في مثل هذا اليوم 21 فبراير1985م..
محمود شكوكو (1 مايو 1912 - 21 فبراير 1985)، ممثل ومطرب مونولوجات مصري.
مثل محمود شكوكو في الكثير من أفلام الأبيض والأسود وارتبط بإسماعيل ياسين، حيث اشترك معه كثنائي مونولوجست، وكون فرقة خاصة به ، كان محمود شكوكو هو الفنان المصري الوحيد الذي صنع له دمى صغيرة على شكله بالجلباب البلدي والقبعة المميزة التي كان يرتديها، توفي سنة 1985.
لا زالت الكثير من مونولوجاته باقية لدرجة أن شركة مصر للطيران تخصص إحدى قنوات الإذاعية على متن رحلاتها لمونولوجات محمود شكوكو. مثل محمود شكوكو في بعض الأفلام الملونة في أواخر أيامه بأدوار ثانوية. وأبرز أفلامه هو دوره في فيلم عنتر ولبلب الذي لعب بطولته مع سراج منير.
محمود شكوكو اسمه الحقيقى محمود إبراهيم إسماعيل موسى المولود في أول مايو) عام 1912 في إحدى حواري حىّ الجمالية الشعبى بالقاهرة، وفي بداية حياة شكوكو الفنية نال كثيرًا من الضرب من والده، لأنه كان يعمل طوال اليوم في ورشة النجارة وفي الليل يغني في الأفراح والملاهي، وكان في المرحلة الأولى يقلد الفنانين ويغني لمحمد عبد الوهاب ومحمد عبد المطلب ولم يجد استجابة فأدرك بفطرته أنه ليس مطربا، ولو اتجه إلى فن المونولوج سيكون أفضل.
والده يعمل في مهنة النجارة التي ورثها عن أبيه وورثها أبوه عن أجداده، وكان من الطبيعي أن يعمل محمود شكوكو... نجارا مثل والده
وكلمة (شكوكو) جزء من اسم محمود، وأدرجت في شهادة ميلاده، وأصبح له اسم مركب «محمود شكوكو»، وقد أطلقه عليه جده إسماعيل موسى، الذي كان يهوى تربية الديوك الرومي «الدندي» ، وكانت الديوك تتعارك فيما بينها وأحدها الأكبر حجما كان يطلق صيحة متميزة عندما يشتبك مع الديوك الأخرى، ويبدو كأنه يقول «ش ش كوكو» فأعجب الجد بهذا الديك، وكان يهتم به أكثر من الديوك الأخرى. وعندما أنجب ابنه إبراهيم ولدا أراد الأب أن يسميه «محمود»، وتمسك الجد باسم «شكوكو» و إرضاء للإثنين تمت كتابته في شهادة الميلاد محمود والشهرة «شكوكو» ثم أعيد قيد اسمه مركبا «محمود شكوكو» في السجلات.
بدأت شهرته وشعبيته تزداد يوما بعد يوم بعد أن اقتحم مجال التمثيل والمنولوج، واشتهر محمود شكوكو بالجلباب البلدي، والطاقية الطويلة التي يضعها على رأسه وهو يغني ويمثل. ومن شدة إعجاب أحد النحاتين به، صنع له تمثالا من طين الصلصال وعرضه للبيع، ومن هنا انتشرت تماثيل شكوكو (عروسة شكوكو)، وظهر أكثر من صانع في جميع محافظات مصر، ولاحتياج قوات المناضلين ضد الاحتلال الإنجليزى في الحرب العالميه الثانية كانوا يزايدون على من يمنحهم زجاجات فارغة وحتى يتمكنوا من ملإها بالغازات السامة وقذفها على العدو فكان الباعة ينادون (شكوكو بقزازة ) أى: من يمنح البائع زجاجة فارغة يأتي له بتمثال ؟ انتشرت تماثيل شكوكو لدرجة أن صناع الحلوى أصبحوا يصنعون عروسة المولد والحصان والفارس... كلها من الحلوى بدلا من الجبس لتباع في الموالد والأعياد.
كان «محمود شكوكو» يخجل من نفسه لأنه لا يقرؤ ولا يكتب بعد أن اقتحم مجال الفن. ولكن... دفعه ذكاؤه إلى أن يعلم نفسه بنفسه، فكان يسير في الشارع وعيناه على كل ما هو مكتوب على واجهات المتاجر واللافتات، وكان يدعو المارة ليقرؤا له ما هو مكتوب وكأنه يصورها في ذاكرته، وبالتالي بدأ يحفظ شكل الكلمات، وكان يشتري مجلة «البعكوكة» ذائعة الصيت في ذلك الوقت، ويطلب من أي شخص أن يقرأها له ويحاول تقليد ما هو مكتوب حتى تعلم القراءة والكتابة وبدأ يحفظ بعض الكلمات الإنكليزية والفرنسية التي كانت تتردد في تلك الأيام .
