د.أمير فهمى زخاري المنيا
"الضنا غالي" لكن «إن جالك الطوفان حط ولدك تحت رجليك»،
و«كلنا ولاد تسعة» لكن «الناس مقامات»،
هذا بعض مما يعانيه مجتمعنا من الانفصام والتناقض الشديد في الأقوال، فقد أصبحت الازدواجية في التفكير والمعايير والآراء شعار الكثيرين.
قد يكون ذلك بسبب تناقض الثقافة التي نعتمد عليها في فهم الحياة، والتي تعد الأمثال الشعبية من أهم مناهلها المتميزة بالتناقض، حيث يعتمد عليها قطاع كبير من الناس.
وإليكم بعض الأمثلة وتناقضها...
+ تحرك بسرعة ولا تتحرك بسرعة:
١- تشجعك الأمثال على السعي لزيادة الرزق لأن «الرزق يحب الخفيّة»، لكن سعيك لن يزيدك شيئًا «اجري يابن آدم جري الوحوش غير رزقك لن تحوش»، و«اللي من نصيبك.. يصيبك».
٢- ولابد أن تسرع؛ لأن «اللي سبق.. أكل النبق»، لكنك ستتعب نفسك بلا فائدة؛ لأن «قيراط حظ ولا فدان شطارة».
٣- إذا كنت تريد أن تقوم بأمر فلا تتأخر؛ لأن «حلاوتها في حموتها»، لكن تأخّر و«اتقل ع الرز عشان يستوي».
٤- وإذا أقدمت على فعل الخير فلا تتأخر؛ لأن «خير البر عاجله»، لكن «كل تأخيرة وفيها خيرة».
٥- حاول دائمًا أن تتحرك؛ لأن «كل حركة وفيها بركة»، لكن احذر أن تتحرك لأن «اللي يخرج من داره.. يتقل مقداره».
+ افعل الخير ولا تفعل الخير:
١- ترشدك الأمثال الشعبية إلى فعل الخير دون انتظار مقابل؛ «اعمل الخير وارميه في البحر»، لكن «خير تعمل شر تلقى» و«أخرة المعروف.. ضرب الكفوف».
٢- ومن وجوه الخير أن تساعد في إتمام علاقة الزواج؛«يا بخت من وفّق راسين في الحلال»، لكن احذر و«امشي في جنازة ولا تمشي في جوازة».
٣- ولا تكن بخيلاً، وكن حريصًا على أن «تصرف ما في الجيب.. ليأتيك ما في الغيب»، وابخل بمالك لأن «القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود».
+ نصائح وعكسها:
١-إذا كنت مقدمًا على الزواج فالأمثال تنصحك وتحذرك «حاسب قبل ما تناسب»، لكن لا يفيدك التحذير لأن «مراية الحب عامية».
٢- ولو أردت أن تعيش مع من تحب فالقرب لا يزيد الأشواق؛ «ابعد حبة تزيد محبة»، وفي الوقت ذاته لا تبعد لأن «اللي بعيد عن العين بعيد عن القلب».
+ ومن النصائح الأخلاقية التي تقدمها لك الأمثال:
١- «الطمع يقل ما جمع»، لكنها تشجعك على الطمع؛ «إن عشقت اعشق قمر وإن سرقت اسرق جمل».
٢- التربية وعدم التربية
يجب أن تصنع الأمر بنفسك؛ لأن «اللي ربى خير من اللي اشترى»، لكن يجب عليك أن تعلم أن «شراية العبد ولا تربيته».
٣- وتؤكد الأمثال أن صلاح السلف لا يكفي لصلاح الخلف حيث «يخلق من ظهر العالِم فاسد»، وأيضًا فساد السلف لا يتبعه بالضرورة فساد الخلف؛ فمن الممكن أن «يخلق من ظهر الفاسد عالِم».
٤- واحرص على حماية أولادك لأن «الضنا غالي»، لكن «إن جالك الطوفان حط ولدك تحت رجليك».
٥- وتعلّم أن الناس سواسية لأن «كلنا ولاد تسعة»، لكن «الناس مقامات».
+ أمثال متناقضة أخرى:
١- إذا أتاك زائرون بمنزلك فاستبشر لأن «الخير على قدوم الواردين»، لكن احذر وقل «يا قاعدين يكفيكوا شر الجايين».
٢- يؤكد المثل أن «النار ما تحرقش مؤمن»، لكن لو أحرقته -على خلاف المثل- فهذا أمر طبيعي لأن «المؤمن منُصاب».
٣- وإذا كنتِ غير راضية عن جمالك فلا تيأسي، فالمثل يقدم لك الحل «لبّس البوصة تبقى عروسة»، لكن على العكس تمامًا و«إيش تعمل الماشطة في الوش العكر».
٤- لا تتشاءم إذا وقعت القهوة منك لأن «دلق القهوة خير»، لكن لا تكن من الذين «دلقوا القهوة من عماهم و قالوا الخير جاهم».
٥- الحصول على السعادة قد يتوقف على جيرانك؛ لأن «من جاور السعيد يسعد»، لكن إذا كان «أبوك البصل وأمك التوم.. منين لك الريحة الحلوة يا مشؤوم».
٦- ورغم أن «الغايب حجته معاه»، إلا أن «الغايب مالوش نايب».
٧- ويجب احترام التخصص في العمل، لذلك «إدي العيش لخبازه»، لكن التخصص لن يفيدك لأن «باب النجار مخلع».
٨- ويواسيك المثل بالصبر «ياما دقّت ع الراس طبول»، لكن احذر دق الطبول لأن «خبطتين في الراس توجع».
رغم تناقض الأمثال الشعبية إلا أنها تبقى رافدًا مهمًا من روافد الثقافة العامة، وما عليك سوى أن تقتنع بأن الاختلاف ليس عيبًا و«خالف تُعرف».
تحياتى...
د.أمير فهمى زخاري المنيا