( 1889- 1966 )

إعداد / ماجد كامل
يمثل المؤرخ المصري الكبير أهمية كبيرة في تاريخ دراسة الحركة الوطنية المصرية ؛ أما عن عبد الرحمن الرافعي نفسه فلقد ولد في 8 فبرار 1889 في حي الخليفة بالقاهرة ؛وكان والده الشيخ مصطفي عبد القادر الرافعي وكان  يعمل في سلك الفتوي والقضاء بعد تخرجه من الأزهر الشريف ؛ وكان ترتيب عبد الرحمن الرافعي هو الثالث بين أربعة اشقاء ؛ كان من بينهم أمين الرافعي ( 1886- 1927 )أحد  رواد الصحافة المصرية الكبار . ولقد تلقي عبد الرحمن الرافعي تعليمه في المدارس الحكومية حيث التحق بمدرسة الزقازيق الأبتدائية سنة 1895 م ؛ ثم مدرسة رأس التين بالإسكندرية ؛ وذلك بعد انتقال عمل والده إلي مدينة الإسكندرية  حيث عمل مفتيا للمدينة ؛ وفي عام 1904 حصل عبد الرحمن الرافعي علي شهادة التوجيهية ؛ فانتقل الي مدينة القاهرة لدرسة  الحقوق  حيث كانت الحركة الوطنية تشهد نموا واضحا علي يد مصطفي كامل (  1874- 1908    ) فتاثر الرافعي بأفكارها وأنضم إلي  الحزب الوطني بمجرد تأسيسه .  وعقب تخرجه من كلية الحقوق عمل محاميا فترة من الوقت حيث تدرب في مكتب محمد علي علوبة باسيوط ؛ ثم عمل بالصحافة حيث عمل محررا بجريدة اللواء بناء علي دعوة من محمد فريد (   1868- 1919 ) . ولكنه لم يستمر طويلا في الصحافة فعاد الي المحاماة ؛ وشارك  مع أحد زملائه في فتح مكتب للمحاماة بالزقازيق سنة 1910 ؛ ثم أفتتح مكتبا آخر بالمنصورة ؛ وظل مقيما بها حتي سنة 1932  ؛ وفي أثناء فترة إقامته بالمنصورة شغل أوقات فراغه بالكتابة والتاليف ؛ فأخرج كتابه الأول المسمي "حقوق الشعب " سنة 1912 وكان هدف الرافعي من هذا الكتاب هو  الحث علي  البحث في حقوق الشعب والنظريات الدستورية ونظام الحكومات الصالحة ؛ وكيف تصل الأمم إلي استرداد حقوقها . وكيف تضمن تمتعها بها . ثم أعقبه سنة 1914 بكتابه كتابه الثاني "نقابات التعاون الزراعية " وذلك بهدف تنشيط الحركة التعاونية في مصر . وفي خلال عام 1919 كون مع مجموعة من أصدقائه جمعية لنشر جمعيات التعاون الزراعية في قري الدقهلية وذلك بهدف مساعدة الفلاح المطحون .  وعندما شبت ثورة 1919 شارك الرافعي بجهد كبير فيها ؛ كما أشترك في أول انتخابات أجريت حسب دستور 1923 ؛ حيث رشح نفسه في انتخابات مجلس النواب عن دائرة مركز المنصورة ؛ وفاز  أمام مرشح  الوفد ؛ وشارك في رئاسة حزب المعارضة بمجلس النواب علي هدي مباديء الحزب الوطني .

غير  أن هذا المجلس لم تطل به المدة بعد استقالة سعد زغلول (    1859- 1927 ) من رئاسة الحكومة ؛ ثم عاد إلي المجلس مرة أخري بعد الانتخابات التي أجريت عام 1925 غير ان الحياة النيابية نفسها ظلت معطة نحو مدة ثمانية أشهر . وظل الرافعي بعيدا عن الحياة النيابية قرابة 14 عاما ؛ ثم عاد بعدها نائبا في مجلس الشيوخ بالتزكية ؛ وبقي فيها حتي انتهت عضويته  سنة  1951 ؛ وخلال هذه الفترة تولي وزارة التموين في حكومة حسين سري الأئتلافية سنة 1949 . وبعد قيام ثورة يولية 1952 ؛ قامت حكومة  الثورة بإشراكه في إعداد الدستور الذي فكر في إخراجه سنة 1953 ؛ كما تم تعيينه نقيبا للمحامين سنة 1954 بعد قرار  الحكومة بحل مجلس نقابة المحامين  المصرية  . كما حصل علي جائزة الدولة التقديرية في  العلوم الاجتماعية سنة 1961 وفي خلال عام 1965 عين عضوا في المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب . ولقد استمر الرافعي في العمل الوطني والكتابة التاريخية حتي توفي في 3 ديسمبر 1966 عن عمر يناهز 77 عاما تقريبا .

ولقد أثري الرافعي المكتبة التاريخية والوطنية بالعديد من الكتابات والمؤلفات القيمة نذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل  إليه :-
1- حقوق الشعب وقد صدر عام 1912 .
2- نقابات التعاون الزراعية وقد  صدر عام 1914 .
3- الجمعيات الوطنية وقد صدر عام 1922 .
4- تاريخ الحركة الوطنية وتطور نظام  الحكم في مصر وقد صدر عام 1929 .
5- عصر محمد علي وقد صدر عام 1930 .
6- عصر إسماعيل وقد صدر عام 1932 .
7- الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزي وقد صدر عام 1937 .
8- مصطفي كامل باعث الحركة الوطنية وقد صدر عام 1939 .
9- محمد فريد رمز الإخلاص والتضحية وقد صدر عام 1939 .
10- مصر والسودان في أوائل عهد الاحتلال وقد صدر عام 1942 .
11- ثورة سنة 1919 وقد صدر عام 1946 .
12- في أعقاب الثورة المصرية ( 1947- 1951 ) .
13- مقدمات ثورة 23 يوليو 1952 وقد صدر عام 1957 .
14- ثورة 23 يوليو 1952 وقد صدر عام 1957 .
15- مذكراتي (غير مذكور سنة الإصدار ) .
16- الزعيم الثائر أحمد عرابي ( غير مذكور سنة  الإصدار ) .
17- شعراء الوطنية .
18- أربعة عشر عاما في البرلمان .

