حمدي رزق
الكتابة عن صديقى الذى رحل مؤلمة، ملابسات مرضه ورحيله تؤلم المحبين، عندما يمرض الطبيب الطيب يتوجع مرضاه، وعندما يرحل الطبيب الكريم يخلف حزنا شفيفا.
سبحان من له الدوام، ونشر الدكتور «محمد الناظر» عبر صفحته على فيسبوك: «إنا لله وإنا إليه راجعون، توفى إلى رحمة الله والدى الدكتور هانى الناظر»، وإذا فجأة (فجعة) تعم الفيس، وتحول لون الصفحات إلى الأسود حدادًا.
كل يشير صورته مبتسما، وكأنها صورة موحدة، سرادق عزاء إلكترونى لمن أحب الناس فأحبوه، وخدم الناس فأحسنوا وداعه، كان كريمًا فأكرمه الطيبون، وداع لافت يليق بطبيب سخر عمره وعلمه فيما ينفع الناس.
لم يخف طيب الذكر عن أحبابه مرضه، ظل يكتب إليهم ولهم ويحنو عليهم، حتى فى شدته، وألمه كان على تواصل مع الأحباب، يقينا سيفتقدونه كثيرا. كان صديقا قبل أن يكون طبيبا، وفتح قلبه عبر صفحته الفيسبوكية قبل عيادته، ليرد على استشارات الطيبين، ويجيب على أسئلتهم، ومن يتطلب علاجه عيادته، الباب مفتوحا، لم يرد سائلا، بشوشا طبيبًا فى استقبال مرضاه، وينزلهم منزلا كريما.
رحل طبيب الغلابة، صنف من الأطباء، يقال فى وصفهم الحكماء، ممن استبطنوا رسالة الطب، وتحرروا من التكالب المادى الذى يقتل إنسانية الطبيب، الدكتور هانى، يرحمه الله، كان عطوفا، كريما مع مرضاه، يعتبرهم أصدقاءه، ويتشارك معهم الألم، ويحنو عليهم، ويطبطب على ظهورهم، ويمسح وجوههم، لا يرتاح إلا وابتسامة تعلو وجه مريضه، فيبتسم شاكرا حامدا ربه على نعمته التى أنعم بها عليه، ويقينه راسخ، الله هو الشافى المعافى.
كل من بلغه منشور الدكتور «محمد» نجل الدكتور «هانى»، ابتهل بالدعاء بالرحمة والمغفرة لطبيب الغلابة، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد.
طيب الذكر يودعه الأحباب خير وداع، كل هذا الحب، من أحبه الله حبب فيه خلقه، وخلق كثير يحبونه، طوب الأرض يدعو له، كمْ خفف من آلام، وكم مسح على رؤوس، وكمْ كفكف دموعا، حتى دموع «حفيده» فى وداعه مست شغاف القلوب.
نال محبة خالصة، ولقبا محببا «طبيب الغلابة»، وهو لقب لو تعلمون عظيم، عيادته على «الفيس» كانت أهم عيادة فى مصر، فتح حسابه للطيبين، كانوا يستشيرونه طبيا ليل نهار، ساعات كان يستأذن منهم بأدب جم، لينال قسطا من الراحة من قسوة المرض، وسيواصل معهم مشوار الحياة.
يوم قلصت «إدارة الفيس» عدد مشاهدى الصفحات، ومنها صفحة الدكتور هانى، كتب معتذرا لمتابعيه، وكانت مثل الظهور الأخير للدكتور هانى قبل دخوله الحالة الحرجة.. وكأنه كان يودعهم الوداع الجميل، لم يشأ أن يفجعهم إذ فجأة برحيله، شارك متابعوه بصورة بدت فيها ملامحه بصحة جيدة، لعلهم يحتفظون بصورته مبتسما.
رحل الطبيب الطيب وإنا لفراقه لمحزونون، سر طيب الذكر الدكتور «هانى الناظر» كانت ابتسامته البشوش التى لم تفارق لحظة وجهه الطيب، وابتسامة الطبيب سر من أسرار الشفاء، والطبيب المبتسم يخفف الألم، ويمنح البشرى، ويطمئن المتعب، ويخفف عن الأسرة المحزونة، ابتسامة الطبيب بلسم كما يقولون، أظنه رحل مبتسمًا، طوبى للرحماء على المساكين فإن الرحمة تحل عليهم.
نقلا عن المصري اليوم