فريدة الشوباشى

للأسف الشديد فقدت أشياء كثيرة معناها بعد أن شوهها البعض، سواء عن قصد أو بحسن نية، وقد كان موقف رئيس مجلس النواب المصرى المستشار الدكتور حنفى جبالى موقفاً محترماً عندما رفض وصف الإسرائيليين «باليهود»، كما ورد على لسان أحد النواب، وذكر المستشار بأن الدستور لا يفرق بين مصرى وآخر على أساس عقيدته الدينية، مسلماً كان أو مسيحياً أو يهودياً.. وقد أثار هذا الموقف شعوراً بالتفاؤل لدىّ بأن الدولة التى ترفض التصنيف على أساس الدين، لا بد أن تقوم بحملة توعية واسعة إلى أبعد حد بحيث تتطهر مصر من وباء تشويه الدين على يد بعض من لا يدركون مدى عمق تقديس الإسلام لحرية الرأى، حيث قال رب العزة: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».

 

وأرى أن المجتمع المصرى قد خضع طوال العقود السابقة على ثورة الثلاثين من يونيو، إلى خطاب «دينى» هو أبعد ما يكون عن الدين، بل دأب مشايخ تلك الفترة على تفتيت وحدة المجتمع، وفقاً لمبدأ «فرق تسد»، الذى أسسته بريطانيا إبان احتلالها لمصر، بواسطة حسن البنا، مؤسس تنظيم الإخوان وأول مرشد لها، وهو ما يوجب طرح سؤال، هل كان البنا وجماعته مسلمين وبقية المسلمين فى مصر كفار قريش؟ وثابت أن تنظيم الإخوان استبدل الآية الكريمة «اقرأ»، بـ«اخرس»..! وسجلت هذه المرحلة الاعتداء على الكنائس وإثارة غضب المواطنين الأقباط، ولولا صمودهم ومساندة أشقائهم المسلمين الحاسمة معهم، ما كان مشروع التفتيت قد عانى ما عاناه وأدى إلى فشله فشلاً ذريعاً..

 

وقد استخدمت بريطانيا وبعدها الولايات المتحدة الأمريكية عدة تنظيمات إسلامية! لتشويه صورة الدين الإسلامى بطريقة لم يسبق لها مثيل، فأصبحنا نواجه بتنظيم الإخوان، وشهداء الأقصى، وحماس، وداعش وغيرها من التنظيمات الممولة من القوى المعادية لمصر وللوطن العربى عامة، بهدف التفتيت المريع، وهو ما وصفته كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية وقت احتلال العراق، بالشرق الأوسط الكبير، أى المقسم إلى أكبر عدد من الدويلات العرقية والطائفية، واستيقظ العرب على كابوس، السنى والشيعى، والقبطى والمسلم، والعلوى والدرزى و.. و..

 

وقد أفشلت ثورة يونيو هذا المخطط البشع وعبر الرئيس عبدالفتاح السيسى أصدق تعبير عن هذا التوجه الوطنى المحترم، وهو ما أثار هيستيريا الأعداء، وكان اعتمادهم بقدر كبير على أدواتهم فى الداخل، فانطلقت حملات التشويه والتشكيك، باستخدام الدين فى أغلب الأحيان، وهنا تكون التوعية وتعرية مدعى الدفاع عن الدين ضرورة حتمية، لا سيما فى الظروف الصعبة التى يمر بها العالم والتى انتصرت عليها مصر بصمود أبنائها ودعمهم لقائدها الذى لا يخشى فى الحق لومة لائم.

 

 

على إعلامنا التصدى بشجاعة لدحض جميع الأكاذيب ومحاولات التشويه والتى تتخفى خلف دعاوى «دينية» اعتاد مروجوها الثقة بخوف أى جهة من التصدى لهم وتفنيد ادعاءاتهم، درءاً لسرعة اتهامهم بالكفر وكأنهم مفوضون بفرز المجتمع وتحديد الكفار، ومثل هؤلاء يجب مواجهتهم بقوة وبشجاعة تفضحهم وتدفع بهم إلى الجحور، وأبسط ما يمكن أن يخرس أمثال هؤلاء أن نشرح بأعلى صوت أن إسرائيل كيان غاصب وأن الصهيونية حركة سياسية مجرمة، تعمل بأوامر وتوجيهات أمريكية، وقد قال الرئيس الأمريكى بايدن ووزير خارجيته بلنكن إنهما صهيونيان!!! والواقع أنه مهما كان من قدموا من شتى البلاد لاغتصاب فلسطين، كنا سنتصدى لهم ونقاومهم حتى لو كانوا مسلمى الديانة.. إن الحرب ليست دينية بأى حال، بل وطنية بامتياز.

نقلا عن الوطن