ياسر أيوب

الأهداف ليست دائمًا أجمل ما فى كرة القدم، إنما كذلك مفاجآتها ونتائجها غير المتوقعة، فلا تبقى الكرة فقط لعبة العالم لكنها اختصار الحياة نفسها بكل ما فيها.. وحين بدأت إفريقيا وآسيا بطولتيهما..

 

توالت المفاجآت وغرائب النتائج وخسائر الكبار.. وبعد استمتاعها بإبهار الأفارقة والآسيويين بكل هذه النتائج الصادمة.. عادت كرة القدم لتبدى بعض الاحترام للمنطق والتاريخ، فاختارت أربعة أبطال سابقين لقبل نهائى إفريقيا.. نيجيريا وكوت ديفوار والكونغو الديمقراطية وجنوب إفريقيا.. لكنها فشلت فى تكرار ذلك فى قبل نهائى آسيا..

 

فإلى جانب كوريا الجنوبية وإيران وقطر التى سبق لكل منها الفوز بالبطولة.. كانت مفاجأة منتخب الأردن الذى سيلعب اليوم قبل النهائى لأول مرة أمام كوريا الجنوبية.. وبصرف النظر عن النتيجة فسيبقى هذا هو الإنجاز الكروى الأكبر للأردن بعد مشوار طال قرابة مائة سنة منذ بدأ الأردنيون فى 1922 يلعبون الكرة لأول مرة فى ساحة المسجد الحسينى الكبير، وأسسوا أول نادٍ كروى 1928، ثم اتحاد الكرة 1944.. مشوار حفل بالأشواك والخلافات والأحلام كُتبت عنه كتب قليلة لكن لها قيمتها والاحترام لأصحابها..

 

يوسف الدقس وسمير جنكات وكنعان عزت والقرينى والعميرى وبشتاوى وعامر الشعار.. مشوار كان ولايزال الأردنيون يستحقون بعده ما هو أفضل وأجمل بعد كل هذا الحب والامتنان لكرة القدم..

 

فقد كانت الأردن واحدًا من ثلاثة بلدان عربية فقط حاولت وحلمت برئاسة الفيفا مع قطر والبحرين.. وخاض الأمير على بن الحسين، رئيس الاتحاد الأردنى، نائب رئيس الفيفا، انتخابات 2016 التى فاز بها إنفانتينو.. وفيما عدا تلك المحاولة وميداليتين ذهبيتين للكرة الأردنية فى دورتى الألعاب العربية 1997 و1999..

 

تغيب كرة القدم عن الذاكرة والبال حين يدور أى حديث عن الأردن وأهلها.. عن شاعرية عمان وجمال البتراء وتاريخ جرش ومكانة نهر الأردن وسحر شواطئ البحر الميت.. وعن صفات جميلة لأهل الأردن وعاداتهم وكرمهم وطعامهم أيضًا، مثل المنسف والمقلوبة والمسخن والمناقيش والبنادورة المقلية.. وإذا كانت المباراة الأولى لمنتخب الأردن كانت أمام سوريا واستضافتها مصر 1953.. فإن الراحل الكبير محمود الجوهرى هو الذى قاد الأردن لأولى مشاركاتها فى كأس آسيا 2004 والتاهل فى نفس البطولة لدور الثمانية.. وبعد أربع مشاركات.. حقق الأردنيون إنجازهم الكبير وتأهلوا لقبل النهائى لأول مرة..

 

إنجاز لم يتوقعه حتى الأردنيون أنفسهم بعد خسارة ست من إجمالى ثمانى مباريات قبل بدء بطولة آسيا مع المدرب المغربى الحسين عموتة منذ توليه المسؤولية فى يونيو الماضى.. وبعد الأزمة الحادة والصدام بين اتحاد الكرة والأندية فى سبتمبر الماضى.. ورغم كل ذلك وصل النشامى أخيرًا لقبل النهائى.

نقلا عن المصرى اليوم