Oliver كتبها
الله خلقنى قبل جميع المخلوقات ذوات الجسد الترابى.أنا الأرض الشاسعة كنت فى كفيه حفنة بلا شكل.أنا فى الأصل لا شيء لكنه جعلنى كوكباً أسود.ما كنت جميلة بل سوداء و فى باطنى نار متقدة.كنت أرى جمال الشمس و أصبر حتى تحنن السيد و خلق فى بقعة من بقاعى فردوساً و أسماه الجنة.فرحت أنا بالجنة أكثر من نفسى. و رغم أن الفردوس أرض من أرضى لكننى كنت أشتاق أن أترك أرضى و أسكن الفردوس.
مرت سحب كثيرة تحمل الليل و تحمل النهار و أنا لا أغادر مكانى.أنا أرض الجنة القديمة.كنت الساحة التى شهدت كل الأعاجيب.كنت موطن المعجزات و شاهدة على تواصل السماء بالأرض.عندى نشأت البدايات.من حفنة تراب فى يد القدير كانت تولد آفاق ليس لها آخر.كلما أخذ الرب منى تراباً كنت أفرح بملمس يديه القادرتين.على ظهرى هبطت ملائكة الرب و تجول فى أروقتى السمائيون.
سمعت الأوامر الإلهية. بخشوع الولهان أسرعت بالطاعة.أكثر الجَلَدَ لأجلى فكيف لا أطيعه.أحبني و رطب قلبي فكيف لا أحبه.أنا الأرض التى سمعت أوامر الرب للنباتات و للطيور و للحيوانات لكى تثمر و كنت أجتهد من أجلهم لكى يثمروا فيرض الرب.أحببت صوته أياً ما كان كلامه.
على ترابي سارت قدما الرب.تحت أشجارى جلس آدم وحده يترنم بلغة يعرفها وحده.كنت أسمعه و باطنى يستعذب كلماته.نام آدم وحده لكنه إستيقظ إثنان.رجلا و إمرأة.و أحببتهما أنا جداً.
منذ صنعني القدير أدور.أعرف أنني أدور لنهايتى لكننى لا أستطيع أن أتوقف.أنا قطعة مميزة من الجلد الذى كان تحت السماء.توقفت أجمل الطيور فوقى.نبتت أحلى النباتات و أثمرت كجنسها.بقيت وسط الأعشاب جميع الحيوانات فى سلام.لم نعرف خوفا و لا إضطرابا و لا لعنة.
كان آدم يعتنى بي.كنت مسكنه. جاء الرب و أخلى بقعة شاسعة وضع فى وسطها شجرته.كنت أنظرها و أحيا فعرفت أنها شجرة الحياة.من أجلها هدأتُ الريح صددتَ قوته فصار نسيماً يهفهف علي شجرتى الحبيبة.هذه التى أرسلت شذاها إلى كل الأرجاء .عبق منها ليس للنباتات على أرضى شأن به.
ثم ذات يوم غاب آدم.طردوه منى.صارت الجنة مغلقة.جاء كاروب و بنى من النار سوراً.صارت جنتى ناراً.إرتفعت الشجرة التى عشقتها. صعدت مع السحب وإختفت.و آخر شجرة أكل منها آدم إنكسرت.كانت أول شجرة تنقصف فى وجهى.من ذاك اليوم لا صوت و لا كلام.ذابت لغة آدم و تلاشت نغمات حواء.عدت كالأيام الأول جنةً بلا ساكن.
بقيتُ أياما قليلة بعد رحيل آدم أعانى وحدتى.فجأة صار صوت أرهب كل حيوانات الجنة فهربت.خرجت من الجنة التى كانت ملاذها و مأمنها..كانت الحملان آخر من خرج من الجنة.طارت الطيور الجميلة بعيداً و لم تعد.غاب النسيم فشعرت كأنما عدت إلى لهيبي القديم.ثم أخذ الكروب منى جنتي.إقتطعها كما تهوى الفأس فى أرض رطبة.إقتطعت منى الفردوس التى شهدت العجائب.و سمعت صوتاً يقول له أختم عليها إختم عليها بعدها لا أدري أين ذهبت و أين وضعوا جنتى.إنتشرت الحيات فى كل الأرجاء.
منذ ذاك الزمان و وجهى متقلب متكمد.الأمطار لى دمعاً و الرياح لى لهاث.أنغص فى داخلى بالزلازل لأننى صرت أرض لعنة.كل يوم أدور لعلى أصل إلى فردوسي المفقود بلا جدوى.فلا هو عاد لى و لا أنا رحت إليه.أدور حول نفسي و من ذا يدور حول نفسه و لا يموت.
كالأم التى فقدت وليدها الغالي أنا الأرض التى فقدت جنتها.حنيني إلى فردوسي الأول.لو كانت لى نصيحة وحيدة أقولها لكم.فهى :لا تفقدوا فردوسكم.لا يوجد شعور أقسى من أن تؤخذ منكم جنتكم.لا توجد قباحة أسوأ من أن يؤخذ أجمل ما فيكم.أنا الأرض مختبرة هذه الخسارة فلا تختبروها أنتم أبداً.