التقى في هذه الفترة بالفنان علي الكسار الذي أعجب به واختاره ليقدم المنولوجات بين فصول المسرحية، ولاحظ تفاعل الجمهور معه وإعجابهم به فرفع أجره ومن خلال فرقة على الكسار تعرف محمود شكوكو على عدد كبير من المؤلفين والملحنين وابتسم له الحظ عندما فتحت له الإذاعة المصرية أبوابها بفضل كروان الإذاعة محمد فتحي، ولحسن حظ شكوكو أن الإذاعة كانت ستنقل حفلا على الهواء من نادي الزمالك ( المختلط) بمناسبة عيد شم النسيم فاختاره الإذاعي محمد فتحي ليشارك في الحفل وتسمعه الجماهير في مصر من خلال الراديو، ويسمعه الموجودون داخل حديقة النادي...
وبعد أن انتهى من إلقاء مونولوجاته الفكاهية... هتف الحاضرون جميعا «عايزين شكوكو... عايزين شكوكو» فخرج إليهم محمد فتحي ووعدهم بأن يعيد إليهم شكوكو مرة أخرى بعد المطرب الذي صعد إلى خشبة المسرح، وما أن انتهى من وصلته الغنائية حتى هتفت الجماهير مرة أخرى ««عايزين شكوكو... عايزين شكوكو»، واضطر محمد فتحي أن يعيده ثانية إلى المسرح ليغني ويلقي المونولوجات، وكانت أول وآخر مرة يظهر فيها مطرب أو مونولوجست مرتين على المسرح ويغني في الإذاعة في اليوم نفسه.
وبالرغم من هذا لم يترك مهنته الأصلية... مهنة أجداده وهي النجارة وصناعة الموبيليا... وانفصل عن والده وافتتح لنفسه ورشة مستقلة في منطقة الرويعي - ما بين القلعة والعتبة بشارع محمد علي - واشتهرت منتجاته التي كانت تباع في أكبر المتاجر في القاهرة مثل شيكوريل وأوريكو وسمعان وصيدناوي.,كان كل ما يجمعه من مال سواء من الموبيليا أو الاشتغال بالفن يسلمه لوالده لينفق عليه وعلى إخوته، وفوجيء ذات يوم بوالده يبلغه خبرا سارا... قال له يا بني كل الأموال التي أعطيتها لي ادخرتها لك واشتريت لك بها هذه البناية وأطلقت عليها اسمك وأصبحت عمارة شكوكو
وفي العام 1946 كون محمود شكوكو فرقة استعراضية باسمه تضم عبد العزيز محمود، وتحية كاريوكا وسميحة توفيق وتقدم عروضها على مسرح حديقة الأزبكية بالقاهرة.
كان شكوكو شغوفا بفن العرائس وخصوصا بعد انتشار تماثيله التي تباع في كل مكان وينادي عليها «شكوكو بقزازة»... فقرر أن يحول نشاطه من الفن الاستعراضي إلى فن العرائس، خاصة وأنه نجار ماهر وصانع ماهر فكان يقوم بتصنيع العرائس الخشبية وقدم بعض مسرحيات العرائس مثل «السندباد البلدي» «الكونت دي مونت شكوكو» وكلاهما من تلحين محمود الشريف وسيد مكاوي ومن إخراج صلاح السقا، وكان يقوم بالتمثيل فيها السيد راضي ويوسف شعبان وحمدي أحمد وأيضا المخرج صلاح السقا. وبالرغم من أن مسرح محمود شكوكو للعرائس توقف نشاطه أواخر العام 1963 لضيق الأحوال المادية، إلا أنه كان البداية الحقيقية لإنشاء مسرح القاهرة للعرائس. التصق اسم شكوكو بشخصية الأراجوز التي أكسبته شهرة واسعة...
ويحسب له أنه أحيا فن الأراجوز الذي كان قد اندثر لدرجة أنه غنى للأراجوز أغنية «ع الأراجوز يا سلام سلم»، وكان يعاونه أحد أشهر فناني الأراجوز في مصر واسمه علي محمود،
وطاف هو وشكوكو الكثير من بلدان أوروبا وأميركا اللاتينية بعرائس الأراجوز الخشبية
واشتهر شكوكو بالطاقية والجلابية البلدي وأطلق عليه البعض «شارلي شابلن العرب»،
شكوكو هو أول فنان مصري يركب في أواخر الأربعينات السيارة الإنكليزية ماركة «بانتيللي» التي لا يركبها غير اللوردات والسفراء والأمراء ما أثار عليه حقد أفراد الأسرة المالكة وبعض أفراد العائلات الأرستقراطية وأجبروه على بيعها.