ويذكر الرافعي في  مذكراته بداية حبه لقراءة التاريخ منذ صباه فيقول " أحببت التاريخ منذ صباي ؛ فلقد كنت وما زلت أراه مدرسة لتقويم أخلاق الشعوب والنهوض بتربيته السياسية والقومية ؛ وزاد تعلقي به أني رأيت فيه علي ضؤ التجارب وسيلة ناجحة لتثقيف العقول ورفع مستوي الوطنية والوعي القومي في النفوس  ؛ فلقد تكشفت لي مع الزمن نقائص كثيرة في مجتمعنا ؛ وفي أخلاقنا  وثقافتنا  . لمحت علي تعاقب الحوادث ضعفا في مستوانا الوطني ووعينا القومي ؛ ففكرت في الوسائل لعلاج هذا الضعف وتدارك هذا النقص  ؛ فوجدت أن التاريخ وسيلة تلجأ إليه الأمم لتربية الأخلاق وتثقيف العقول وغرس روح الوطنية في النفوس ؛ ومن هنا جاء تعلقي بالتاريخ ؛ أردت  أن أجعل منه  مدرسة للنهوض بالمجتمع ؛ ووجدت أن عقول الشباب والشيوخ لا تتلقي  الدعوة  الصالحة بحسن القبول ؛ ولا تعرف الحقائق إلا إذا تقدم الوعي القومي وعرف المواطنون أحوال بلادهم علي حقيقتها ؛ وكيف تطورت في مختلف مراحلها ؛ فعلي ضؤ التاريخ يكونون أكثر صلاحية لقبول الأفكار السليمة ؛ وفهم الحقائق في الشئون العامة ؛ وإذا كان القصص وسيلة من وسائل نشر المباديء الصالحة والأفكار السامية والعواطف النبيلة ؛ فأجدر بالتاريخ أن يكون قصة واقعية ؛ وأن يكون وسيلة للنهوض بالعقول والأفكار ؛ ونضج القرائح ؛والسمو بأخلاق الجيل ؛ وتوجيه المواطنين إلي المثل العليا في الحياة القومية ( لمزيد من التفصيل راجع :- أنتوني جورمان :- المؤرخون والدولة والسياسة في مصر القرن العشرين حول تشكيل هوية الأمة ؛ المركز القومي للترجمة ؛الكتاب رقم 2257 ؛ صفحتي 195 و196 ) .

ولذلك السبب ؛ يذكر جورمان أن الرافعي  أختار   الكتابة باللغة العربية  حتي تصل كتاباته  إلي القاريء البسيط  .

ويؤكد جورمان أن الرافعي يحتل مكانة هامة بين أعمدة الكتابة الليبرالية  في مصر ؛ومقامه في الثقافة التاريخية معترف بها من قبل اثنين من  الأكاديمين المعاصرين له :-الأول هو محمد شفيق غربال   ؛ أما الثاني  فهو محمد صبري السربوني . فعندما سئل السربوني   في حوار  له نشر في مجلة الكاتب عام 1961 ؛ عن أسم المؤرخ الذي فعل ما في وسعه لنشر المعرفة التاريخية  في مصر؛ وضع الرافعي ضمن مجموعة من أربعة مصريين (  نفس المرجع السابق ؛صفحتي195 و196 ) .  كذلك أيضا دافع شفيق غربال عنه عندما اتهم أنه لا يقوم إلا بتسجيل الأحداث التاريخية دون القدرة علي تحليلها ( لمزيد من التفاصيل راجع المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 197 ) .

    بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1-آرثر جولد شميث :-   الرافعي ؛ عبد الرحمن ؛  قاموس تراجم مصر الحديثة ؛ ترجمة وتحقيق عبد الوهاب بكر ؛ المجلس الأعلي للثقافة ؛ المشروع القومي للترجمة ؛  الكتاب رقم 251 ؛ سنة 2003  ؛   صفحتي 235 و 245 .

2-أنتوني جورمان:- المؤرخون والدولة والسياسة في مصر القرن العشرين حول تشكيل هوية الأمة ؛ المركز القومي للترجمة ؛ ترجمة  محمد شعبان عزاز ؛ مراجعة وتقديم أحمد زكريا الشلق  الكتاب رقم 2257 ؛ الطبعة الأولي 2014 ؛ الصفحات  من 191- 211 .
3- لمعي المطيعي :- هذا الرجل من مصر ؛ دار الشروق ؛ الطبعة  الأولي 1997 ؛  الصفحات من ( 228 – 235 ) .

4- عبد الرحمن الرافعي – ويكبيديا .
5- ماهر حسن :- زي النهاردة .... وفاة المؤرخ عبد الرحمن الرافعي 3 ديسمبر 1966 ؛  جريدة المصري اليوم  3 ديسمبر 2020 .

6- محمد عبد الرحمن :- أعرف كل شيءعن المؤرخ عبد الرحمن الرافعي؛ اليوم السابع ؛ الجمعة 8 فبراير 2019 .
7-نادية البنا :- في ذكري ميلاده ... عبد الرحمن الرافعي   ؛ مسيرة سياسة حافلة وتأريخ وطني ؛ بوابة أخبار اليوم ؛ 8 فبراير 2021 .