ياسر أيوب
لا يقتصر جنون كرة القدم وغرائبها على نتائج مبارياتها وبطولاتها فقط.. فهناك على سبيل المثال الإنجليز الذين امتلكوا أقوى دورى في العالم وفازت أنديتهم ببطولات قارية وعالمية لكن منتخبهم فقير ببطولة واحدة فقط.. والأمريكيون الذين تسيدت نساؤهم كرة القدم العالمية وبقى رجالهم دون أي مكانة وإنجازات حقيقية.. والبرازيليون الذين لم يفوزوا على أرضهم بالمونديال وفازوا به خمس مرات في بلدان أخرى.
لكن تبقى حكاية الصين هي الأغرب.. وأفضل بداية لهذه الحكاية هي المقارنة بين البطولتين الأخيرتين لأمم آسيا وإفريقيا في يناير الماضى.. ففى بطولة آسيا خرج المنتخب الصينى من الدور الأول بعدما فشل في إحراز أي هدف في ثلاث مباريات.. بينما كانت الصين في المقابل رابحة في بطولة إفريقيا التي لم تشارك فيها بمنتخب ولاعبين لكنها كانت حاضرة بملاعب البطولة التي أنشأتها الحكومة الصينية.
استاد الحسن واتارا في أبيدجان الذي استضاف الافتتاح والختام بتصميم معهد بكين المعمارى وتنفيذ مجموعة بكين للمقاولات.. واستاد لوران بوكو في سان بيدرو الذي بنته شركة بكين للهندسة المدنية.. واستاد أمادو كوليبالى في كور هوجو الذي بنته مجموعة الصين الوطنية للبناء.. ويقودنا ذلك للعودة إلى 2013 حين قررت الصين أن تصبح دولة كروية عظمى.
وأن تتألق الصين في ملاعب الكرة إلى جانب استخدام اللعبة كسلاح لتغيير صورة الصين عالميا وتحقيق العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية.. ولم تنجح الصين في حكاية التألق الكروى رغم نجاحهم الأوليمبى الساحق ورغم المال الكثير جدا الذي تم إنفاقه للتعاقد مع نجوم كبار سواء لاعبين أو مدربين.. ولم يأت هذا المال بأى نتيجة في أي ملعب، وأوشكت أندية صينية على إعلان إفلاسها بعدما كانت قبل سنوات قليلة هي الأكثر إنفاقا في العالم.
ولم ينتبه المسؤولون الصينيون وقتها إلى أن هذا المال الكثير سيخلق بيئة مناسبة وصالحة للفساد والسرقة والرشوة والاختلاس، ولاتزال تتوالى حتى اليوم تحقيقات رسمية طالت مسؤولين كرويين كثيرين تكشّف فسادهم وظهرت فضائحهم.. وفى مقابل هذا الفشل.. كان هناك نجاح حقيقى في الاستثمار السياسى والاقتصادى لكرة القدم.. فغير أن الصين أصبحت حاليا هي الأكثر تصنيعا للملابس والأدوات الرياضية في العالم بمختلف أنواعها وشعاراتها.
فنجاحها الأكبر كان دخول إفريقيا كقوة عظمى رغم أنف الأمريكيين والفرنسيين عن طريق كرة القدم وبناء ملاعبها.. فغير كوت ديفوار بنت الصين ملاعب مماثلة في السنغال وبنين وبوركينا فاسو وكاب فيردى وتشاد والكونجو الديمقراطية وجيبوتى وغينيا الاستوائية والكونجو وجامبيا وغينيا وغينيا بيساو وكينيا وليبيريا ومالاوى ومالى وموريتانيا وموريشيوس وموزمبيق والنيجر ورواندا وزيمبابوى وسيراليون وزامبيا وتنزانيا وتوجو وأوغندا وجنوب السودان.
نقلا عن المصرى اليوم
