خالد منتصر

الشاعر الأرجنتيني العظيم بورخيس له قصيدة جميلة ومعناها عميق وفلسفي ولابد أن ننتبه اليه أثناء رحلة الحياة التي معما طالت فهي خاطفة ، وهي أن نتعلم أن الحياة تخذلنا كثيراً ، وأن علينا احترام المسافات وألا نصر على اللندماج والانصهار حتى في الحب ، هذا الشاعر الذي فقد بصره وظل ثلاثين عاماً كفيفاً وتعلم أربع لغات والذي يعد من أعظم شعراء العالم الحديث ، وصل الى الهدف بيصيرته الثاقبة .يقول بورخيس:

 

"تتعلمين"

بعد فترة تتعلمين الفرق الدقيق

بين الإمساك بيد وبين تكبيل روح،

وتتعلمين أن الحب لا يعني الاتكاء

وأن الصحبة لا تعني الأمان.

وتبدأين بالتعلم

أن القبل ليست عقودا

وأن الهدايا ليست وعوداً

وتبدأين في تقبل هزائمك

ورأسك مرفوع وعيناك مفتوحتان،

بكياسة امرأة، وليس بأسى طفل.

وتتعلمين تخطيط كل دروبك بناء على حاضر يومك

لأن أسس الغد مخططاتها غير مضمونة.

والمستقبل لديه وسائله للخذلان

بمنتصف الرحلة.

بعد فترة تتعلمين

أن حتى أشعة الشمس تحرق إذا بالغت في الاقتراب

لذا تزرعين حديقتك وتزيّنين روحك

بدلاً من انتظار شخص ما ليمنحك الزهور.

وتتعلمين أن بمقدورك حقاً الاحتمال

أنك حقا قوية

وذات قيمة.

وتتعلمين وتتعلمين

 

مع كل وداع تتعلمين.انتهت قصيدة بورخيس والتي تتعلم منها كل فتاة وكل شاب أن الحب لا يعني الاحتكار والاحتواء الكامل، فعندما نسد المسام كلها يختنق الحب باسفكسيا القرب القاتل ، الشوق لا تخلقه الا المسافة المضبوطة بحرص حتى لايتحول الى هجر ، والحياة ضنينة بالمكاسب والأرباح ، وهي لا تبتسم دوماً ، لكن عليك أن تواصل وهذا هو المهم ، ابعد عنك التشاؤم، فما دمت تتنفس هناك المزيد من الفرص.ممنوع الاتكاء ، فقدماك كافيتان للوقوف بدون اتكاء على سور رفيق أو صاحب ،

 

الصداقة مهمة لكن لابد ألا تتحول الى ادمان، والحب ترياق ولكن لابد أن نضبط الجرعة حتى لا يحدث تسمم ، تقبل هزائمك كما قال بورخيس ،وكما يقول المصريون الضربة اللي ما تموتش تقوي ، مثل العظمة المكسورة في شبابك تشكل عظماً جديداً يستعيد عافيته، اذا بخل عليك شخص بالزهرة التي تعودت عليها كل يوم ، اتركه ، امض واحمل فأسك وقلب الأرض واحرثها وازرع زهرتك ووردتك وعقد ياسمينك ، بورخيس الأعمى يقول لك اقترب من الشمس ولكن احذري الاحتراق ، ينصح المرأة بأن تحتفظ بكياستها ضد العواصف ولا تستسلم لأسى الأطفال ، يؤكد على أن الصحبة ليست الأمان ، فالأمان هو احساس داخلي ينبع منك انت ،عند الاحساس بصقيع الوحدة اشعل مدفأتك الداخلية ولا تستعير الحطب أو تتسول أعواد الثقاب من الآخرين ، جهز عتاد رحلة الحياة من مخزنك وبدرومك وسحارتك وطاقتك حتى ولو كانت واهنة وتآكلت بفعل الزمن ومخدوشة نتيجة الهجران والخذلان

نقلا عن الوطن