اقترنت ملكية شكوكو لهذه السيارة بقصة حب ربطت بينه وبين سيدة المجتمع عائشة هانم فهمي صاحبة القصر المعروف باسمها في الزمالك، ويقال: إن هذا الحب انتهى بالزواج بعد طلاق عائشة فهمي من زوجها الفنان يوسف وهبي الذي اشتاط غيظا وحقدا على محمود شكوكو وحرض عليه رجال القصر وأبناء العائلات الأرستقراطية في مصر ليحولوا بينه وبين الاستمرار زوجا لإحدى سيدات هوانم المجتمع، لأن يوسف وهبي يرى أن زواج شكوكو من عائشة فهمي طعنة لبنات الأسر الأرستقراطية والأسر الكريمة والعائلة المالكة في مصر... وتحولت نقمة القصر وغضب يوسف وهبي على محمود شكوكو إلى حملة مسعورة ضده لم يستطع هو ولا عائشة الصمود أمامها... فابتعدا لكنه أبدا لم يتأثر حبها له وحبه لها حتى بعد زواجه من أم أولاده. وقد طلقها محمود شكوكو بعد أن دعاه مجموعة من أصدقائه، وحيد فريد ومحمود فريد وأبو السعود الابياري وأحمد عزت مدير الشهر العقاري زوج زوزو شكيب وسعيد مجاهد ونجيب خوري... وحضر إليهم محمود شكوكو على قهوة الأوبرا ومعه كلبه الضخم وأقنعوه بأن يطلقها وبالفعل حدث ذٰلكَ الانفصال ولم يتعامل يوسف وهبى في أي فيلم مصرى مع شخصية محمود شكوكو وحتى بعد قيام الثورة أُقيمت الحفلات العامة في حدائق الأندلس والأزبكية وكان يشترك محمود شكوكو في تلك الحفلات وحدث ذات ليلة أن كان النجم الجديد عبد الحليم حافظ يغنى لأول مرة ويقدمه على المسرح يو سف وهبى وقبله غنّى محمود شكوكو وقدم مونولوجاته الخفيفة ولم يقدمه يو سف وهبى على المسرح كباقي الذين غنوا من قبله أو بعده وإنما دعى الفنان حسن فايق أن يقدم فقرته وظل لا يتعامل معه في مسرحيات أو أفلام أو إذاعة كل ذلك أنّ محمود شكوكو تجرأ وتزوج طليقة يوسف وهبى
وفي حياة محمود شكوكو تزوج ثلاث مرات... الأولى... أم ولديه سلطان وحمادة... والثانية... فتاة صغيرة تزوجها بالرغم من معارضة أسرتها لكنها مرضت بمرض خطير وطاف بها على أطباء مصر وأولياء الله وأنفق عليها آلاف الجنيهات على علاجها لكنها ماتت واقتنع أهلها بأنه انسان طيب وعطوف ووافقوا على أن يزوجوه أختها الصغرى.
بالرغم من شهرة محمود شكوكو الطاغية كممثل وفنان ومنولوجست إلا أنه لم يترك مهنته ومهنة والده وأجداده مهنة النجارة وصناعة الموبيليا حتى إنه هو الذي قام بنفسه بتصنيع موبيليا شقته عند زواجه من أم سلطان.
وقد ظهر محمود شكوكو على المسرح طيلة حياته يرتدى الجلباب البلدي والطرطور وأصبحت سمة مميزة لشخصيتة وكانت المرة الأولى على مسرح البوسفور في باب الحديد.
حتى يوم تكريمه من الرئيس الراحل أنور السادات في عيد العلم والفن ذهب إلى الحفل مرتديا الجلباب البلدي تكريما لتاريخه الحافل في جميع ألوان الفنون وبخاصة السينما التي قدم لها الكثير من الافلام
قدم الكثير من المونولوجات الفكاهيه والنقديه ومن اشهرهم جرحونى وقفلوالاجزاخانات وحموده فايت يا بنت الجيران وفستان الحلوه – لعل وعسى – يا واد يا حدقه – يا جارحه قلبى بقزازه والكثير من الاعمال الموسيقيه
وبعد تلك العمل التمثيلى اشتد عليه المرض وتم نقله إلى مستشفى «المقاولون العرب» بالجبل الأخضر بمدينة نصر بالقاهرة وظل بها أكثر من 3 أشهر في الغرفة رقم 602 فقدخلالها ما تبقى له مما امتلكه بعد أن ترك عمله لفترة وساءت أحوال متجره وما أنفقه على علاج زوجته الثانية فما تبقى له سوى القليل الذي صرف أيضا على علاجه هو بعد أن اشتد المرض عليه واستكمل علاجه على نفقة الدولة من دون علمه خوفا من أن يشتد المرض عليه ممن حوله ومعايرته بذلك. وبالرغم من ذلك كان يتصل بالصحف ويناشد أصدقاءه الفنانين وجمهوره العريض أن يقوموا بزيارته في المستشفى ليخففوا عنه آلامه وكان يقول في الجرائد والمجلات:«انه ثري وعنده مئات الألوف من الجنيهات ولا يطلب مساعدة أو علاجا على نفقة الدولة... كل ما يريده فقط أن يزوره الناس في المستشفى. وبالفعل توافد عليه المئات ورحل عن عالمنا في 21 فبراير 1985.