ⲀⲜⲒⲞⲤ ⲀⲜⲒⲞⲤ ⲀⲜⲒⲞⲤ ⲠⲒⲚⲒϢϮ ⲈⲐⲞⲨⲀⲂ  ⲀⲂⲂⲀ ⲠⲀⲨⲖⲈ
القمص أثناسيوس فهمي  جورج
 أنبا بولا أول المتوحدين ليس في مصر بل في العالم كله ؛  فقد  قضى حياته كلها في الوحدة دون أن ينزل مرة واحدة إلى العالم ، وقد أخبرنا  القديس أنطونيوس الكبير الشيء الكثير عن حياته ... بولا في سن السادسة عشر من عمره  هو واخوته  حرموا من والدهم   ونالوا  ميراثا كبيرا  بعد انتقاله ؛ وبينما كان بولا  غنيا وملما بالعلوم المصرية واليونانية معا . انعم الله عليه بجمال الطلعة ومحبة عميقة  للالهيات .  لكن صارت الاطماع  علي الميراث  ، بعد موت أبيه  ؛ فترك بولا كل شئ ،بالهام الهي وحصافة حيث ارشده الملاك للذهاب الي البرية الشرقية في جبل يسمي " نمرة  " ،بينما كان هو متعلمًا ويتقن الخط القبطي واليوناني ، لكنه اعتبر ان هذه هي الان عطية الله له  .  داس علي عسل العالم تاركا الغنى والمال بإختياره ، مرتميا في حضن الله ، بعيدًا بعيدًا في سفح جبل العربة بالبحر الأحمر (دير الأنبا بولا الحالي) ، طائعًا مختارًا يعيش الوحدة مع الله، معتمدًا على شجرة نخيل في غذائه ، وفي صنع ملابسه من الليف.وهناك لم ير وجه انسان ،ساكنا مع الوحوش والطير ،في حاله انسان  (فردوس ماقبل السقوط  ) ،ليائتيه طعامه من عند الذي يطعم الغربان ويعول الكل  . كان بولا السائح غير ملتفت الي شئ ولا بمتاسف علي شئ ،سالما من العيب والاهواء التي ينصبها ابليس .

وظل في توحده المطلق متوحدًا عن العالم إلى سنة ٣٤١ م ، حتى أُعلن للأنبا أنطونيوس برؤيا إلهية ، فقام بزيارته وعرف منه سر حياته وتقواه ، وأذاعها للعالم كله ، كمنارة في العالم الحاضر ο αιων ο ξνξστως ، حتي نبلغ مجد العالم الآتي ο αιων  ο ερχόμενος

ومن المعروف أن القديس چيروم ( ايرنيموس ) هو الذﻱ دوّن سيرته ، ذاكرًا أن الأنبا أنطونيوس فتش عليه في الجبال الموحشة المترامية حتى وجده طارقا بابه قائلاً له حبيبي بولا : أنت تعلم من أنا؟ ولماذا جئت و لما أتيت؟ وإنني لا أستحق النظر إليك كي أراك ، فاءذا كنت تستقبل الوحوش ولا تستقبل أﻱ إنسان ، لكني طلبت فوجدت وسأقرع حتى يفتح لي!! وبينما التقيا وتحدثا جاء الغراب ومعه خبزة كاملة بينما كان يأتي لمدة ٦٠ عامًا بنصف رغيف فقط ، لكن في حضور أنبا أنطونيوس ضاعف الله نصيب جندييه. وأخيرًا أحضر القديس أنطونيوس تونية البابا أثناسيوس الرسولي التي كان قد أهداها له ، ليدفن بها كي تكون من نصيب دفن وتكفين هذه الوديعة الغالية ، والتي لم يكد العالم أن يسمع عنها ، حتى تركته وانطلقت راحلة إلى المجد ، محمولة بالملائكة ، كمدينة على جبل ولم يكن العالم مستحقًا له. وترك لكنيستنا والعالم كله حياة سماوية لمدة ماية وثلاثة عشر سنة ؛ في الوقت الذي كان القديس انطونيوس في التسعين من عمره  ؛  وقد  ساقه الرب ليدفنه برداء العظيم اثناسيوس الكبير  ؛ ويكفن جسده النحيل ؛ الذي شابه إيليا ويوحنا المعمدان وبولس الرسول في الفردوس  .  لقد اغلق انطونيوس فمه قارعا علي صدره واحضر الرداء سريعا ταχέως  ؛ فوجده لابسا ثيابا بيضاء كالثلج صاعدا الي السماء وحوله الطغمات وخورس الانبياء والرسل . وقد اتت الاسود المرعبة كالحمام الوديع لتنبش له قبرا ؛  اما  بولا  ارتفع مصاعد مدينة الملك العظيم  . كونه رسولا لا من الناس ουκ  απ ανθρώπων بل من السماء ليأخذ الحاظنا نحو الاعالي .

لقد استطاع كلا من  أنطونيوس العظيم وبولا  أن يحيا القداسة الملكوتية ؛ وكلا يعكس  شعاعها الأخير في اللحظة الأخيرة على العالم ، ذلك العالم الذﻱ ظل حتى اليوم يحلل أطياف هذه النفس الزاهده العابدة الساكنة الساجدة ، ليترجم ألوانها السمائية المبدعة وتأثير الإنجيل المباشر في سيرتها وكفافها وإحساساتها وطريقة معيشتها ، لا في حلة ليف وجسد نحيل ناسك ، لكن في حلة بهية لاتذبل منسوجة بالفضيلة ، وبصوت مسبح بلحن الانتظار للمواعيد المستمدة من الروح والرجاء الموضوع نحو الفرح الآتي ، يطعمه المسيح بخبز السماء ؛ ويكسيه برداء البر وحلة العرس الابدي ، ويشده إليه ليسير بسيره على الجبال العالية من جبل التجربة للتجلي للجلجثة للزيتون ، في انجذاب المثيل إلى مثيله ، لتخبرنا هذه السير عن نموذج لمشاهد لم نراها وتخبرنا عن أمور لم نكن نعلمها عن هذا البار الذﻱ حسب عار المسيح غنىً أعظم من كل الخزائن لمن كان ينتظر المجازاة ، تائهًا في البرارﻱ والجبال وشقوق الأرض ، تاركا تعظم هذا العالم الشرير  αιων πονηρός  ، مشهودًا له كمواطن سماوﻱ طلب الوطن الأفضل ومشتهيات الأبرار المكتوبة بمواعيد الله الصادقة غير الكاذبة؛ وبدلاً من الثياب الخشنة والجسد الهزيل الشاحب والجهالة وحياه القفروالتجرد الموحشة ؛ نال الشبع الذي افرغ نفسه كي يقتنيه وورث الجنات والفراديس والفرح الدائم ،الذي كان قد تدرب علي معيشته منذ ان عاش للرب .

السلام لك أيها الصديق أنبا بولا أول السواح ساكن البرارﻱ المرتفع بالفضائل... الذﻱ استحق أن ينال خبز السماء من يد الملاك كما إيليا النبي ، السلام لصديق الملائكة الذﻱ صار كالسمائيين ، اطلب من الرب عنا ليقبلنا ويصنع معنا رحمة كعظيم رحمته.