حالة من الجدل المتصاعد في مصر أثارتها واقعة قفز فتاة من سيارة تتبع إحدى شركات نقل الركاب عبر التطبيقات الذكية وهي مسرعة، ما تسبب في إصابات بالغة للفتاة ترقد على إثرها بالمستشفى فاقدة للوعي، وتتهم أسرتها سائق السيارة بمحاولة خطفها.
 
وفي ظل الجدل حول حقيقة ما حدث، رصد موقع "سكاي نيوز عربية" معلومات تفصيلية عن الفتاة والسائق، وملابسات الواقعة، في محاولة لكشف جوانب القصة.
 
التفاصيل الرسمية للواقعة
الواقعة حدثت مساء الأربعاء وباتت معروفة إعلاميا بـ"فتاة أوبر" أو"فتاة الشروق" نسبة لضاحية الشروق شرقي القاهرة نظرا لحدوثها على طريق السويس القاهرة في نطاق قسم شرطة الشروق.
 
وفق البيان الرسمي الوحيد عن الواقعة أصدرته وزارة الداخلية بأن قسم شرطة الشروق تلقى بلاغا من إحدى المستشفيات باستقبال فتاة مقيمة في دائرة قسم شرطة التجمع مصابة بجروح في الرأس واضطراب في درجة الوعي.
 
وحسب الداخلية فإن شاهد عيان قال إنه رأى الفتاة تقفز من الباب الخلفي لسيارة وهي مسرعة على طريق السويس فتوقف لمساعدتها وأخبرته أن سائق السيارة التابعة لأحد تطبيقات النقل الذكي حاول معاكستها فقفزت من السيارة خوفا من تحرشه بها.
 
البيان الرسمي أكد أنه"جرى تحديد وضبط السائق وله معلومات جنائية (أي لديه سابقة جنائية)، مقيم بمحافظة الجيزة".
 
وبمواجهته قرر أنه حال قيامه بغلق نوافذ السيارة ورش معطر فوجىء بقيام السيدة بالقفز من السيارة، فقام بإستكمال سيره ولم يتوقف خشية تعرضه للإيذاء ، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
 
من هي الفتاة؟
الفتاة تدعى حبيبة الشماع، تبلغ من العمر حاليا 24 عاما، خريجة كلية إعلام من الجامعة البريطانية، وتعمل في مجال الآثاث والديكور، بحسب ما قالته والدتها السيدة دينا إسماعيل عمر لموقع "سكاي نيوز عربية".
 
والدة حبيبة قالت إن ابنتها استقلت سيارة أوبر للذهاب من مدينتي حيث تسكن عائلتها إلى موعد في التجمع الخامس، وحدث ما حدث.
 
ونوهت إلى أنها لم تتحدث مع ابنتها منذ الحادث "لأنها فاقدة للوعي ولكن شاهد العيان الذي نقلها للمستشفى أخبرني أن ابنتي قبل أن تغيب عن الوعي قالت 3 كلمات فقط (أوبر كان هيخطفني)".
 
والدة حبيبة أكدت أنها ذهبت للنيابة للإدلاء بأقوالها في التحقيقات واتهمت السائق بمحاولة خطف ابنتها والتسبب في إصابتها، ولكنها لم تتواجه معه.
 
وحول تعرض ابنتها لمواقف شبيهة من قبل، قالت والدة حبيبة إن ابنتها "معتادة على استخدام تطبيقات النقل الذكي ولم يحدث معها أو مع شقيقتيها أي شيء مماثل من قبل، وأي منهن لا تعاني من توجس أو وساوس بشأن الرجال أو التحرش أو أشياء من هذا القبيل".
 
 تقدير خاطئ؟
أكدت والدة حبيبة الشماع أنه "من المستحيل أن تكون ابنتي قد ألقت بنفسها من السيارة وهي مسرعة وعرضت نفسها للخطر نتيجة تقدير خاطيء لتصرف السائق، فمن المؤكد أنه فعل شيئا أرعبها وجعلها تفعل ذلك، وهو بالفعل اعترف في التحقيقات أنه أغلق نوافذ السيارة ورش ما قال عنه إنه معطر، فهذا شيء كافي أن يرعب أي فتاة خاصة أنني كنت احدثها على الهاتف قبل الواقعة وكان السائق متذمرا من طلب ابنتها منه خفض صوت الكاسيت".
 
صدقوا الناجيات
وشددت على أن حبيبة خريجة إعلام وسبق أن حضرت مؤتمر الشباب بحضور رئيس البلاد عبد الفتاح السيسي بترشيح من جامعتها وتعاملت مع إعلاميين وصحفيين كثيرين، كما أنها حصلت على دورات تدريبية في الإعلام و"هي فتاة ليست منغلقة.. وعندها حسن تقدير للموقف".
 
واستطردت أن ابنتها في مجال الديكور تتعامل مع فنيين في الحدادة والنجارة والكهرباء، ولديها خبرة كافية تمكنها من تقدير الموقف، و"طالما أنها فعلت ذلك فمن المؤكد أن هذا السائق فعل لها ما دفعها لذلك".
 
الشركة هي المسؤولة؟
 
قالت والدة حبيبة أن شركة أوبر تواصلت معها، ولكن مسؤولي الشركة أخبروها بأنهم يهتمون حاليا بالحالة الصحية للفتاة، وكذلك ينتظرون نتيجة التحقيقات وما ستسفر عنه.
 
وحملت الأم شركة أوبر المسؤولية "لأنه وفق بيان الداخلية، فالسائق لديه سوابق جنائية ومنها سابقة مخدرات، فكيف تقبل الشركة عمله معها وكيف تستأمنه على من يركبون معه وخاصة من البنات والنساء؟".
 
