محرر الأقباط متحدون
أجرت وكالة "سير" الكاثوليكية للأنباء مقابلة مع ممرض فلسطيني، لم يشأ الكشف عن هويته، تحدث عن الأوضاع الصعبة الراهنة في قطاع غزة إزاء استمرار العمليات القتالية. الممرض يعمل في مستشفى بمنطقة رفح الجنوبية والتي تدفق إليها حوالي مليون وثلاثمائة ألف شخص نزحوا عن المناطق الشمالية، وقال: إننا نخضع للضغوط باستمرار، ولا نعرف كيف سيكون مستقبلنا، لافتا إلى الشعور بأن الموت يمكن أن يحصد أرواح الأشخاص في أي لحظة دون أن يدركوا ذلك.
وكالة "سير" التابعة لمجلس أساقفة إيطاليا التقت بالممرض الفلسطيني على مقربة من معبر رفح الفاصل بين القطاع والأراضي المصرية، موضحة أن هذا الأخير يعمل في إحدى المنشآت الصحية القليلة جداً التي ما تزال تعالج المرضى والمصابين في القطاع وهو يسعى جاهداً إلى تلبية احتياجات مئات آلاف الغزيين الذين لجأوا إلى تلك المنطقة. ومن بين المنشآت الصحية العاملة في الجنوب "مجمع ناصر الطبي" الذي يجد نفسه اليوم عاجزاً عن تلبية كل المتطلبات، علما أن الجنود الإسرائيليين قاموا باقتحامه واعتقلوا حوالي مائة شخص اتُهموا بالانتماء إلى حماس، ومن بينهم سبعون طبيباً وعاملاً صحيا. فيما يتعلق بـ"المستشفى الأوروبي" – الذي بنته وكالة الأونروا في العام ١٩٨٩- فهو يعمل اليوم بنسبة ثلاثين بالمائة من قدراته ويقول القيمون عليه إنه يفتقر إلى الأدوية والعقاقير وقطع الغيار للتجهيزات الطبية. كما أن العاملين الصحيين يعرضون حياتهم للخطر كل يوم من أجل الوصول إلى مكان عملهم. ويخشى الكثيرون من أن يؤدي تقدّم الدبابات الإسرائيلية إلى عزل المستشفى عن باقي المناطق في جنوب القطاع، ما يحول دون عودة الأطباء والممرضين إلى بيوتهم.
في حديثه لوكالة "سير" قال الممرض الفلسطيني إن الناس ما يزالون يموتون في قطاع غزة، مشيرا إلى أن بيته تحول إلى تلة من الركام بسبب القصف الإسرائيلي، وهو يقيم اليوم مع عائلته داخل خيمة اشتراها بسعر ستمائة دولار أمريكي. مع ذلك يقول إن مسرور لأن هذا الأمر يسمح له بالتنقل باستمرار إلى المناطق الأكثر أمناً. وأضاف أنه يتواجد حاليا في منطقة رفح حوالي مليون وثلاثمائة ألف مهجر يقيمون في مخيمات مستحدثة، ويفتقرون إلى المياه والخدمات الأساسية، ويعانون من قلة المواد الغذائية، والبرد لاسيما خلال ساعات الليل عندما تتدنى درجات الحرارة. ولفت إلى أنه خلال النهار يُسمع دوي القنابل والقذائف التي لا تسلم منها الأسواق حيث يتوجه العزيون للبحث عن شيء من الطعام. وقال إنه لا يمكنه أن يتصور ما يمكن أن يحصل في حال هجوم بري إسرائيلي على رفح، إذ لا يعلم الناس أين يمكنهم الهروب وكيف يمكنهم أن يحموا أطفالهم، لافتا إلى أن الشغل الشاغل الوحيد في غزة هو البقاء على قيد الحياة، مع العلم أن مصادر وزارة الصحة التابعة لحماس تتحدث عن سقوط أكثر من تسعة وعشرين ألف ضحية منذ بداية العمليات العسكرية.
بعدها أشار الممرض الفلسطيني إلى أن حياة العائلات المهجرة باتت صعبة للغاية، لا بل مستحيلة، موضحا أن المساعدات الإنسانية الدولية ليست كافية لتلبية الاحتياجات، وقال إن الشوارع مكتظة بالأشخاص الساعين إلى شراء ما يتوفر من طعام، في أسواق مستحدثة، بيد أن الأسعار ارتفعت كثيراً وبات من المستحيل – على سبيل المثال – شراء سلع كالسكر والبن. وهناك بعض المهجرين الذين يرغبون في العودة إلى مناطقهم في الشمال على أمل أن يجدوا بيوتهم سالمة، لكن الجنود الإسرائيليين يمنعونهم من ذلك، في وقت ترد فيه أنباء من الشمال تفيد بأن من بقوا هناك يأكلون طعام الحيوانات. وختم الممرض الفلسطيني يقول إن البهائم في غزة تعيش أفضل من البشر، متسائلاً متى ستنتهي هذه المعاناة!