بقلم - هالة الجيار
سألتنى صغيرة السن قليلة الخبرة وهى تنظر لى نظرة شك تلتحف بوشاح من الخجل والخوف (هل تعتقدين أن أهله سيوافقون على زواجى منه؟) لقد رمتنى بهذا السؤال بعد أن قصت عليّ قصتها مع هذا الشاب الوسيم ذو السيارة الفارهة التى اشتراها له والده الثرى والذى تعرفت عليه أثناء دراستها بالجامعة وكانت هى فتاة بسيطة قادمة من قرية ريفية لتكمل تعليمها الجامعي.. تأملتها وهى تتكلم ورأيت أنها لا تملك اى مقومات كى تلفت نظر شاب مثله فلا هى جميلة ولا تنتمى لنفس طبقته بل بالعكس كانت من أسرة تكاد تكون معدمة تكافح من أجل البقاء والحقيقة أن السؤال قد شَل تفكيرى للحظات فقد كنت ابحث عن إجابة مناسبة.. بعد أن أكملت قصتها المؤلمة فلقد وعدها هذا الشاب بالزواج بعد أن استدرجها بمليح كلماته وبذخه فى الصرف والإغداق عليها بالهدايا فهامت به وكيف لا وهى لم ترى مثل هذا فى حياتها وهو كان مثل الصياد الماهر الذى يتربص بالفريسة ليوقعها بكل الطرق .. وبعد وقت ليس بطويل بعد أن نجح فى الهيمنة على مشاعرالمسكينة طلب منها أن يقابلها فى شقته التى إشتراها له والده أيضاً .. بمفردهم بعيدا عن الناس وقال لها أنه يحاول إقناع والديه بالزواج بها وإنها مسألة وقت ليس أكثر.. وإلى آخره من الوعود المعروفة.. ولقد جاءت إلىَ حيث إننى أكبرها سناً وكانت ترتاح للحديث معى لتسألنى النصح وهى غارقة في حيرتها وخوفها هل توافق على الذهاب لمقابلته فى شقته أم ترفض ؟ وإعترفت لى بأنه يملك خطابات بخط يدها وهذا يرعبها جداً وإن رفضت قد يتركها نهائيا ..نظرت إليها بشفقة فأنا أعرف تماما ماذا سيحدث لها لو أنها وافقت على لقائه فى شقته وأنه لن يكون لقاءاً واحداً بل بداية لنهاية مؤلمة.
ولا أخفى عليكم فقد إمتلأ داخلى بشعور من الغضب لعدم يقظتها وإستسلامها لهذا الشاب عديم المسؤولية وأنها كانت فريسة سهلة له.. ومع ذلك تحدثت معها بهدوء فقد كانت أنفاسها تتلاحق من الخجل وهى تدلى لى بأمرها وما كان منى الا أن أُحذرها بشدة من الذهاب إليه ووضحت لها بعد حوار طويل بأن ذلك ليس حباً ولكن إستغلالا لسذاجتها وطيبتها وأنها سوف تبكى دماً بعد ذلك..أنا بالطبع لم يكن فى يدى شئ سوى أن اسمعها وانصحها وأحذرها وقمت بتسليمها لخادم أمين ليتابع حالتها ويعتنى بها روحيا ومعنويا ويكون سنداً لها إلى أن تنتهى مشكلتها بسلام.
وعندما تذكرت هذه القصة أحبائى بكل ما تحوى من تفاصيل اثق انها تحدث لكثير جداً من البنات بسبب هذه الفئة الغير ناضجة من الشباب المستهتر.. سريعاً ما جاءت إلى خاطري الأية الكتابية "دَرِّبِ الْوَلَدَ بِمُقْتَضَى مَوَاهِبِهِ وَطَبِيعَتِهِ، فَمَتَى شَاخَ لَا يَمِيلُ عَنْهَا."أَمْثَالٌ ٢٢:٦
وجاء على قلبى أيضاً أن أكتب إليكم .. لأطلب من كل أب وأم قد مَن الله عليهم وأعطاهم صبى بأنهم مثلما يهتمون بتعليمه وتثقيفه وتنشأته أيضاً يجب عليهم تعليمه وترسيخ شىء مهم جداً فى ذهنه بأن كل البنات هن مثل إخوته بل هن بأمانته فلا يستبيح عواطفهن ويطلق العنان لرغباته واللهو بهن .. هذا لأننى رأيت الكثير والكثير من المشاكل التى حدثت بسبب سوء تربية الأسرة للصبى وتدليله أو عدم زرع شعور الخوف من الله فى تصرفاته وخاصة مع البنات ومع الأسف هذا الشئ غفلت عنه الكثير من الأسروأسقط منهم تماما تعليم الأولاد كلمة الرب الصريحة عن العفة والطهارة والأمانة كان كل التركيز على البنت خوفاً عليها وعلى أخلاقها وعلى سمعتها ولكنى أرى أن تسليح الولد بتلك المبادئ هو نوع من الحفاظ على البنات بل الحفاظ على المجتمع بأكمله ..
(فَإِذَا كَانَ أَحَدٌ لَا يَهْتَمُّ بِذَوِيهِ، وَبِخَاصَّةٍ بِأَهْلِ بَيْتِهِ، فَقَدْ أَنْكَرَ الإِيمَانَ، وَهُوَ أَسْوَأُ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ.(تِيمُوثَاوُسَ ٱلْأُولَى ٥:٨
أصدقائي الأحباء إن الخروج بأبناء أسوياء نفسياً ناضجين فكرياً وممتلئون روحياً هو شئ ليس سهلا على الإطلاق يحتاج إلى أباء ساهرين على تربية أولادهم بصلاح متدرعين بالصلاة من أجلهم وطلب المعونة والحكمة من الله دائما والأكثر من ذلك أن يكونوا قدوة صالحة حسنة لهم.. سلام الرب يكون معكم ومع أولادكم.
ولكم منى كل الحب.