حقيقة اتصال السيسي
شرحت والدة حبيبة أن "الرئيس عبد الفتاح السيسي كلف مكتبه بالتواصل معنا وبالفعل ابلغونا أن الرئيس مهتم بحالة حبيبة شخصيا، وأنها تخصه ولا تخص أسرتها فقط، وأي شيء تحتاجه فهو موجود، سواء علاج داخل مصر أو خارجها، وبالفعل أرسل بالفعل أطباء لمتابعة حالتها بالمركز الطبي العالمي".
 
وأشارت إلى أن ابنتها موضوعة حاليا على أجهزة التنفس الصناعي فاقدة للوعي والحركة وتعاني نزيفا وارتشاحا بالمخ ولا يمكن إجراء أي تدخل جراحي لها وفق تأكيد الأطباء، وكل ما يفعلونه محاولة وقف النزيف بالمخ ومعالجة الارتشاح لإمكانية التدخل الجراحي بعد ذلك.
 
ونوهت إلى صعوبة تحريكها من مكانها أو نقلها للخارج، "فالوضع بالغ الصعوبة والتعقيد، ونتيجة رسم المخ لها ليست جيدة" حسب تعبيرها.
 
من هو السائق؟
هبة هاشم، الشقيقة الكبرى والوحيدة لسائق أوبر المتهم قالت لموقع "سكاي نيوز عربية" إن شقيقها يبلغ من العمر 34 عاما حاصل على دبلوم فني صناعي قسم تبريد وتكييف، متزوج ولديه 3 أطفال أكبرهم في المرحلة الابتدائية.
 
ولم يتسن نشر اسم السائق، حيث لا تزال التحقيقات جارية ولم توجه له اتهامات رسمية من النيابة العامة.
 
وأوضحت أن السابقة الجنائية لشقيقها تتمثل في أنه حينما كان في عمر 17 عاما كان على البحر في الإسكندرية وقت العيد مع أصدقائه وكانوا يدخنون السجائر، فإذا بشرطي حضر وحرر لهم محضر تعاطي، وفي أحد الأكمنة عام 2012 فوجيء شقيقها خلال الكشف على بطاقته أنه محكوم عليه بالحبس 3 سنوات غيابيا بتهمة تعاطي المخدرات، ولكنه استأنف على الحكم وحصل على البراءة من أول جلسة، و"هذه هي النقطة السوداء الوحيدة في سجله" وفق تعبيرها.
 
وأشارت إلى أن شقيقها أيضا يعاني من إعاقة في يده اليمنى حيث كان يعمل في مصنع للبلاستيك وهو صغير والتهمت إحدى الماكينات إصبعين من يده ومعه خطاب من وزارة التضامن بهذه الإعاقة وهو يعمل سائق في أوبر منذ 7 سنوات ولم تحدث منه أية شكوى.
 
ونوهت إلى أن شقيقها أيضا يعمل سائقا خاصا مع طبيب شهير وهو يعتمد عليه اعتمادا كليا في جميع مشاويره الخاصة والأسرية كذلك.
 
وقالت إن والدها بنى مسجدا في منطقة البراجيل بالجيزة وكان شيخا لهذا المسجد الذي لا زال شقيقها يسكن في العقار الموجود به ومعروف في المنطقة أنه ابن الشيخ هاشم.
 
رواية السائق لشقيقته
قالت هبة إن شقيقها تواصل معها هاتفيا فور وقوع الحادث وأخبرها أنه شعر بالبرد فأغلق النوافذ فوجد رائحة السيارة سجائر لأنه كان يدخن قبل ركوب الفتاة فقام برش معطر ففوجئء بالفتاة تقفز حتى دون أن تطلب منه أن يتوقف لها.
 
واسترسلت إن شقيقها قال لها إنه توقف بعد المكان الذي قفزت فيه الفتاة بمسافة ولكنه وجد الناس تجمعوا حولها فخاف أن يعود لها فيتعرض للضرب فاستكمل طريقه، و"هذا هو الخطأ الوحيد الذي ارتكبه لأنه لو عاد للفتاة كان دفع الاتهامات عن نفسه" حسب تعبيرها.
 
وشددت على أن "زوجة السائق وأهلها لا يصدقون الاتهامات الموجهة له وهم من أحضروا المحامي له ويقفون بجواره في هذه المحنة".
 
وكشفت أن شركة أوبر تواصلت مع زوجة السائق وحصلت على عنوان سكنه بالتحديد بدعوى السؤال عنه في المنطقة.
 
قرارات النيابة
قررت نيابة الشروق شرقي القاهرة حبس السائق المتهم على ذمة القضية وتكليف الطب الشرعي بأخذ عينات منه لتحليل مدى تعاطيه مواد مخدرة من عدمه، وكذلك إرسال المعطر الذي رشه السائق داخل السيارة للتحليل الجنائي، والتحفظ على السيارة لحين انتهاء التحقيقات بالقضية.
 
 بيان من أوبر
كانت شركة أوبر قد أصدرت بيانا عبرت فيه عما وصفتها بحزنها الشديد بسبب ما حدث، مؤكدة أنها تتعاون مع سلطات التحقيق للتأكد من اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة.
 
وقالت الشركة إن الفريق المختص بالاستجابة للحوادث لديها على تواصل مع أسرة الراكبة، وأنها تلتزم دائماً بتوفير رحلات آمنة وموثوقة للركاب، وتحظر إرشاداتها أي عنف أو سلوك غير لائق، ويتم التعامل مع أي تصرف من هذا النوع بكل جدية، وفق البيان.