنسانية.
يا سيدى السوق المسعورة لا تحكمها أخلاقيات ولا أعراف دينية ولا وطنية، والقضية لا هى عرض، ولا هى طلب، ولا سعر دولار، إزاء سوق سوداء، احتكارات عاتية، إجرام مخطط، الجزارون يقطعون من لحم الناس بدم بارد.
الحكومة فى قبضتها قانون الاحتكار، التفاهمات الودية مع الغرف والشُّعب التجارية تصح فى سياقات طبيعية، ولكن فى الأزمات المخططة التى تعكس بالسالب على الشارع لا يجوز ترك رقاب المستهلكين تحت رحمة سكاكين الجزارين.
عادةً تجار اللحوم وغيرهم ينشطون وقت الأزمات، يتلمظون لِمَصّ دماء المستهلكين دون استشعار لخطورة هذا المسلك الانتهازى سياسيًا.
المصاب بداء السعار لا يَكفّ عن النهش فى لحم الناس، لا يصح ترك المستهلك عُزّلا دون حماية من سُعار الجزارين، مستوجب دعم التحرك الحكومى للجم الأسعار شعبيا بمقاطعة اللحوم التى تزيد أسعارها دون مسوغ.
دون ضغط شعبى واع رشيد، أخشى من الجنون المطبق فى الأسواق.. وبالتجربة، نجحت المقاطعة الشعبية للسلع الأجنبية.. مرة، نجرّب مقاطعة اللحوم، ستنهار أسعارها، وكذا أسعار الدواجن، وسوف نرى عجبا، سيركع التجار تحت الأقدام طلبا للعفو والسماح.
بالسوابق التجار يعرفون وينكصون عن التفاهمات الحكومية، كم تفاهمات جرت قبلًا مع رؤوس القصابين، لا ينفع مع الجزارين وأمثالهم من متبضعى الأزمات تفاهمات ودية، هؤلاء المتوحشون «تديهم صباعك ياكلوا دراعك».
ليس ببعيد.. إذا كانت سياسة التسعير الودى نجحت فى لجم أسعار الألبان، يمكن البناء عليها فى سياسة التسعير التفاهمى التى تنتهجها الحكومة حسب قانون العرض والطلب من لزوميات السوق الحرة.
ثبت أن سلاح المقاطعة نافذ.. إذا أُحسن استخدامه، كان إيجابيًا ويعكس أثره على السوق. فى حالتنا، هناك مَن استباح السوق ليغل الملايين من دم الشعب، ومستوجب شهر سلاح المقاطعة فى وجهه.
الدعوة لمقاطعة اللحوم ليست تفكهًا، باتت ضرورة مجتمعية بل سياسية، هؤلاء يحرفون المزاج العام، ويحرقون دم الطيبين، وحذارِ من غدر التجار، أنهم لا يرعوون لتفاهمات ولا يفون بعهود..
الجزارون سنّوا سكاكينهم لجزّ الرقاب فى رمضان، آخِرُ الدَّواءِ الكيُّ، الكيُّ بالتسعيرة الحكومية للحوم أو المقاطعة الشعبية عامة. ترك السوق سداحا مداحا لشهوات الجزارين لا يستقيم مع قوانين السوق فى المراجع الاقتصادية المعتمدة دوليا، ولسنا استثناءً.
نقلا عن المصرى اليوم