ياسر أيوب
جاء التلميذ إلى أستاذه يسأل النصيحة والمساعدة فى الوصول إلى النور والحقيقة.. فطلب الأستاذ أن يحدق التلميذ فى الشمس، ثم طلب منه بعدها أن يصف الحقل الذى يقف فيه الاثنان.. فقال التلميذ إن ضوء الشمس أرهق عينيه فلم يعد يرى بوضوح.. فعلمه الأستاذ أن إطالة التحديق فى الضوء تحجب الرؤية.. وتقل المعرفة أو الفهم كلما زاد الاقتراب.
وحكايات ودروس أخرى تضمنها كتاب بعنوان مكتوب تم طرحه أمس الأول فى المكتبات الأمريكية والإنجليزية والأسترالية للأديب البرازيلى العلمى باولو كويلو.. ورغم أن هذا الكتاب عبارة عن حكايات وقصص ودروس كتبها باولو منذ 1994 وتمت ترجمتها لأكثر من لغة إلا أن الترجمة الإنجليزية لم تتم إلا مؤخرا.. وإن حاولت تطبيق ما كتبه باولو عن درس الأستاذ للتلميذ بشأن الضوء والاقتراب على باولو نفسه.
فلن أجد أفضل من كرة القدم.. ففى مونديال 2006 الذى استضافته ألمانيا.. وعلى الرغم من أن باولو يحمل تحت جلده مفاتيح عشق كرة القدم كأى برازيلى.. لكنه كان أول مونديال يحضره باولو بعد أن دعاه الفيفا بصفة شخصية.. فقد نجح باولو ككاتب له العديد من الروايات والكتب التى تمت ترجمتها إلى 80 لغة.. وأصبح من قليلين يقرأ لهم العالم بعدما عاش فى شبابه قمة الفوضى والاستهتار وإدمان المخدرات، واضطرت أسرته لإدخاله مصحة نفسية ثلاث مرات.
وأعاد الأديب العالمى فى مونديال ألمانيا اكتشاف سر وسحر كرة القدم وقوتها أيضا.. وأطال باولو بعد المونديال الكتابة عن الكرة بعد أن اقترب منها كثيرا تماما مثلما اقترب التلميذ فى مكتوب من ضوء الشمس.. واحتاج باولو عشر سنوات كاملة ليتغير ويعارض استضافة بلاده لمونديال 2016 ولم يقبل حتى أن يعود من أوروبا للبرازيل لمشاهدة أى مباراة فى هذا المونديال.
وشرح باولو بعدها السبب، وأنه يرفض حرص وسعى ورغبة أى بلد فى استضافة المونديال وأى بطولات ودورات رياضية طالما هناك أولويات تسبق هذه الاستضافة وأهم منها.. وهو أمر لم يره باولو حين اقترب كثيرا وجدا من كرة القدم بحيث لم يعد يرى الحقيقة.. ثم عاد ورآها بوضوح بعدما ابتعد قليلا.. ولم يعد باولو مقتنعا بصحة حرص بلدان كثيرة تعانى أزمات اقتصادية على استضافة بطولات رياضية دون داع أو ضرورة أو فائدة حقيقية لمجرد التباهى بتلك البطولات.
أو لأن هناك مسؤولين رياضيين يكذبون حين يزعمون أنهم يريدون هذه الاستضافة من أجل بلادهم، بينما الحقيقة هى أنهم يجرون وراء مصالحهم الخاصة.. وأظن أن هناك كثيرين لابد أن يتعلموا هذا الدرس.. وأن يبتعدوا قليلا حتى يروا الحقيقة.
نقلا عن المصرى اليوم