د. عوض شفيق
غداً الأثنين 19 فبراير 2024، تبدأ محكمة العدل الدولية عقد جلسات علنية في سياق طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة وفى قرارها اتخذته العام الماضى في 30 ديسمبر 2022 في الحصول على الرأي الاستشاري بشأن:
(أ) ما هي الأثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن أحتلالها الطويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافى لمدينة أورشليم (القدس) وطابعا ووضعها، وعن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن؟
(ب) كيف تؤثر سياسات وممارسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية على الوضع القانوني للاحتلال وما هي الآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لحميع الدول والأمم المتحدة؟
*** ملحوظات هامة: مسارات مختلفة
• تختلف الإجراءات المطروحة أمام المحكمة غدا في جلسات الاستماع عن القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بشأن التدابير المؤقتة الستة التي أصدرتها المحكمة في 26 يناير 2024 وما وصفته بعدم امتثال إسرائيل لأحكام القانون الدولي وانتهاكها لاتفاقية منع الإبادة الجماعية في الأرض الفلسطينية المحتلة خلال حملتها العسكرية عقب الهجمات التي نفذتها حماس والفصائل الفلسطينية في 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023، والتي أدت إلى تهجير غالبية سكان غزة ومقتل نحو 28 ألف فلسطيني خلال ما يزيد قليلاً عن أربعة أشهر. ونصفهم من الأطفال، واخضاعهم لظروف معيشية صعبة وقتل وأذى جسدي ومدنى وضرر لا يمكن إصلاحه.
• قد يقول البعض أن الآراء الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية غير ملزمة، - هذا صحيح - إلا أنها يمكن أن تحمل سلطة أخلاقية وقانونية كبيرة ويمكن أن تصبح في نهاية المطاف جزءاً من أعراف القانون الدولي، وهي ملزمة قانوناً للدول. بوصفها قواعد آمرة.
• ولنا مثال في ذلك مرور عقدين على فتوى الجدار العازل
كانت الجمعية العامة قد طلبت فتوى قانونية بشأن الإجراءات الإسرائيلية في الأرض المحتلة في كانون الأول/ديسمبر 2003 فيما يتعلق ببناء الجدار العازل في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. وبعد بضعة أشهر، في تموز/ يوليو 2004، وجدت المحكمة أن بناء الجدار مخالف للقانون الدولي ويجب أن يتوقف، وأنه يجب تفكيك الأجزاء التي بنيت.
• ومن الآراء الاستشارية والتي أصبحت قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي عدم الاعتراف بالحجج القائلة بأن ما تقوم به إسرائيل دفاعا عن النفس، أو بمعنى آخر محظور لدولة الاحتلال أو سلطة الاحتلال الاحتجاج بمبدأ الدفاع عن النفس المقرر في ميثاق الأمم المتحدة الذى يقرر المسّوغات القانونية للجوء إلى استخدام القوة. والتي تختلف أحكامه عن أحام قوانين الحرب أو القانون الدولي الإنساني الذى يقرر قواعد صارمة في استخدام القوة المسلحة وشروطها القانونية التي من بينها قواعد التناسب والاحتياطات والهجمات العشوائية وقواعد التمييز بين المقاتلين والمدنيين
ولذلك تتيح هذه الإجراءات للمحكمة الفرصة لتقديم - بعد عقدين من آخر فتوى لها - تقييما أكثر شمولاً لممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وتقديم المشورة بشأن تطبيق القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان، والقانون الجنائي الدولي.
وتأتي الجلسات في سياق طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة الحصول على فتوى من المحكمة حول آثار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 57 عاماً، وستستمر لمدة ستة أيام بين 19 و26 شباط /فبراير الجاري.
ومن المقرر أن تستمع المحكمة خلال الجلسات إلى إحاطات من 52 دولة – وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المحكمة – بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية. ووضعت المحكمة اليوم والتاريخ والساعة لموعد استماع كل دل دولة وعلى سبيل المثال سيكون اليوم الأول الأثنين 19 فبراير استماع دولة فلسطين، ويم الأربعاء 21 فبراير دولة مصر.